جوزيف فهيم مسئول الشرق الأوسط ب” كارلوفي فاري” :فخور بأننا فتحنا أبواب المسابقة الرسمية للمهرجان أمام الأفلام العربية
د. أمل الجمل محطة مصرما أكثر الجمعيات والمهرجانات والمؤسسات التي تصف نفسها بأنها مؤسسات غير ربحية، تتخفى من الضرائب وأشياء آخرى، لكن الحقيقة أن القليل جدا من هذه المؤسسات هى بالفعل مؤسسات غير ربحية، والسبب أنها تعمل بشغف حقيقي، وبإيمان، وإخلاص على مشروعها. من بين هذه المؤسسات القليلة الصادقة في حمل هذا التوصيف، ويتعدي الأمر مجرد دورها في الحفاظ على التراث الإنساني بأنها صارت ملهمة للكثيرين، إنها «مؤسسة الفيلم» - فيلم فاونديشين - التي أسسها عام ١٩٩٠ ويترأسها المخرج الكبير مارتن سكورسيزي.. والتي تم تكريمها هذا العام بمهرجان كارلوفي فاري الدورة الخامسة والخمسين خلال الفترة ٢٠-٢٨ أغسطس ٢٠٢١، وكان الناقد السينمائي المصري جوزيف فهيم مشرفا مشاركاً على هذا التكريم واختياراته.
تضمن البرنامج عرض عشرة أفلام من جنسيات وأنواع مختلفة، كان بينها الفيلم المغربي «آليام.. آليام» للمخرج أحمد المعنوني. لم يكن هذا غريبا في ظل وجود جوزيف، الذي يهتم باختيارات عربية تعكس تطور السينما العربية وتجد منصة عرض لها بالمهرجان بأقسامه المختلفة ومنها المسابقة الرئيسية، ومسابقة شرق الغرب.
اقرأ أيضاً
حول هذا التكريم لمؤسسة الفيلم، وإختيارات الأفلام كان لنا اللقاء مع جوزيف فهيم المشرف المشارك في تنظيمه، والذي اهتم بكتابة ملاحظات نقدية مكثفة عن الأفلام العشرة ضمن الكتالوج الصادر عن المهرجان التشيكي العريق الذي تصادف هذه العام مرور ٧٥ عاماً على مولده.
جدير بالذكر أن جوزيف فهيم ناقد سينمائي ومبرمج ومحاضر مصري، إنه مسؤول الشرق الأوسط لمهرجان كارلوفي فاري في تشيكيا. كان فهيم عضوا سابقا في أسبوع النقاد في مهرجان برلين السينمائي، وعمل مبرمجا ومستشارا مع مهرجانات عالمية. كذلك يعمل كمشرف لتطوير السيناريوهات مع العديد من المؤسسات العالمية والكتاب والمخرجين العرب. شارك في كتابة العديد من الكتب في أوروبا والشرق الأوسط منها: «بوزيشن إن ذا آرب ورلد» و«سينما البحر المتوسط»، كذلك قام بتحرير النسخة الانجليزية لكتاب «سينما الشغف لأحسن 100 فيلم عربي». نُشرت أعماله الكتابية بسبع لغات في عدد من الصحف والمواقع حول العالم.
التقيته بالمركز الصحفي بفندق تيرمال، حيث مقر المهرجان التشيكي الكبير. كان لديه عدة لقاءات مع زملاء صحفيين ونقاد، وبعدها كان عليه أن ينطلق ليشاهد أحد أفلام البرنامج الاستعادي مع الجمهور، أخبرني أنه لم يتمكن من الحصول على تذكرة إلا بمساعدة بعض أصدقائه، فقد كانت التذاكر في جميع الأفلام «سولد أوت». سألته:
كيف وُلدت فكرة تكريم مؤسسة الفيلم لمارتن سكورسيزي ضمن البرنامج الإستعادي بمهرجان كارلوفي فاري دورته الخامسة والخمسين؟
العام الماضي كانت مناسبة مرور ثلاثين عاماً على تأسيس هذه المؤسسة فبدأنا نحضر، لكن عندما تم إلغاء الدورة، اضطررنا إلي تأجيل التكريم.. حينها شعرت أن كل الجهد الذي بذلته قد ضاع وكنت مكتئب جدا، لكن بفضل كارل أوخ المدير الفني للمهرجان الذي كان متحمساً للفكرة، عادت الفكرة للحياة، فقد أصر كارل على مواصلة التكريم حتى لو كان هذا بمناسبة مرور ٣١ عاماً على إنشائها.
هناك أسباب آخرى وراء التكريم؟
طبعاً، هناك أسباب مختلفة. أن مؤسسة الفيلم تُلهمنا جميعاً، سواء بإعادة إحياء والحفاظ على الأفلام الكلاسيكية التي نعشقها جميعا، أنا دائما أذكر «المومياء.. يوم أن تُحصى السنون» لشادي عبد السلام، فكثير منا أصبح يعي ويُدرك الفيلم وأهميته بعد أن تم ترميمه الذي سمح بإعادة عرضه.. إضافة إلي أن المؤسسة تقوم بترميم أفلام من كل بلدان العالم، كذلك في العام الماضي كان عملهم على «المشروع الأفريقي»، فبدأ التركيز على الأفلام الأفريقية، خصوصاً لما ظهر فيلمين من أفريقيا لم نكن نعلم عنها شيء.
هل يمكن أن نلقي الضوء أكثر علي المشروع الأفريقي، وعلاقة مارتن سكورسيزي بالأمر؟
المشروع الأفريقي تم تصميمه مخصوص للحفاظ على التراث السينمائي الأفريقي، حيث التركيز على الأفلام الأفريقية، بخصوص التساؤل عن علاقة مارتن سكورسيزي بكل هذا، هنا لابد من التوضيح أن مؤسسة الفيلم هى مؤسسة غير ربحية، فبدون وجود اسم مارتن سكورسيزي لن يأتي أي من هذا التمويل أو الدعم لترميم تلك الأفلام.
فمثلاً، في المشروع الأفريقي بعض الدول ليس عندها هذه المصادر التي يحتاجون إليها في الترميم، كما أن وجود اسم مارتن سكورسيزي يجذب المؤسسات الآخرى لتقديم دعم وتمويل للترميم، وبدون اسمه، بدون هذه الحملة لم يكن ممكناً أبداً الحصول على كل هذا التمويل أو الاهتمام بالمشروع الأفريقي، فمثلاً الدوحة عندما تم الإعلان عن ذلك المشروع شاركت في ترميم بعض الأفلام ومنها فيلم شادي عبد السلام «الفلاح الفصيح».
لكن هناك أفلام أفريقية تم ترميمها من وقت مبكر كما مع فيلم «آليام آليام» الذي كان افتتاح للبرنامج الاستعادي في مهرجان كان عام ٢٠٠٧.
كذلك فيلم «المومياء» هو فعل ذلك لدفع مشروع الأفلام الأفريقية، بعد ذلك تم اكتشاف كثير من هذه الأفلام، ونحن نعرض من هذه الأفلام «المرأة ذات السكين»، لأن هذا الفيلم - حتى بعد الترميم - لم يُعرض سوى في مهرجانين أو ثلاثة.
هناك تنوع في اختيار الأفلام، هل تحدثنا عن أُسس الاختيار وكيف تم؟
أنا وكارل أوخ المدير الفني للمهرجان عملنا سوياً. هناك أفلام نحبها اخترنا منها، كان أول اختيار فيلم «نقطة انهيار»، ثم بعد ذلك بدأنا التفكير في أفلام آخري، كان دائما لدينا بدائل، انشغلنا بفكرة تقديم أفلام للناس على شاشة ٣٥ مم، أفلام لم يشاهدونها من قبل، مثل «امرأة تحت التأثير»، ونحن أيضاً كان لدينا الشغف أن نشاهد هذه الأفلام على شاشة سينما كبيرة. هناك جزء صغير كان يتعلق بالاختيار الشخصي وأفلام نحن نحبها.
الجزء الثاني أننا كنا نريد تقديم اكتشافات. صحيح ليس لدينا عرض عالمي أول لأحد هذه الأفلام، لكنها لم تعرض إلا في مهرجانات محدودة ولم يُتح للكثيرين مشاهدتها. مثلاً الفيلم الأفريقي «المرأة ذات السكين» - القادم من ساحل العاج للمخرج تيميتا باسوري - أول مرة يعرض في التشيك وأعتقد في المنطقة، كذلك الفيلم السريلانكي «الكنز» للمخرج ليستر جيمس بيريز، أيضاً «آليام آليام» للمخرج المغربي أحمد المعنوني.
في كلمته التي يشكر فيها سكورسيزي مهرجان كارلوفي فاري على التكريم نجده يُؤكد على تنوعها قائلاً: «من خلال دعمنا الذي يشمل كل عصر ونوع ومنطقة.. خالص شكري لفريق مهرجان كارلوفي فاري على إتاحة هذا البرنامج وتسليط الضوء على عمل «مؤسسة الفيلم».. هل كان هناك أمر آخر تحرصان عليه أثناء الاختيار بخلاف هذا التنوع؟
بخصوص الأفلام الأمريكية فجأة وجدنا أن كل اختياراتنا أصبحت سياسية، تُعبر عن تحدي الحلم الأمريكي، أو تحدي لشيء خاص بالحلم الأمريكي، فهناك موضوع عن العنصرية، موضوع آخر عن الفترة بعد الحرب العالمية الثانية وإدعاء الرخاء بينما نكتشف أن الموضوع لم يكن كذلك. كل الأفلام الأمريكية المختارة في البرنامج الاستعادي ستجدينها تُحطم الأسطورة الأمريكية.
نجحت مؤسسة سكورسيزي للفيلم حتى الآن في استعادة وترميم أكثر من 900 عمل كلاسيكي للسينما، وذلك بالإضافة إلى روائع أقل شهرة من جميع أنحاء العالم. أعتقد أنه كان من الصعب اختيار عشرة أفلام من بين نحو ٩٠٠ فيلم تم ترميمه.
نعم، كان لدينا نحو أربع قوائم بديلة. كان ممكن نأخذ أي قائمة آخرى. هناك أفلام بدأ عرضها على منصات، وأفلام كنا نريدها ولم نستطع أن نُحضرها لأن «مؤسسة مارتن سكورسيزي» ليس عندها حقوق هذه الأفلام، كل فيلم له حقوقه التي يمتلكها آخرون لابد من التواصل معهم وإجراء اتفاقات. كان من الممكن أن يكون عندنا أربعين فيلماً، هناك أفلام كثيرة كنا متحمسين لها جدا جدا ولم نستطع إحضارها، أيضاً هناك أفلام معينة كنا نريدها لكن الترميم لم يكن قد انتهى بالكامل. قضينا سنة ونصف في هذا الاختيار.
لماذا لم تعرض فيلم «المومياء» ضمن البرنامج الاستعادي.. هل لأنك مصري، وهناك فيلم «ريش» بقسم «آفاق» فحتى لا يبدو أنك متحيز لمصر؟
لا بالعكس، أنا لم أختره لأني اعتقدت أن كل الناس شافته وتعرفه. اكتشفت أنه لازال هناك ناس لا تعرف عنه شيئاً، رغم أنه تم عرضه في أماكن كثيرة جدا، وافترضت أن كل الناس تعرفه. كارل مثلاً عندما إقترح أن نعرض الفيلم الأمريكي «ملكة الماس» Queen of Diamonds للمخرجة نينا مينكس، فقلت له لقد عُرض في أماكن كثيرة جدا، فرد علىَّ: «لكنه لم يعرض في التشيك ولا حتى في المنطقة كلها، وناس كثيرة لم تشاهده.» هنا، تكتشفي أن هناك مشاهدين كثيرون لم تتُح لهم تلك الفرصة من قبل. منذ قليل ناقد من البرتغال كان يتحدث معي اكتشفت أنه لم يشاهد أياً من أفلام القائمة باستثناء فيلم «امرأة تحت التأثير» وهو أكثر عمل مشهور،لكنه لم يشاهد «بأي ثمن يا هوليوود» لجوروج كوكور، ولا شاهد فيلم مايكل كيريتيس «نقطة انهيار». كما قلت أنني كنت أثناء الاختيار أحاول تقديم اكتشاف لذلك لم أختر «المومياء».
يُذكرني الأمر - وفكرة الاكتشاف - بما فعلته في برنامج تكريم يوسف شاهين الدورة الماضية.؟
في تكريم شاهين كنت أريد أن أعرض الأفلام العظيمة، في نفس الوقت كنت أريد عرض الأفلام الأولي التي لم يشاهدها كُثر، بالنسبة لي، أرى أنه من الصعب أن تفهم أسلوب وشخصية صانع الأفلام بدون مشاهدة أفلامه الأولى. لذلك بالنسبة لي «شيطان الصحراء» الذي يصفه بعض الناس بأنه ضعيف، لكن بالنسبة لي - كمبرمج وأيضاً كناقد - فيه حس الاكتشاف، فيه المقدمات والعناصر التي ستظهر بعد ذلك في «الناصر صلاح الدين»، أو عناصر الموسيقي في «أنت حبيبي» التي ستظهر بعد ذلك في «عودة الابن الضال»، لكن المهم أن الناس جاءت وشاهدت، وأبدت إعجابها. مثلاً، أعمال فيلليني، أنا شخصياً لا أريد عرضها، إنها آخر أفلام قد أفكر فيها، وأنا ضد الناس التي تُصرة على إعادة عرضها، كمبرمج لا تُعطيني أي جاذبية.
البعض خصوصاً في الغرب يعتبرك عين على السينما العربية، أو تنقل نبضها إليهم، فهل يُشكل ذلك مسئولية عليك؟
ليس موضوع مسئولية ولكنه تقريبا دفاع عن هويتي، عندما بدأت الكتابة والبرمجة؛ في الأول كنت أكتب عن كل حاجة، مثلاً لما ظهرت حملة «مي تو»، الناس لاتتحدث عنها على أنها أيضاً تخص الهوية السياسية، وليس فقط الإنتهاكات الجنسية، بالنسبة لي، أهلي طول عمرهم يعيشون في أمريكا، ولم أكن أتخيل أنني لست أبيض. أول صدمة تلقيتها في حياتي لما بدأت أكتب في الغرب. كل حاجة كتبتها في الغرب كان لابد أن أشتغل كثيراً جدا عليها، بشكل صعب حتى أنال مكانتي، فقط لأنني لست أبيض.
لكني أدركت أن اللغات الآخري التي تكتب عن السينما العربية - سواء باللغة الإنجليزية، أو باللغات الآخرى - هى كتابات سطحية جداً، إضافة إلي المغالطات التاريخية. أدركت أنه جاء الوقت لكي نعترض عليها، أن أي إنسان ليس من ثقافاتنا يقول مغالطات أو أشياء غير صحيحة لابد أن نواجهه، ولابد أن نعبر عن ذلك، ونصحح لهم أخطائهم لتقديم الصورة الحقيقية عن ثقافتنا. مثلا لما عملوا قائمة أفضل ١٠٠ فيلم في تاريخ السينما من خلال نساء صانعات أفلام، لم يكن بينهم صانعة أفلام عربية واحدة، كتبت مقال قلت فيه: «تقولون أنه لا يوجد فيلم عربي يستحق أن يكون في القائمة.. طيب هذه قائمة بأحد عشر فيلماً من إخراج امرأة.»
مليون حاجة غلط مثل هذه في مليون مكان، حان الوقت للتوقف أمام كيف يفهم الناس - من الثقافات الآخرى - أفلامنا لأن الأشياء الكثيرة التي يتم كتابتها ليست فقط مليئة بالأخطاء، لكنها أيضاً استشراقية جداً، فالذي حدث لموضوع الهوية السياسية المتزامن مع حملة «مي تو»، يقول آنه آن الأوان بضرورة أن نوقف هذا، لابد أن يصل صوتنا للخارج، لازم أن تتواجد مراجع وكتابات تكشف هذه المغالطات، وأنا أصريت أن تكون كتاباتي أحد هذه المراجع، كنت أكتب باللغة الإنجليزية وبعدين أصبحت كتاباتي تُترجم للفرنسية، والأسبانية ولغات آخرى، حتى يتم استبعاد هذا التجاهل. مثلاً، شيء بسيط جدا، لما مفيدة تلاتلي ماتت كتب بيك جيمس المحرر الرسمي لـ«سايت أند ساوند» يقول: «أول مخرجة عربية».. فكتبت رديت عليه بأنه في مصر مخرجات من منتصف العشرينيات مثل عزيزة أمير، وحتى على مر العقود هناك أسماء آخرى مثل عطيات الأبنودي.. لكن المستفز أن الجارديان بعدها بساعة واحدة تقريباً كتبت تردد نفس الكلام: «مفيدة تلاتلي أول مخرجة عربية».. طبعا عدلوا الخطأ، وهذا لم يكن ليحدث لو لم أكتب وأعترض.
هذا هو المناخ الذي نتكلم عنه. إذن، بالعودة لسؤالك، ليس موضوع مسئولية ولكنه تقريبا دفاع عن هويتي، من منطلق أنا ليه أعرف كل حاجة عن تاريخكم، وأعرف تاريخ الفلسفة، والموسيقى عندكم وأنتم لا تعرفون أي شيء عن ثقافتي. هذا تجسيد لفكرة الاستعمار بالنسبة لي.
بالعودة لتكريم المهرجان التشيكي العريق «لمؤسسة الفيلم» أعتقد أنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بدعم مهرجان كارلوفي فاري منذ زمن بعيد وجهوده لأجل الحفاظ على التراث السينمائي التشيكوسلوفاكي. إنها رحلة مليئة بالعاطفة بدأت قبل عقد من الزمن بترميم أعمال فرانتيسيك فلاجيل، والذي تم التصويت على أعماله كأفضل مخرج تشيكي في كل العصور ومن أبرز أعماله ماركيتا لازاروفا.
طبعاً، لذلك أقول أن الحاجة العبقرية من وراء عمل مؤسسة الفيلم أنها تُلهم الكثيرين وتشجعهم على الترميم، والحفاظ على تراث السينما، لقد اكتشف الكثيرون أن هذه الأمور في ذات الوقت «بيزنيس». بالنسبة لمهرجان كارلوفي فاري فهناك اهتمام بترميم الأفلام التشيكية، ويعرضها كل سنة في دوراته المتوالية، هذا شيء دائم، هذا يعتبر مرآة ويُفسر لماذا انصب اهتمامنا على تكريم «مؤسسة الفيلم».
وماذا عن طموحك للمهرجان.. وطموحك الشخصي؟
كل آملي حاليا، أن كورونا تنتهي وأشوف أهلي. بالنسبة للمهرجان أتمنى تواجد عربي أكثر في المسابقة. لما بدأت عملي معهم لم يكن هناك للأفلام العربي وجود في مسابقة «شرق الغرب»، فكان أول خطوة أننا فتحنا المسابقة أمام الأفلام العربي، ثم شمال أفريقيا، بإعادة تعريف المفهوم الجغرافي. أكثر شيء فخور به أننا فتحنا المجال أمام الأفلام العربية، فتحنا الفرص أمام «المواهب الواعدة»، والتي أكبر جائزة فيها مائة ألف يورو.
يبدو لي أن هناك علاقة ثقة كبيرة بينك وبين إدارة مهرجان كارلوفي فاري
إنهم عائلتي. كارل أوخ أحد أعز أصدقائي. نحن نكمل بعضنا. الثقة موجودة. نستمتع بالعمل على هذا وهناك أفلام نتخانق عليها ونختلف حولها، أفلام آخرى نحبها لكن لا نستطيع أن نحضرها، سعادتي أنه خلال الأربع سنين الماضية هناك ثلاثة أفلام من الشرق الأوسط أخذوا المائة ألف منهم فيلمين عربيين، «جدار الصوت» إخراج أحمد غصين، وفيلم باسل الغندور، فأن يحصلوا على هذه الجوائز بعيداً عن قرف السياسة أعتبره شيء رائع. وأعتقد أن كارل أوخ كان لديه هذه الرغبة حتي من قبل حضوري للمهرجان، أعتقد أنهم لهذا السبب اختاروني، لأنهم كانوا يريدون اكتشاف المنطقة العربية، والشرق الأوسط..
ربما نتج عن ذلك مشاركة «الامتحان» للمخرج الكردي العراقي شوكت أمين كوركي في المسابقة الرئىسية
ولازال أملي أن يكون بالمسابقة الرئيسية أفلام عربية أكثر. بالتأكيد، أحسن الأفلام تذهب إلي مهرجان كان وبرلين وفينيسيا، وبعدها إحنا - كارلوفي فاري - ومهرجانين تانين أو ثلاثة نظل نتخانق على الأفلام الآخري المتبقية، فهذ الأمر صعب جدا، لكن أعتقد أن أي فيلم عربي أخذناه - سواء «الأرجوحة»، أو «الحلم البعيد» لمروان عمارة، أو «آخر زيارة» للمخرج عبد المحسن الضبعان - وعرض في كارلوفي فاري كسب حالات كثيرة وأرض جديدة، وتم استقباله في مناطق عديدة بترحاب. لذلك، عندما ننظر إلي الأفلام العربية التي استقبلناها في كارلوفي فاري، ونتأمل إلي أين ذهبت سنجدها تتحدث عن نفسها، عن قيمتها وأهميتها. أيضاً، من الحاجات الجيدة في الأعوام السابقة أن كارل أوخ سافر إلي مراكش، سافرنا سوياً إلي الدوحة ولبنان، وهذا استثمار حقيقي، فبدأ الناس في المنطقة العربية تعرف ماذا يعني مهرجان كارلوفي فاري وأن لدينا في المهرجان فرصة جيدة للتنافس، ومنصة عرض مهمة يمكنهم أن يأتوا إليها. وهذا سهل لنا أمور عديدة فرغم أن هذه السنة كانت كارثية بسبب كوفيد-١٩، لكن الدورة الماضية كانت أكبر دورة استلمنا فيها تقديم طلبات أفلام العربية وأيضاً القادمة من الشرق الأوسط. مع ذلك، أكيد أريد أكثر، أكيد أريد أن يكون أحسن فيلم عربي من نصيب مهرجان كارلوفي فاري. أما الطموح الأكبر فهو منصة عرض مهرجان كارلوفي فاري الإلكترونية، إنها الخطوة التالية. عندي أمل أنها ستكون أكبر منصة عرض للأفلام في المنطقة، أتمنى كذلك أن نتمكن من بث أفلام عربي من خلالها، المنصة بدأت إطلاق مبدئي أثناء الدورة الحالية فعرضت لقاءات وفعاليات من المهرجان، لكن الإطلاق الرسمي سيكون في أكتوبر.
وماذا عن طموحك الشخصي..؟
أريد أن أستمر في عمل ما أحبه؛ الكتابة، والبرمجة. كذلك أعمل مستشاراً لبعض صناع الأفلام، وفي مجال الإنتاج، أتمنى أن نظل قادرين على أن ندفع بأفلامنا بقوة حتى تذهب إلي مناطق مهمة. أغلب المهرجانات بها ناس نعرفهم، نثق فيهم، وأصدقائنا، وبسبب هؤلاء الناس الذين نثق فيهم فإن أفلامنا أمامها فرص جيدة.. خصوصا الأفلام العربي.. كخطوة أولى تعمل أشياء جيدة جدا.. لكن الأكيد أن الوقت الحالي هو أكثر وقت في تاريخ المنطقة نقدر أن ندفع فيه بأفلامنا إلى أكبر المهرجانات في الدنيا.. أما أكثر شيء أستمتع به في هذه العملية وجودي مع الجمهور، أن أعيش معهم هذه التجربة، أنني أواصل عملي في عرض اكتشافات جديدة من كل مكان في العالم.. ومن أفلامنا العربية، أفلام لا أحد يعرف عنها شيئاً، ونعطيهم جماهير بأكبر قدر ممكن سواء من خلال مهرجانات أو من خلال منصات العرض. مع ذلك أكثر حاجة مهمة لي كمبرمج، أكثر شيء له جاذبية في البرمجة أنني أثناء تقديم فيلمي للعالم كأنه طفلي - ماي بيبي - فإما أن يقبلوه أو يرفضوه، مع ذلك نحن مهتمين وراغبين في أن نعطي للعالم أطفالاً بأكبر قدر ممكن ونتمني أن الناس تقبلهم.