عظمة على عظمة يا ثومة ...حدث في باريس
نيرمين حسين محطة مصرفي وقت ما قرر "كوكاتريكس" مدير مسرح الأوليمبيا اشهر مسارح باريس ، أن يأخذ جولة في بلاد المشرق العربي، يسأل فيها عن أصوات تستحق أن تقف على خشبة هذا المسرح العريق ، حتى وصل إلى مصر، والتقى وزير ثقافتها آنذاك ثروت عكاشة، الذي لم يتردد في اقتراح اسم "أم كلثوم" عليه.
قرر"كوكاتريكس" أن يلتقي بأم كلثوم شخصيا، في منزلها الكائن بالزمالك، ليقدم عرضه إليها، فوافقت مشترطة أن تحصل على مبلغ يعادل 14 ألف استرليني، وهو رقم لم يحصل عليه فنان قبلها وقف على مسرح يديره ، لكن ما سمعه عنها يكفي لكي يوميء رأسه بالموافقة، مقررًا أن يعوّض هذا التكلفة برفع أسعار تذاكر الحفل.
اقرأ أيضاً
- ننشر البيان المُشترك الصادر عن اجتماع باريس حول عملية السلام في الشرق الأوسط
- وزير الخارجية يلتقي نظيره الالماني في باريس
- رسميًا..نيمار يغيب عن موقعة برشلونة فى دوري الأبطال
- ”أم كلثوم ” تظهر من جديد على مسرح العرائس
- الموجي.. قصة صراع مع أم كلثوم و”حليم” سرق مكانه
- ريال مدريد يكشف خدعة باريس لـ”مبابي”
- مؤشر جديد يعزز طموحات الريال في صفقة مبابي
- عرض فيلم ”ليلة عابرة” الليلة في باريس
- الدوري الإسباني.. برشلونة يهاجم قادش بـ ”ميسي” و ”جريزمان”
- الدوري الإسباني.. برشلونة يستضيف قاديش اليوم
- ” ليلة عابرة” في العروض الرئيسية للملتقي العالمي باريس - برلين
- الحكومة الفرنسية لـ”مبابي”: ابق هنا..نحن نحتاجك
شهران عقب الاتفاق وتشهد مصر نكستها، يومها ضرب مدير المسرح كفا على كف، فكيف لامرأة أن تخرج من وطنها المطعون في كرامته لتغني وسط الآلاف! وكيف لجمهورها العربي أن يقبل فكرة حفلٍ ساهر في ظل هذا الجراح الغائر! كما أنه لم يعد في إمكانه إلغاء الحفل، بعد تحمل أعباء التحضير، وتكاليف طباعة التذاكر والدعاية.
بعد خمسة اشهر من نكسة يونيو 67 اجرى مدير مسرح الاوليمبيا ، اتصالا بام كلثوم ليستفسر بعن موقفها بعد ما حدث، فتخبره أنها لم تغير رأيها، ماضية في اتفاقها حسب المبلغ الذي طلبته ووافق عليه.
وصلت ام كلثوم لباريس قبل موعد الحفل بأربعة ايام ولكن الوضع كان أسوأ من المتوقع، لانه لم يجرؤ احد على ان يضحى بمبلغ كبير بشراء تذكرة الحفل لاعتقادهم حتى اللحظة الأخيرة أنها ستعتذر.
وانقاذا للموقف طلب "كوكاتريكس"من التلفزيون الفرنسي أن يستضيف أم كلثوم في لقاء حصري، وهو ما تم بالفعل، ليفاجىء مدير المسرح بطوابير من مئات البشر تقف أمام شباك تذاكر المسرح طالبةً شراء تذكرة، تأكد الجميع ان كوكب الشرق سوف تغني لأول مرة بعد النكسة وهو حدث لم يشهده في مسرحه من قبل.
ومن عجائب ماحدث ان أحد الأثرياء العرب طلب حجز مقعد في الصف الأول وعرض على عاملة الشباك مبلغ 5 آلاف فرنك، وبعد تأكيدها على أن الصف الأول محجوز لم يجد وسيلة سوى رفع سلاحه في وجهها، ليتدارك مدير المسرح الموقف بالإنفراد بالرجل وإخباره أنه سيوفر له المكان المطلوب، اضافة الى إقدام أكثر من 55 يهوديا على شراء تذاكر أم كلثوم.
في يوم الحفل تقدم جلال معوض لتقديمها فاخذه الحماس قائلا :
"اليوم تغني أم كلثوم في باريس...وغدا تغني في القدس"
فانزعج المدير وذهب الي ام كلثوم ليخبرها بانزعاجه وان الحدث ليس مناسبة سياسية لنتحدث عن القدس .
فكان رد ام كلثوم :لا يا استاذ نحن في مناسبة وطنيه وانا اغنى من اجل بلدي وايراد هذه الحفلة سيذهب الي المجهود الحربي وعموما وحتى ارفع عنك الحرج انا متنازلة عن اتفاقنا و من الممكن الا أغنى لو هناك اصرار علي رأيك ،فأسقط في يد الرجل ولم ينطق سوي كلمة واحدة "موافق".
عندما فتح الستار اتنتفضت الصالة بكل من فيها، في تصفيق متواصل،وهتاف لا ينتهى لمدة سبع دقائق.
قدمت ثومة في وصلتها الأولى من الحفل أغنية أنت عمري وفى وصلتها الثانية تغنت بالاطلال لتنهى سيدة الغناء العربي حفلتها بأغنية بعيد عنك،في نهاية الحفل طالب الجمهور إدارة المسرح بفتح الستار ليلقوا نظرتهم الأخيرة عليها، وبالفعل فتحت الستار، ليقفز أحدهم على الخشبة في لحظة خاصة ونادرة وثقتها عدسات الكاميرات، قام فيها بتقبيل يد ثومة .
ارسل لها شارل ديجول رئيس فرنسا آنذاك، يقول فيها:" مرحبا بك فى فرنسا حققتى نجاحاعظيما" ولمن يعرف ديجول جيدا، فإنه نادرا ما يفعل ذلك مع مطرب، بل ربما أم كلثوم هي الوحيدة.
تحدثت عنها جريدة "لوموند" فقالت "عندما تغني آلهة الفن المصري أم كلثوم تهتز الرؤوس من شدة النشوة، كما تهتز أغصان النخيل على النيل"، وأضافت "حققت للمسرح أكبر دخلٍ في تاريخه الطويل".
هكذا تحدثت مصر ليصمت العالم و"عظمة على عظمة يا ثومة"