كيف يبر الإنسان والديه بعد وفاتهما..؟ الإفتاء تجيب
فاطمة هشام محطة مصربر الوالدين في القرآن:
يقول الله تعالى في محكم آياته: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۞ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23، 24].
إن بر الوالدين والإحسان إليهم من أهم الواجبات التي افترضها الله لعباده وأكد عليها في مواطن عديدة في القرآن الكريم، بل وقرن طاعتهما وبرهما بعبادته سبحانه وتعالى: كما قرن سبحانه وتعالى عقوقهما بالشرك به جل في علاه، يقول تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: 36].
اقرأ أيضاً
- «الإفتاء» توضح حكم زيارة المرأة قبر زوجها.. وتفسر حديث «لعن الله زائرات القبور»
- معتقدات أخرى.. كيف ينظر الإسلام إلى الديانات السماوية؟
- هل يشترط الوضوء عند ذكر الله.. الإفتاء تجيب
- الإفتاء توضح حكم مس المصحف دون طهارة
- خدمة أمك عليك.. الإفتاء تحسم الجدل بشأن خدمة زوجة الابن لوالدة الزوج
- جماع الزوجين في الحمام حلال أم حرام؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل | صور
- هل العادة السرية من أنواع الزنا؟.. الإفتاء تجيب
- هجرني زوجي عامين ثم طلقني فهل علي عدة؟.. «علي جمعة» يجيب
- ”نفوس مريضة”.. الإفتاء تعلق على تبرير التحرش بملابس المرأة
- مفتي الجمهورية عن حكم ترك السلام باليد: «واجب شرعي»
- قتل للبراءة.. الإفتاء توضح حكم التحرش بالأطفال
- حلال أم حرام .. «الإفتاء» توضح حكم تعطر المرأة خارج المنزل
ولا تقف أهمية بر الوالدين على هذا الحد بل يستمر الله جل في علاه في إعلاء أهمية بر الوالدين وشكر أفضالهم، حتى قرن سبحانه وتعالى الشكرَ لهما بشكره سبحانه وتعالى بقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك﴾ [لقمان: 14].
بل أمر الله الإنسان بالإحسان لوالديه مهما فعلا حتى لو طلبا منه أن يشرك بالله فلا يجوز له أن يهجرهما أو يعقهما، بل عليه أن يصحبهما في الدنيا معروفًا دون أن يطيع أمرهما بالشرك، فيقول تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15].
وحينما أراد الله امتداح نبيه يحيى عليه السلام، قال عنه أنه كان بارًا بوالديه، وكأن أصل المكارم والخير كله في بر الوالدين، يقول تعالى: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم: 14].
هذا بعض ما ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تحث على بر الوالدين.
بر الوالدين في الأحاديث النبوية الشريفة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ أحَدَهُما أوْ كِلَيْهِمَا، فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ».
ومع هذا لا يزال بعض المسلمين يعق والديه، رغم أن الله سبحانه وتعالى نهى عن عقوق الوالدين، وجعل عواقبه شديدةً ووخيمةً؛ ففيه عقوبة في الدُّنيا قبل الآخرة؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: (بابانِ مُعجَّلانِ عُقوبتُهما في الدنيا: البَغْيُ، والعقُوقُ)
كما أن عقوق الوالدين مانعٌ من دخول الجنَّة؛ روى النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: (ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى).
ومع هذا قد يتوب البعض ويدرك حجم الذنب الذي وقع فيه بعقوقه لوالديه ولكن قد يحدث هذا بعد فوات الأوان وموت والديه، وبشأن هذا الأمر ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، ونص هذا السؤال:
"كنت عاقًّا لأبي في شبابي، ولم أشعر بقيمته إلا بعد وفاته، وبعد أن رزقني الله نعمة الأولاد؛ كيف أبر والدي بعد وفاته؟ وهل ينفعني هذا؟"
وأجاب مفتي الديار المصرية الأستاذ الدكتور/ شوقي إبراهيم علام على هذا السؤال على صفحة دار الإفتاء المصرية الرسمية، ووضح في إجابته فضل بر الوالدين وعقوبة عقوقهما.
كيف يبر الإنسان والديه بعد موتهما..؟!
وأوضح في إجابته كيف يمكن لمن توفي والداه أن يبرهما بعد وفاتهما.
- يجب الإنسان في حالة توفي والداه أن يكثر من الدعاء والاستغفار لهما؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٤].
- كما أن عمل الإنسان في الدنيا ينقطع عند موته إلا في حالات بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَة..» وذكر منها: «وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».
- ترتفع درجات الوالدين عند استغفار أحد أولاده له، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ترْفَع للميت بعد موته درجة، فيقول: أي رب، أي شيء هذه؟ فيقال: ولدك استغفر لك".
- ومن أهم أعمال بر الوالدين بعد وفاتهم الوفاء بوصيتهما التي أوصايا بها، وإذا عاهد أحد الوالدين عهدًا يجب على الأبناء الإيفاء بهذا العهد.
- ومن صور البر أيضًا أن يصل الإنسان رحم والديه ويحسن إليهم.
- تعد الصدقة من أهم صور البر التي يجب أن يحافظ عليها الأبناء ويهبوا ثوابها لآبائهم خاصة إن كانت صدقة جارية فثوابها أعظم وأدوم، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمي تُوُفيَتْ، أينفعها إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: «نَعَمْ»، قال: فإن لي مَخْرَفًا، فأنا أشهدك أني قد تصدقت به عنها.
- كما يجب على الإنسان أن يدوام على قراءة القرآن لوالديه.
- كما يجب على الأبناء قضاء صوم النذر أو الكفارة عن والديهما؛ فعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ».
- وكذلك زيارة قبرهما؛ فعن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً» رواه أبو داود والبيهقي في "سننهما".
وبناءً على ما ذكره حضرة المفتي من صور بر الوالدين بعد وفاتهما، فالإجابة على صاحب السؤال وغيره من الحالات المماثلة أن على الإنسان أن يتوبَ إلى الله تعالى، ويندم على ما فعل، ويكثر من الاستغفار، والدعاء لوالده بالرحمة والعفو والمغفرة، وأن يكثر من زيارته في قبره والصدقة عنه، وأن يقرأ القرآن الكريم أو شيئًا منه ويهب ثوابه له، ويصل أقاربه وأصدقاءه؛ لعلَّ الله تعالى أن يخفف عنه بذلك ما سبق من عقوق لوالده.
إقرأ أيضًا:
«الإفتاء» توضح حكم زيارة المرأة قبر زوجها.. وتفسر حديث «لعن الله زائرات القبور»
هل يشترط الوضوء عند ذكر الله.. الإفتاء تجيب
علامات الحسد في البيت وطريقة علاجه بالقرآن
هل تصح الطّهارة من الجنابة دون أن يصل الماء لبشرة الرأس؟ الإفتاء تجيب