في ذكرى مولده.. رفاعة الطهطاوي «قيصر النهضة» بمصر
مصطفى الخطيبيحل اليوم ذكرى مولد الشيخ والمعلم الجليل رفاعة الطهطاوى، حيث يعتبر رفاعة الطهطاوى أول من أنار مشروعا فكريا وحضاريا وتعليمى فى تاريخ مصر، كما انه أول من شجع على تعليم البنات وله العديد من الكتب، فالشيخ رفاعة الطهطاوي قام بالعديد من الأعمال التى قامت على نهوض الدولة ونشر الثقافة بين الناس.
فى هذا الصدد يستعرض لكم موقع محطة مصر ما لاتعرفه عن رفاعة الطهطاوي.
اقرأ أيضاً
- رئيس جامعة الأزهر يهنئ «الضويني» بتجديد الثقة به وكيلًا للأزهر
- وزير الداخلية يهنئ شيخ الأزهر بذكرى المولد النبوي
- رجل الإنسانية.. قصة «الدمرداش باشا» الذي تبرع لإنشاء مستشفى خيري
- رئيس جامعة الأزهر يؤدي صلاة الجمعة بالمدينة الجامعية ويوزع الهدايا على الطلاب
- السودان يرفض محاولة إعطاء إسرائيل صفة عضو مراقب بالاتحاد الإفريقي
- رئيس جامعة الأزهر يفاجئ المدينة الجامعية للطالبات ويوزع عليهم الهدايا
- عاجل | الجامعات الأهلية تعلن انتهاء القبول الإلكتروني لجميع الشهادات
- فى ذكرى توليه الحكم .. حسني مبارك الرئيس الذي أبكى الملايين بخطابه الأخير
- تعرف على علامات الأزمة القلبية المفاجئة
- بعد خروجها من السجن .. حقيقة ظهور الفنانة نيفين مندور في إحدى السهرات
- آخر فرصة.. «جامعة الأزهر» تغلق باب تعديل ترشيح الرغبات والتحويلات مساء اليوم
- أبرزها العدس.. تعرف على أكثر الأكلات التى تشعرك بالدفء فى فصل الشتاء
ولد رفاعة الطهطاوى فى يوم 15 أكتوبر من عام 1801 بمدينة طهطا إحدى مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر واسمه بالكامل رفاعة بك بن بدوي بن علي بن محمد بن علي بن رافع، ويُلحقون نسبهم بمحمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحُسين بن فاطمة الزهراء.
نشأ في عائلة ملحوظة من القضاة ورجال الدين فلقي رفاعة عناية من أبيه، فحفظ القرآن الكريم، وبعد وفاة والده رجع إلى موطنه طهطا، ووجد من أخواله اهتماماً كبيراً حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئًا من الفقه والنحو. التحق رفاعة وهو في السادسة عشرة من عمره بالأزهر في عام 1817 وشملت دراسته في الأزهر الحديث والفقه والتفسير والنحو والصرف، جلس للتدريس فيه وهو فى سن الحادية والعشرين، حتى جاء عام 1826ليترك التدريس ويذهب مع بعثة عددها أربعين طالبًا أرسلها محمد علي على متن السفينة الحربية الفرنسية لاترويت في 13من أبريل 1826 لدراسة اللغات والعلوم الأوروبية الحديثة، وكان عمره حينها 24 عامًا.
كان الشيخ حسن العطار وراء ترشيح رفاعة للسفر مع البعثة إمامًا لها وواعظًا لطلابها، وكان بينهم 18 فقط من المتحدثين بالعربية، بينما كان البقية يتحدثون التركية، وذهب بصفته إمامًا للبعثة ولكنه إلى جانب كونه إمام الجيش اجتهد ودرس اللغة الفرنسية هناك وبدأ بممارسة العلم، وبعد خمس سنواتٍ حافلة أدى رفاعة امتحان الترجمة، وقدَّم مخطوطة كتابه الذي نال بعد ذلك شهرة واسعة تخليص الإبريز.
ثم عاد الشيخ رفاعة إلى مصر عام 1831 بعد خمس سنوات قضاها فى فرنسا ، فاشتغل بالترجمة في مدرسة الطب، ثُمَّ عمل على تطوير مناهج الدراسة في العلوم الطبيعية. وأسس مدرسة الألسن لتعليم اللغات ودعا لتعليم البنات فى كتابه المرشد الأمين فى تعليم البنات والبنين ويعتبر الشيخ رفاعة الطهطاوى هو أول من كتب وثيقة زواج لنفسه اشترطت فيها زوجته ألا يتزوج اخرى
ظل جهد رفاعة يتنامى بين ترجمةً وتخطيطاً وإشرافاً على التعليم والصحافة، فأنشأ أقساماً متخصِّصة للترجمة (الرياضيات - الطبيعيات - الإنسانيات) وأنشأ مدرسة المحاسبة لدراسة الاقتصاد ومدرسة الإدارة لدراسة العلوم السياسية.
كما أن محمد على باشا قام بتكليف رفاعة بالاشراف على جريدة الوقائع المصرية.
وأهداه محمد علي 250 فداناً بمدينة طهطا.
كان رفاعة الطهطاوي يأمل في إنشاء مدرسة عليا لتعليم اللغات الأجنبية، وإعداد طبقة من المترجمين المجيدين يقومون بترجمة ما تنتفع به الدولة من كتب الغرب، وتقدم باقتراحه إلى محمد علي ونجح في إقناعه بإنشاء مدرسة للمترجمين عرفت بمدرسة الألسن، مدة الدراسة بها خمس سنوات، قد تزاد إلى ست. وافتتحت المدرسة بالقاهرة سنة 1835م، وتولى رفاعة الطهطاوي نظارتها، وكانت تضم في أول أمرها فصولاً لتدريس اللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والتركية والفارسية، إلى جانب الهندسة والجبر والتاريخ والجغرافيا والشريعة الإسلامية. وقد بذل رفاعة جهدًا عظيمًا في إدارته للمدرسة، وكان يعمل فيها عمل أصحاب الرسالات ولا يتقيد بالمواعيد المحددة للدراسة، وربما استمر في درسه ثلاث ساعات أو أربعا دون توقف واقفًا على قدميه دون ملل أو تعب يشرح لهم الأدب والشرائع الإسلامية والغربية. وقد تخرجت الدفعة الأولى في المدرسة سنة 1839م وكان عددها عشرين خريجًا، وكانت مترجمات هؤلاء الخريجين قد طبعت أو في طريقها إلى الطبع. وقد اتسعت مدرسة الألسن، فضمت قسمًا لدراسة الإدارة الملكية العمومية سنة 1844م، لإعداد الموظفين اللازمين للعمل بالإدارة الحكومية، وقسمًا آخر لدراسة الإدارة الزراعية الخصوصية بعد ذلك بعامين، كما ضمت قسمًا أنشئ سنة 1847م لدراسة الشريعة الإسلامية على مذهب أبي حنيفة النعمان لإعداد القضاة، وأصبحت بذلك مدرسة الألسن أشبه ما تكون بجامعة تضم كليات الآداب والحقوق والتجارة. وكان رفاعة الطهطاوي يقوم إلى جانب إدارته الفنية للمدرسة باختيار الكتب التي يترجمها تلاميذ المدرسة، ومراجعتها وإصلاح ترجمتها.
ظلت المدرسة خمسة عشر عامًا، كانت خلالها مقصدا للعلم، ومنارة للمعرفة، ومكانًا لالتقاء الثقافتين العربية والغربية، إلى أن عصفت بها يد الحاكم الجديد عباس الأول، فقام بإغلاقها لعدم رضاه عن سياسة جده محمد علي وعمه إبراهيم باشا وذلك في سنة 1849م، كما أمر بإرسال رفاعة إلى السودان بحجة توليه نظارة مدرسة ابتدائية يقوم بإنشائها هناك، فتلقى رفاعة الأمر بجلد وصبر، وذهب إلى هناك، وظل هناك فترة دون عمل استغلها في ترجمة رواية فرنسية شهيرة بعنوان "مغامرات تلماك"، ثم قام بإنشاء المدرسة الابتدائية، وكان عدد المنتظمين بها نحو أربعين تلميذًا، ولم يستنكف المربي الكبير أن يدير هذه المدرسة الصغيرة، ويتعهد برعاية خاصة.
وبعد وفاة عباس الأول سنة 1854 م عاد الطهطاوي إلى القاهرة، وأسندت إليه في عهد الوالي الجديد "سعيد باشا" عدة مناصب تربوية، فتولى نظارة المدرسة الحربية التي أنشأها سعيد لتخريج ضباط أركان حرب الجيش سنة 1856م، وقد عنى بها الطهطاوي عناية خاصة، وجعل دراسة اللغة العربية بها إجبارية على جميع الطلبة، وأعطى لهم حرية اختيار أجدى اللغتين الشرقيتين: التركية أو الفارسية، وإحدى اللغات الأوربية: الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، ثم أنشأ بها فرقة خاصة لدراسة المحاسبة، وقلمًا للترجمة برئاسة تلميذه وكاتب سيرته صالح مجدي، وأصبحت المدرسة الحربية قريبة الشبه بما كانت عليه مدرسة الألسن.
قضى رفاعة فترةً حافلة أخرى من العمل الجامع بين الأصالة والمعاصرة حتى انتكس سعيد فأغلق المدارس وفصل رفاعة عن عمله سنة 1861.
تولى الخديوي إسماعيل الحكم بعد وفاة سعيد باشا ، سنة 1863م فعاود رفاعة العمل ويقضى العقد الأخير من عمره الحافل في نشاط مفعم بالأمل، فيشرف مرة أخرى وأخيرة على مكاتب التعليم، ويرأس إدارة الترجمة، وحين عهد إلى الطهطاوي إصدار مجلة روضة المدارس سنة (1870م) جعل منها منارة لتعليم الأمة ونشر الثقافة بين أبنائها، فقد نظمها أقسامًا، وجعل على رأس كل قسم واحدًا من كبار العلماء من أمثال عبد الله فكري الأديب، وإسماعيل الفلكي العالم الرياضي والفلكي، ومحمد باشا قدري القانوني الضليع، وصالح مجدي، والشيخ حسونة النواوي الفقيه الحنفي المعروف،وغيرهم. وكانت المجلة تنشر مقالات تاريخية وجغرافية واجتماعية وصحية وأدبية وقصصا وأشعارا، كما كانت تنشر ملخصًا لكثير من الدروس التي كانت تلقى بمدرسة "دار العلوم".
كان رفاعة قد نيف على السبعين حين ولي أمر مجلة الروضة، لكنه ظل مشتعل الذكاء وقاد الفكر، لم تنل الشيخوخة من عزيمته، فظل يكتب فيها مباحث ومقالات حتى توفي.