في ذكرى ميلاده.. توفيق الحكيم أبو المسرح العربي الذي تنبأ بالثورة
محمود الصادقتحل اليوم السبت 9 أكتوبر، الذكرى الـ34، على ميلاد الأديب الكبير توفيق الحكيم، أبو المسرح العربي، والذي يعد أحد أهم كتاب القرن الـ21.
نشأته
ولد توفيق إسماعيل في محافظة الإسكندرية عام 1897 لأب مصري من أصل ريفي يعمل في سلك القضاء وعندما بلغ السابعة من عمره التحق بمدرسة دمنهور الابتدائية حتى انتهى من تعليمه الابتدائي، وانضم إلى كلية الحقوق لتحقيق رغبة والده ليتخرج منها عام 1925.
عاش مع والده فى مزرعة تقع فى محافظة البحيرة على طريق مدينة دمنهور، وكان أن والديه كانا من أصول مختلفة، وربما اعتبر هذا سببًا فى التقلبات التي مر بها توفيق؛ فكانت أمه تحاول دائمًا إخراجه من القالب الذى يعيش فيه وبشكل لا يناسب ليونة ذِهنه كطفل، فانتقل من حالة النشاط والحيوية التي يصحبها الذهن المرن والفكر الخيالي اللذين يواكبان العقل إلى حالة الانعزال والانغلاق على نفسه؛ ليكوّن بعدها شخصيّة ذاتيّة له.
وظائفه
وبعد تخرجه من الجامعة، تم إيفاد توفيق الحكيم، في بعثة دراسية إلى باريس لمتابعة دراساته العليا لكنه انصرف عن دراسة القانون واتجه إلى الأدب المسرحي والقصص.
وعمل توفيق الحكيم وكيلًا للنائب العام، ثم انتقل إلى وزارة المعارف ليعمل مفتشا للتحقيقات ثم مديرا لإدارة الموسيقى والمسرح عام 1937، ثم مديرا لمصلحة الإرشاد الاجتماعي، واستقال في عام 1944م ليعود ثانية إلى الوظيفة الحكومية عام 1954م مديرا لدار الكتب المصرية.
عودة الروح
شهدت الفترة الممتدة بين ثورة 1919 فى مصر ضد الحكم البريطانى وثورة 1952 تطورًا واضحًا فى الأدب المصرى الحديث فى الدراما والرواية والقصص القصيرة، وتُعتبر رواية الحكيم التى صدرت عام 1928 بعنوان "عودة الروح" كلاسيكية خالدة حيث تنبأت بثورة جمال عبد الناصر.
واعتُبرت الرواية التالية للحكيم "عودة الوعي" الإشارة الفكرية للرئيس أنوار السادات، ورفض واضح للحركة الناصرية، أثارت هذه الرواية جدلًا كبيرًا عندما نُشرت لأول مرة فى مصر والعالم العربى الأجمع، على اعتبار الحكيم من الدائرة الضيقة المحيطة بالحركة الناصرية وشغله لمناصب ثقافية رفيعة مثل ممثل مصر فى وكالة اليونيسكو خلال فترة حكم عبد الناصر.
المسرح الذهني
شهد عام 1933 نشر أول مسرحيةٍ فلسفية للحكيم بعنوان "أهل الكهف" وهى قصة مستوحاة من القرآن، وكانت هذه المسرحية البداية للعديد من المسرحيات التى أصبحت أساسًا كلاسيكيًا للأدب العربى الحديث.
سمى تياره المسرحى بالمسرح الذهنى لصعوبة تجسيده فى عمل مسرحى وكان توفيق الحكيم يدرك ذلك جيداً حيث قال فى إحدى اللقاءات الصحفية : "إنى اليوم أقيم مسرحى داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك فى المطلق من المعانى مرتدية أثواب الرموز، لهذا اتسعت الهوة بينى وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة. كان الحكيم أول مؤلف استلهم فى أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصرى وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة، سواء أكانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية لكن بعض النقاد اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية وخاصة بعد روايته عودة الروح.
جوائزة
حصل فى عام 1958 على قلادة الجمهورية من الرئيس جمال عبد الناصر لمساهماته المختلفة وخاصةً عن عمله المميز "عودة الروح" الذى يعتقد أنّه ألهم عبد الناصر نفسه إضافةً إلى الجيل بأكمله، حيث كانت تحمل رموزًا مختلفة تعود إلى مصر القديمة وأمجادها الخالدة التى عمل عبد الناصر على إحيائها.
وحصل فى عام 1962 على جائزة الدولة التقديرية لإخلاصه للفن وبشكلٍ خاص الدراما، بالإضافة إلى إشعاله الروح القومية من خلال كتاباته الدرامية، إخلاصه لحركة التطور الاجتماعي، واهتمامه العميق بإنهاء كافة مظاهر الظلم والفساد.