«الإفتاء» توضح حكم زيارة المرأة قبر زوجها.. وتفسر حديث «لعن الله زائرات القبور»

يعد الزواج هو الرباط المقدس الذي يباركه الله، والذي افترضه لعباده ليعيشوا مع بعضهم البعض، فقد خلق الله آدم وخلق له زوجه حواء لتكون سندًا له وسكنًا ومؤنسًا في الجنة وعلى الأرض، وجعل الله الزواج آية من آياته في الحياة الدنيا، بل قد يجتمع الزوجين في الدنيا وفي الآخرة إذا كانا من أهل الجنة معًا، يقول تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

ويجب أن يبنى الزواج على الرحمة والمودة والاحترام المتبادل حتى تستمر العشرة بالحسنى، والكثير من الأزواج يعيشون بسعادة مع بعضهم في الدنيا، ولكن ماذا يحدث حينما يموت أحد الزوجين، ويرغب الآخر بزيارة قبره والدعاء له.

ربما نعلم جميعًا أن زيارة القبور جائزة شرعًا للرجال، ولكن قد يتساءل البعض ما حكم زيارة الزوجة لقبر زوجها؟. 

 

وقد أجاب الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية بالفعل على هذا السؤال على صفحة دار الإفتاء الرسمية، وسينقل لكم موقع محطة مصر نيوز إجابته.

استحباب زيارة القبور:

ذكر فضيلة المفتي شوقي علام في بداية إجابته استحباب زيارة القبور وكيف رغب فيها الشرع الشريف وذلك لأن زيارة القبور تذكر الإنسان بالموت والآخرة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (زُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ).

وفي حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم، رواه ابن بريدة عن أبيه رضى الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (نهيْتكمْ عنْ زيارة الْقبور، فزوروها؛ فإنّ في زيارتها تذْكرة).

 

حكم زيارة القبور للنساء:

وحكم زيارة النساء للقبور جائز شرعًا مثلها مثل الرجل يتساويان في حكم زيارة القبور وذلك ما اجتمع عليه جماهير العلماء والفقهاء، حيث لا يوجد دليل على تخصيص زيارة القبور للرجال فقط.

ومن الأدلة على جواز زيارة النساء للقبور ما ذكره عبد الله بن أبي مليكة، أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها: يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: "نعم، كان قد نهى، ثم أمر بزيارتها".

وبهذا الأمر نستدل أنه يجوز للمرأة زيارة قبر زوجها أو أبيها أو ابنها أو أي قبر فليس في ذلك أي حرمة.

ومن الأدلة التي يمكن الاستشهاد بها على حكم جواز زيارة النساء للقبور ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بامرأة تبكي عند قبرٍ، فقال: «اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي» قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى» متفق عليه.

لعن الله زائرات القبور:

يستشهد الكثير من الناس بحديث لعن الله زائرات القبور للاستدلال على حرمة زيارة القبور للنساء، وفي هذا الأمر نقول ما قاله ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 221):

(فدخل في عموم ذلك الرجال والنساء، وما روي من أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لعن زوَّارات القبور، معناه عند أهل العلم: أنَّ ذلك كان قبل أن يرخص في ذلك، فلما رخص فيه دخل في الرخصة النساء مع الرجال) اهـ.

وبهذا فإن حكم زيارة القبور للنساء هو أنه جائز شرعًا وهذا ما اتفق عليه جموع العلماء والفقهاء.

وبناءً على ذلك: فيجوز للزوجة أن تزورَ زوجها المتوفَّى من باب الوفاء والبر به والدعاء له، ولكن عليها أن لا تظهر جزعًا أو سخطًا.

 

إقرأ أيضًا:

«الإفتاء» توضح حكم اتباع المذاهب الأربعة

حكم وصية الميت ألا يقف شخص ما على غسله.. الأزهر يجيب

هل يشترط الوضوء عند ذكر الله.. الإفتاء تجيب