انقسامات وأزمات دستورية.. ماذا ينتظر السودان بعد توقيع ميثاق التوافق الوطني؟
محمود الصادقيواجه التحالف السياسي الحاكم في السودان، أزمة شائكة، من المحتمل أن تضيع جهود القوى الحاكمة في الخرطوم، بعد أن اشتعلت الخلافات بين قوى الحرية والتغيير، حيث تم الإعلان من قبل مجموعة من القوى السياسية في الحرية والتغيير عن ميلاد تحالف.
ميثاق التوافق الوطني
ووقعت مجموعة من القوى السياسية في التحالف، أمس السبت على ميثاق التوافق الوطني، معلنة ميلاد تحالف جديد، وسط مقاطعة ورفض من مركزية قوى إعلان الحرية والتغيير.
اقرأ أيضاً
- تطورات دعم مصر لجنوب السودان تزامنا مع إنشاء محطات مياه شرب جوفية
- البرهان يؤكد الالتزام الكامل برعاية وحماية الانتقال في السودان
- رئيس البنك الدولي: السودان ورث وضعا اقتصاديا مدمرا وعمل على تحسينه
- وزير الخارجية: أمن واستقرار السودان جزء لا يتجزء من أمن واستقرار منطقة شرق أفريقيا
- سيف تيري مهاجم فاركو يطير للمغرب للانضمام لمنتخب السودان.. غداً
- مساعد وزير الخارجية الأمريكي يعلن عن دعم بلاده لـ السودان لإنجاح الفترة الانتقالية
- منتخب السودان يستدعي سيف تيري مهاجم فاركو
- أحمد موسى: إثيوبيا تستغل سد النهضة سياسيا (فيديو)
- سفير السعودية بالقاهرة: ندعم موقف مصر والسودان تجاه سد النهضة
- القومي لتدريب القوات الخاصة ينظم دورات تدريبية لعناصر الشرطة السودانية
- بعد محاولة انقلاب السودان.. خطة أمريكا لدعم الانتقال الديمقراطي بالخرطوم إلى أين؟
- أمريكا: ملتزمون بدعم الانتقال الديمقراطي في السودان
وهو ما اعتبره البعض، انقسامًا رسميًا وسط التحالف الحاكم، بعد أن وقعت في 9 سبتمبر الماضي، مجموعة يقودها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، على إعلان سياسي، لتوحيد التحالف، ودعم الانتقال وبناء دولة المواطنة المدنية الديمقراطية.
وكانت أبرز القوى السياسية التي وقعت على الإعلان السابق، هي حزب الأمة القومي، والمؤتمر السوداني، والبعث الأصل، والتجمع الاتحادي، إضافة إلى عدد من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام.
ووقع على المشروع الجديد، مني أركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان، وجبريل إبراهيم محمد رئيس حركة العدالة والمساواة السودانية، وإبراهيم الأمين نائب رئيس حزب الأمة القومي، والتوم هجو الشيخ رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، ومحمد عصمت رئيس الاتحادي الديمقراطي الموحد، وعلي خليفة عسكوري رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، والناظر بشرى الصائم الإدارة الأهلية، والجنرال خميس جلاب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان.
نص الميثاق
وينص ميثاق التوافق الوطني، الذي وقع أمس السبت، على التمسك بوحدة قوى إعلان الحرية والتغيير والعودة إلى منصة التأسيس واستعادة الدولة المدنية.
وسيكون الميثاق مفتوحاً للتوقيع بوساطة القوى السياسية جميعها عدا حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عهد البشير.
وأكد الموقعون على الميثاق، أنهم عازمون على تحقيق شعارات الثورة السودانية "حرية سلام وعدالة"، بجانب تحقيق التوافق بين القوى الثورية التي ساهمت في نجاح الثورة وسقوط نظام البشير السابق.
وأكد الميثاق على التمسك بوحدة السودان وتحقيق الأمن والاستقرار والعمل على بناء دولة المساواة والحرية والعدالة والمواطنة، بجانب العمل على تحقيق نظام فدرالي وبناء الدستور، وتحقيق الانتقال السلس والآمن الى مرحلة الديمقراطية.
ورأت المجموعة التي وقعت الميثاق، أن المجموعة الأخرى اختطفت تحالف "الحرية والتغيير" من خلال الهيمنة على القرار السياسي الذي يصدره، وهو ما دعاهم إلى طرح الميثاق الجديد لوحدة قوى الثورة.
تعقيدات دستورية
من جانبه قال الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير، والقيادي بمركزية الحرية والتغيير، التي عارضت الميثاق الجديد، إن ما جرى اليوم في قاعة الصداقة محاولة لإرباك المشهد السياسي وخلق تعقيدات دستورية، حول من يمثل "الحرية والتغيير" في الحكومة، ويعد محاولة لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء وتعطيل مسار الانتقال الديمقراطي.
وأضاف البرير، أن الوفاق وتوحيد القوى السياسية الممثلة للثورة أمر مطلوب، ولكن يجب أن يتم على أسس ومعايير تصلح وتفيد الشعب والوطن، معقبًا: "لكن استعادة سيناريوهات المؤتمر الوطني بحشود الصبية والمكونات الصوفية والمكونات الشعبوية وذيول النظام البائد لا تفيد ولن تغير في الأمر شيئًا".
وأوضح الأمين العام لحزب الأمة القومي، أن الأبواب تظل مشرعة ومفتوحة لمن يرغب في الوحدة والانضمام إلى التحول الديمقراطي المدني، لكنها تظل موصدة أمام من يحاول خلق الأزمات وفرض واقع جديد يستوعب من ليس لهم علاقة بتحالف الحرية والتغيير.
ولفت البرير، إلى أن الحزب ظل يعمل منذ بداية الفترة الانتقالية على إصلاح الحاضنة السياسية والوضع الانتقالي بالصورة التي تحقق أهداف الثورة والمصلحة الوطنية، حيث قدم مبادرات عدة على رأسها العقد الاجتماعي، ومبادرة إصلاح الحاضنة السياسية.
وأشار الأمين العام لحزب الأمة القومي، إلى أن مشروع الإصلاح السياسي، هو مشروع الحزب الإستراتيجي الذي يسعي إليه بجد مع جميع أطراف العملية السياسية في البلاد، حتى الوصول إلى مرحلة الإعلان السياسي الأخير عبر حوار طويل.
أزمة دستورية
في سياق متصل رأى تجمع المهنيين السودانيين، أن التوقيع على ميثاق التوافق الوطني يهدف لخلق أزمة قانونية ودستورية حول من يمثِّل قوى الحرية والتغيير.
ودعا التجمع، في بيان له، إلى التوافق على ميثاق للانتقال الديمقراطي يتأسس على المبادئ العامة لسودان الغد المستلهمة من شعارات الحرية والسلام والعدالة، وإزالة كل أشكال سوء الفهم والحواجز المصطنعة أمام بناء منصات أفقية للتنسيق الفعال بلا هواجس أو صراع حول القيادة، بهدف فتح طريق البلاد نحو انتقال كامل لدولة الديمقراطية والكرامة.
انقسام الحرية والتغيير
واعتبر المحلل السياسي، محمد علي فزاري، أن ما يحدث يدل على الانقسام داخل تحالف الحرية والتغيير، تقوده قوى سياسية وحركات موقعة على اتفاق جوبا للسلام.
وأضاف فزاري، أن هذا الانقسام سيؤثر سلباً على أداء الحكومة التنفيذية التي ستجد نفسها تتعامل مع جسمين كل منهما ينطق بقرار سياسي مختلف عن الآخر، كما يؤثر ذلك على مجمل عملية التحول الديمقراطي، ويجعل من الصعوبة بمكان مخاطبة المجتمع الدولي، بصوت واحد.
وأوضح المحلل السياسي، أن المخرج من هذا الوضع يتمثل في فتح قنوات التواصل بين الطرفين لإحداث توافق ينتهي إلى توسيع المظلة السياسية وتعديل الإعلان السياسي للمجموعة الأولى، وميثاق التوافق الوطني للمجموعة الثانية، ودمجهما في إعلان سياسي واحد يحمل رؤى الطرفين.
وتابع فرازي: بخلاف ذلك سنذهب إلى حالة من التوهان والسيولة السياسية، قد تنتهي بالفترة الانتقالية إلى طريق الفوضى.
وتوقع فزاري، أن يقود رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، وساطة بين الطرفين لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر، خاصة أن الرجل حتى الآن يقف جانب الحياد دون أن ينحاز لأي من الطرفين، حسب رأيه.