تحريم ديني وعقاب قانوني.. هل استخدام «الكوميكس» في السخرية ضمن حرية التعبير؟
محمود الصادقملأت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الماضية بالعديد من الصور والفيديوهات على شكل "كوميكس"، وهو ما أثار جدلًا واسعًا حول حكم استخدامها في شكل سخرية من الأشخاص الذين يتصدرون لاحتواء الأزمات الصحية والبيئية والاقتصادية، بحجة أنها حرية للتعبير.
ويستعرض موقع "محطة مصر نيوز"، حكم استخدام "الكوميكس" في السخرية من الآخرين، وهل تدخل ضمن حرية التعبير التي كفلها الدستور، أم أنها من أفعال التنمر التي عاقب عليها القانون.
اقرأ أيضاً
- قائمة المنقولات حرام أم حلال؟ .. «الإفتاء» تجيب
- «الإفتاء» توضح طريقة الدفن الشرعية ومواصفات القبر
- هل يجوز المسح على الشراب الشفاف؟ «الإفتاء» تجيب
- في اليوم العالمي للحيوان.. جزاء وعقاب من يؤذي مخلوقات الله الحية
- «سلوك ابني غير منضبط ولا أكلمه فهل هذا حرام؟».. «الإفتاء» تجيب
- هل شراء حلوى المولد النبوي حرام.. الإفتاء تجيب
- بعد مبادرة إلهام شاهين.. ما حكم التبرع بأعضاء الميت؟
- الإفتاء تستنكر من يحرم الاحتفال بالمولد النبوي وتصفه بالأمر العجيب
- هل يجوز دفن النساء مع الرجال في قبر واحد؟ .. «الإفتاء» تجيب
- الإفتاء تصرح ”الكلب طاهر ويجوز تربيته لأي غرض مباح”
- الإفتاء توضح حكم قراءة القرآن عند القبر.. وهل يصل ثوابه للميت
- الإفتاء: التحرش الجنسي من الكبائر ولا يرتكبه إلا أصحاب النفوس المريضة
حكم استخدام الكوميكس في السخرية
أكد فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن تصوير وبث فيديوهات وصور على شكل "كوميكس" تسخر ِمن الأشخاص أمر مذموم شرعًا ومجرم قانونًا.
وأضاف مفتي الجمهورية، أن الأمر يزداد ذَمًّا وجُرْمًا إذا تَعَلَّق بالأشخاص الذين يتَصدَّرون لاحتواء الأزمات الصحية والبيئية والاقتصادية في بلادنا؛ لا سيما أَنَّ أوقات الأزمات تستدعي أصالةً توافر الجهود من أبناء المجتمع والتفافهم كلُحْمَة واحدة في مواجهة التحديات والصعوبات؛ وليس من أخلاق المسلم التَّذَمُّر أوقات الأزمات والسخرية ممن هو قائم على حَلِّها أو التقليل مِن شأنه دون تقديم أي جُهْدٍ إيجابي يساعد في حَلِّ الأزمات واحتوائها.
معنى السخرية
من جانبه أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أن الاستهزاء والسخرية، هو حمل الأقوال والأفعال على الهزل واللعب، لا على الجد والحقيقة، وبالاستهزاء يكون التكذيب وقلب الحقائق وتشويهها.
وأضاف مركز الأزهر، أن مثل هذه الأفعال نهى الشارع الحكيم عنها، خاصة في الأمور التي تدعو إليها الشرائع القويمة والعقول السليمة والقيادات الحكيمة عند شدائد الأمور، فلا يليق بحال من الأحوال أن تكون أخلاق الناس عند الابتلاء والشدائد السخرية والاستهزاء؛ بل مما ينبغي لفت الأنظار إليه أن ما تدعو إليه منظمة الصحة العالمية وغيرها من وزارات الصحة في دول العالم للتعامل مع هذا الوباء والمرض من إرشادات وما شابهها من إجراءات احترازية، وتعاليم وقائية ليس بدعًا من الدين ولا خروجًا عن العقل حتى نسخر أو نستهزأ منها.
هل السخرية ضمن حرية التعبير
وأضاف مركز الأزهر للفتوى، أن هذه المنظمات تدعوا اليوم إلى ارتداء غطاء الفم والأنف -الكمامات الطبية- أو إلى تغطية الفم أثناء العطاس والسعال، وهذا عين ما قد أتى به ديننا فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ إِذَا عَطَسَ، غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ، وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ" سنن الترمذي، وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ كما تدعو هذه المنظمات إلى النظافة في البدن والملبس وهذا -ولله الحمد- من أظهر ما يدعو إليه ديننا الحنيف؛ فمما يسخر أو يستهزئ هؤلاء العقلاء؟.
وأكد مركز الفتوى، أن الواجب على العاقل بدل أن يسخر أو يهزأ أن يطيع ويتبع إجراءات السلامة حفاظًا على نفسه التي هي من أعظم الكليات الخمس التي دعته الشريعة إلى حفظها وعدم تعريضها لما يهلكها، فقال الله تعالى: "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" [البقرة: 195]، وعليه أن يسأل الله المعافاة وإذا كان مقصِّرًا أن يعود إلى مولاه بالتوبة والإنابة، وأما مقابلة هذا الابتلاء بالسخرية والاستهزاء فقد يدخله في قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43].
حكم الاستهزاء من الآخرين
وفي وقت سابق قالت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن الإسلام نهى عن الاستخفاف بكبار السن أو السخرية منهم بأي شكل من الأشكال.
واستشهدت الإفتاء، بما روى عن رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- قَالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَسْتَخِفُّ بِحَقِّهِمْ إِلَّا مُنَافِقٌ: ذُو الشَّيْبَةِ فِي الْإِسْلَامِ، وَذُو الْعِلْمِ، وَإِمَامٌ مُقْسِطٌ".
واستندت أيضًا إلى أن الصحابي الجليل سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ - رضى الله عنه- كان يقول: "لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- غُلاَمًا فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ فَمَا يَمْنَعُنِى مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ أَنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّى".
عقوبة التنمر
ونص القانون، على أنه يعد تنمرًا كل استعراض قوة أو سيطرة للجاني، أو استغلال ضعف للمجني عليه، أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسئ للمجني عليه، كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية، أو الحط من شأنه أو إقصائه عن محيطه الاجتماعي.
كما نص القانون، على أنه يعاقب المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وأكد القانون، على تشديد العقوبة إذا توافر أحد ظرفين، أحدهما وقوع الجريمة من شخصين أو أكثر، والآخر إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه
كما تشدد العقوبة إذا كان مسلماً إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادماً لدى الجاني، لتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وشدد القانون، على مضاعفة الحد الأدنى للعقوبة حال اجتماع الظرفين وفي حالة العود تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى.