«أسبوع النقاد» الموازي لمهرجان القاهرة السينمائي.. بين الحذف والإضافة
د. أمل الجملبدأ تقليد تنظيم «أسبوع النقاد» الموازي لفعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أثناء تولي الناقد السينمائي الراحل سمير فريد رئاسة المهرجان القاهري العريق خلال عامي ٢٠١٣ و٢٠١٤، وذلك علي غرار ما يحدث في المهرجانات الدولية الكبرى مثل كان وفينيسيا وبرلين. هكذا دوما كان سمير فريد طموحاً يتطلع لتنظيم مهرجانات مصرية بملامح دولية لا تنفي عنها مصريتها وأصالتها.
وكان «الأسبوع» الذي تنظمه جمعية نقاد السينما المصريين - بالتعاون مع مهرجان القاهرة - لا يقتصر على عرض الأفلام السبع المختارة، لكنه كان يقوم بإعداد كُتيب عن «الأسبوع» يتضمن مقالات تحليلية مهمة عن تلك الأفلام، بالإضافة إلى تنظيم حلقة بحث كبيرة يُشارك فيها العديد من الباحثين والسينمائيين. لكن في الدورات الأخيرة اختفى الكُتيب، وكذلك حلقة البحث، ويبدو أن الأمر يتوازى مع إلغاء الإصدارات السينمائية من المهرجان القاهري الذي اكتفى بكتابين للمكرمين المصريين، وهى خطوة تُحسب ضد المهرجان و«الأسبوع» معاً، وإن كان يحسب لهما أن «الأسبوع» أصبح يُقدم جائزة مالية في هذه الدورة.
اقرأ أيضاً
- سر السعادة.. دراسة تكشف المفعول السحري لـ 10 غرامات من الشوكولاتة
- عامر حسين يعتمد تشكيل الأجهزة الفنية لمنتخبات الناشئين بمنطقة الاسكندرية
- الرئيس الروسي يحذر من «إبادة جماعية» في أوكرانيا
- المصيلحي: توجيهات لمديريات التموين بالمحافظات الساحلية لمتابعة المخزون الاستراتيجي
- وزير التعليم العالي يلتقي نظيره المالديفي لبحث سُبل التعاون العلمي
- محمد ممدوح .. الموهبة قبل النجومية
- كيا سبورتاج وهيونداي توسان يتصدران مبيعات السيارات الكورية
- المري: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أهم الإنجازات التي توصل إليها المجتمع الدولي
- خصم 50% على تغيير زيت الـ10 آلاف كم لنيسان
- هيونداي توسان XRT موديل 2022 بشكل أكثر جرأة وقوة
- فاركو يفاوض نجم مفاجأة في الأهلي لضمه في يناير
- بيراميدز يترقب موقف الأهلي لضم محمود كهربا
شارك هذا العام في «أسبوع النقاد» سبعة أفلام تمثل دول عديدة من حيث الإنتاج، هذا بخلاف أن هذه الدول هي من أربع قارات مختلفة، وذلك لتحقيق التنوع الذي يحرص عليه المهرجان سنويا وفق تصريح مدير الأسبوع. كان من المفترض أن تكون جميع الأفلام المشاركة تُعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم يسبق عرضها سوى في الأقسام الرسمية لعدة مهرجانات كبرى، والتي منحت بدورها بعض هذه الأفلام جوائز هامة، لكن اتضح لاحقاً أن فيلم «الغريب» للمخرج الفلسطيني أمير فخر الدين كان قد عرض بافتتاح مهرجان «أيام فلسطين السينمائية» يوم ٣ نوفمبر الماضي.
الزميل الناقد السينمائي أسامة عبد الفتاح، مدير أسبوع النقاد الدولي نفى معرفته بالأمر، وإن كان يغفر له المستوى الفني والفكري للفيلم - وكذلك وجود الممثل الكبير محمد بكري - والذي جعله يقتنص الجائزة الكبرى التي تحمل اسم شادي عبد السلام لأحسن فيلم بمصر، كما أنه يمثّل فلسطين في منافسات «الأوسكار» ٢٠٢٢، وكان عرضه العالمي الأول بمهرجان فينيسيا الدورة الثامنة والسبعين، وحصل على جائزة هناك.
بلغة شاعرية وجماليات سينمائية تستند علي التأمل يحكي الفيلم عن فكرة الاغتراب الذي يعانيه مواطن من الجولان السوري المحتل في ظل واقع الاحتلال والعزلة عن الوطن الأم، وذلك من خلال شخصية طبيب تربطه علاقة متوترة بوالده. تدور الأحداث في قرية صغيرة في هضبة الجولان المحتلة، طبيب بائس وبلا رخصة عمل يعيش أزمة وجودية، تأخذ حياته منعطفا آخر غير محظوظ عندما يواجه رجلا أصيب في الحرب في سوريا، متحديا كل توقعات المجتمع في أوقات الحرب والأزمة الوطنية، يغامر بالخروج لتلبية مصيره الجديد.
أما الفيلم الفائزة بجائزة لجنة التحكيم - وتحمل اسم الناقد السينمائي المهم فتحي فرج - فحصدها فيلم «الجذور البرية» للمخرجة هجيني كيس Hajni Kis - من إنتاج المجر وجمهورية السلوفيك. أثناء الأحداث نعايش علاقة مرتبكة ومفعمة بشغف طفلة على أبواب المراهقة تبحث عن وسيلة للتقرب من أبيها العنيف المتورط في كثير من المشاكل بعد خروجه من السجن. كان الأب قد تسبب في وفاة زوجته الشابة إثر حادث وقع لهما. كان يقود السيارة وتشاجرا بسبب غيرته العمياء. سيتورط في مزيد من المشاكل بسبب عصبيته وإدمان الكحول والشعور بالذنب. عندما يتم الإفراج عنه يزور الجدة التي تربي الطفلة لكنها تحذره من الإقتراب منها، مع ذلك تصير الطفلة مولعة بأبيها كأنه بطلها فتظل تطارده كما يطاردها في أحلامها. هنا تبدأ الدراما القوية. تبحث عنه وتتبعه، وحين يلتقيان تفتح لنفسها في قلبه باباً لن يستطيع إغلاقه أبداً، وسنكتشف لأول مرة الجانب العاطفي الرقيق المتفجر في شخصية هذا الرجل، الذي كان يبدو عصبي وعدواني، أثناء إدارة علاقتهما.
رغم ما سبق، كان لايزال لدي بعض التساؤلات التي وجهتها لمدير «أسبوع النقاد» أسامة عبد الفتاح، التساؤلات لا تقلل من قيمة هذا الجهد المبذول في تنظيم «الأسبوع» واختيار أفلام قيمة، لكن الهدف من التساؤلات أساساً توضيح بعض الأمور للقاريء، مع التمنيات بأن تُسهم في دفع الأسبوع للأمام.
الملاحظ أنكم قدمتم جائزة مالية هذا العام .. كيف نجحتم في تحقيق ذلك؟ وهل هناك طموح لرفع الجائزة المالية؟
- لست مختصا بالنواحي المالية والإدارية بطبيعة الحال، ولا أعرف تفاصيل التوصل للجائزة، لكن المؤكد أنني طالبت بتخصيصها من حصيلة مشاركات الرعاة معنا، ووعد رئيس المهرجان بذلك بمجرد تحسن الظروف الصعبة التي سادت بسبب انتشار كورونا، وقد كان.
لاحظت أيضاً أن الأسبوع يعرض 7 أفلام، لكنها كانت تمثل دول عديدة من حيث الإنتاج، هذا بخلاف أن هذه الدول هي من أربع قارات مختلفة، فهل فكرة الحرص على الإنتاج المشترك كانت في ذهنك أثناء الاختيار أم أنها مصادفة؟ كذلك التنوع بين أربع قارات كان مقصود أم صدفة؟
- لست حريصا على الانتاج المشترك على الإطلاق، لكن معظم الأفلام حول العالم حاليا تُصنع بالإنتاج المشترك وتتعدد جهات دعمها، ما أنا حريص عليه بحق هو التنوع حتى أقدم للمشاهد ما يشبه البانوراما للإنتاج العالمي وما وصلت إليه صناعة السينما في كل مكان، أسعى إليه لكن لا أصر عليه، بمعنى أن المعيار الرئيسي للاختيار يظل الجودة، وإذا اقترنت بالتنوع يكون ذلك مثاليا.
إذن، ما هو معيار اختيار الأفلام في أسبوع النقاد؟
- حرصت، إلى أبعد درجة، على الاختيار بعين الناقد لا المبرمج الذي قد يغريه اسم كبير لمخرج أو ممثل أو فرصة للحصول على عرض عالمي أول.. وأعرف أنه لا يوجد، بالتأكيد، ما يُسمى باختيارات أو ذائقة النقاد في السينما، لأن كل شيء نسبي ولا يوجد أي مطلق، لكن ما تم التعارف عليه في أسابيع النقاد بالمهرجانات السينمائية الدولية أن يكون هناك إعلاء للقيم والمعايير الفنية على حساب أي توازنات أو شروط أو حسابات قد يتم إجراؤها أو مراعاتها في الأقسام والبرامج الأخرى، وأن تميل الاختيارات إلى السينما البحتة وروح التجريب والاختلاف عن السائد
-
هذه الأفلام المشاركة، تعرض - باستثناء «الغريب» - للمرة الأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ لم يسبق عرضها سوى في الأقسام الرسمية لعدة مهرجانات كبرى، والتي منحت بدورها بعض هذه الأفلام جوائز هامة…. لكن السؤال لماذا لم يكن عندكم عرض عالمي أول؟
- هذه مجرد مصادفة، وفي كل عام تكون التركيبة مختلفة عن سابقيها، وكما قلت لا يغريني العرض العالمي الأول إلا إذا اقترن بالجودة والتميز.
لماذا تركت أفلام عرض عالمي أول مثل «قدحة» أو «انهيار الجدران» لمسابقة آفاق السينما العربية؟
- "انهيار الجدران" لم يكن يصلح لأسبوع النقاد لأنه ليس عملا أولا أو ثانيا لحكيم بلعباس، بل أنجز قبله الكثير من الأفلام.. أما «قدحة» فقد كنت أريده لكنني تركته عن طيب خاطر للمسابقة العربية لأنني أعرف أن المتاح من الإنتاج العربي قليل، بعكس مسابقتي التي تتيح لي الاختيار من العالم كله.. وبالمناسبة فيلم حكيم بلعباس جاء عن طريقي، مما يشير إلى مدى التنسيق بين أعضاء المكتب الفني.
إذا كانت جميع عرووض الأسبوع سبق عرضها بمهرجانات دولية فأين اكتشاف الأنواع السينمائية من أسبوع النقاد؟ المفروض أن أسبوع النقاد يكتشف سينما جديدة، ولايقتصر دوره علي إعادة عرض إكتشافات المهرجانات الآخرى؟ ما تفسيرك لعدم تحقق ذلك بمسابقتكم؟
- لا أعيد عرض شيء، قد يكون هذا الاتهام صحيحا إذا أخذت مثلا برنامج أسبوع النقاد بمهرجان كان وأعدت عرضه كما هو، لكن ذلك لم يحدث، لا من كان ولا من غيره، وما يحدث هو مشاهدة جميع الأفلام الأولى أو الثانية المتاحة بمصر والمنطقة العربية والعالم واختيار الأفضل والأقوى، ومن بين الأفضل هناك دائما اكتشافات خاصة بنا، وعلى سبيل المثال قدمنا أحمد مجدي كمخرج في «لا أحد هناك»، ومجدي لخضر من تونس في فيلمه «قبل ما يفوت الفوت» وغيرهما الكثير في عروض عالمية أولى.. وهذا العام كان من الممكن أن أصر على ضم فيلم «تمساح النيل» لمسابقتي على أساس أنه عمل أول لنبيل الشاذلي، وأقول إنه اكتشاف، لكن ذلك ليس منطقيا مع خبير سينمائي في هذا السن، لذلك فضلنا إشراكه خارج أي مسابقة، فنحن لا نبحث عن «الشو».
ما الصعوبات التي تواجه مسابقة «أسبوع النقاد»؟
- لا شيء سوى ما يواجه مختلف برامج المهرجانات حول العالم هذه الأيام من صعوبات بسبب كورونا، خاصة ضعف وقلة الإنتاج وصعوبة دعوة السينمائيين من الدول التي تغلق مجالها الجوي على سبيل المثال.
من يمول هذه المسابقة؟ لا أقصد الجائزة ولكن جهد المجموعة وراء اختيار الأفلام ولجنة المشاهدة؟
- أختار جميع الأفلام ولجنة التحكيم وحدي، كما أتولى وحدي تقديم الأفلام بقاعة العرض وإدارة الندوات مع صناعها، ولا تساعدني سوى منسقة البرامج الموازية بالمهرجان فيما يتعلق بالمراسلات والاتصالات، فضلا عن التنسيق مع المكتب الفني بطبيعة الحال، والأجور من ميزانية مهرجان القاهرة طبعا.
9.هل كان من السهل إطلاق أسماء سينمائيين ونقاد على جوائز الأسبوع، أم أن ذلك كان سابق لفترة إدارتك للأسبوع؟
- كان سابقا على فترة إدارتي، لكنني أوافق بالطبع على اسميْ الجائزتين وسعيد بهما.
هل الندوة التي كان يتم تنظيمها على هامش مهرجان القاهرة بتنظيم جمعية نقاد السينما المصريين في السنوات السابقة كانت تابعة لأسبوع النقاد؟ ولماذا اختفت هذا العام؟
- كانت تابعة لأسبوع النقاد الذي كانت الجمعية تنظمه في بداياته قبل أن تقرر إدارة المهرجان ضمه إلى بقية الأقسام والبرامج وتنظيمه بالكامل.. واختفت بسبب ظروف الجائحة.
ما طموحك لأسبوع النقاد في المستقبل؟
- أن يعود النشاط الثقافي الموازي له سواء في صورة حلقة بحثية أو ندوة أو غيرهما، وربما مزيد من «البلورة»، كأن يكون له كتالوج ومطبوعات خاصة به.. وعلى المستوى الفني، أفكر في زيادة عدد الأفلام بحيث تكون الأفلام الزائدة عن سبعة خارج المسابقة ومن بينها فيلم افتتاح للأسبوع.