العدل في الميزان
رشا سلامة محطة مصر
خلق الله الدنيا بميزان وخلق الانسان ايضا بميزان وجمع به اثنين لا يجتمعان لولا الميزان وهما الروح والجسد. الروح التي نفخها من روحه المقدسة لنظل علي صلة به من الارض الي السما، الروح التي تحمل الدعوات والشكر والاستغفار واهات المظلومين، والجسد الذي خلق ليتعامل مع الدنيا ويعمرها،جمع بينهما بعدل ليعيشا سويا في الدنيا الي ان تفنى. وكان من اياته عدله وحرصه علي الانسان ان سخر كل خلقه ليخدمه ويساعده في حياته وليقوم بدوره وهو عبادته، وهو الشيئ الوحيد الذي نحن مسخرون له وان استنفذت كل قوانا. كل شيئ بعده هو زينة تستخدمها بقدر ونحبها بقدر ونجمعها بقدر.
اقرأ أيضاً
هذا هو اساس القوانين الربانية في تعامل الانسان مع نفسه او مع من حوله من باق جنسه او بقية خلق الله، فمن اين لنا بقوانين اخرى؟!. لم نخلق من اجل ان نبذل جهدنا ووقتنا في العمل وجني المال وتحقيق بما يسمى "بالتارجت" في الوظيفة وان نموت من اجل تحصيل مصاريف مدارس ونوادي بعينها حتى لا نكون اقل من غيرنا، ويجب ان نفعل ذلك وباقصى سرعة، لم نخلق لنرضي المدير وصاحب العمل ونحقق له ارباحا فنعمل بقوانين الماكينات لا البشر، فتكون النتيجة ان تمرض نفوسنا واجسادنا ويدفع هذا البعض الي الانتحار وصفا لكثرة العمل بشكل غير معقول او فعلا بانهاء الحياة مثلما فعل نور الدين عاشور.
نور الدين رحمة الل عليه، الموظف والاب الذي كسر قلوبنا بانتحاره داخل محل عمله، الذي بدلا من ان يهدي له حياة كريمة اهدى له الموت وتحول الي مقبرته، وهي نتيجة طبيعية لضغط مدير يفتقد للمهنية والانسانية نصب له فخا ليجبره علي الاستقالة ويحرمه من ارباح السنة، وهي بالمناسبة خطط المديرين كافة حينما برغبون في التخلص من موظف لاسباب لا تتعلق بقدرته المهنية لاننا جميعا نكتسبه مع الوقت بما فينا المديرين انفسهم، لكن لاسبابا تخص الشركة واتفاقات "تحت الترابيزة" ووشايات العمل القذرة، التي يذوب امامها قيمة الانسان التي رفعها رب الكون جل جلاله، التي لا يهون عليه أنآته وشكواه لكن تهون علي قساة القلوب.
اذا اراد صاحب العمل او المدير ان يحقق "تارجته" فليضاعف عدد الموظفين لا عدد ساعات العمل، او يستخدم انسانا آليا، هو الوحيد القادر علي تنفيذ اوامره بقوانينه، اما الموظف،، الانسان،، البشر فيعمل بقوانين ربه فقط التي لا تعرف "التارجت".