صاحب موقف وشارع وميدان بشبرا.. من هو أحمد حلمي؟!
تحمل العديد من الأماكن التي قد تطأها قدماك في شوارع القاهرة اسمه، فهناك موقف أحمد حلمي وشارع أحمد حلمي وميدان أحمد حلمي بمنطقة شبرا مصر، ويعرف معظم سكان القاهرة الميدان، كما يعرفون موقفه الرئيسي التى تنقل الركاب إلى المحافظات المختلفة، والتى تقع فى منطقة تقاطع بين رمسيس، ووسط القاهرة، وحى شبرا، ولكن هل يعرفوا من هو أحمد حلمى.
ويرصد موقع محطة مصر قصة ذلك الشخص، الذى يحظى بذلك الاهتمام لتصبح جميع تلك المناطق المركزية والمهمة تحمل اسمه...
- المولد والنشأة
أحمد حلمي باشا، من مواليد عام 1875، بحى خان الخليلى، وهو يتيم الأب منذ نعومة أظافره، فمات أبوه قبل ولادته وأهتم خاله بتربيته وتعليمه.
استطاع أحمد حلمي أن يتم تعليمه بنجاح، وبمجرد أن تخرج تم توظيفه وتنقل فى وظائف متعددة، حيث عمل كاتبًا في أحد الدواوين الحكومية، ومن ثم موظفًا فى وزارة المالية ثم بمصلحة المساحة.
- حبه للكتابة
كان لأحمد حلمي ميلًا شديدًا للكتابة وتنظيم الشعر، فترك عمله فى وزارة المالية، وبدأ مراسلة جريدة السلام التى صدرت فى الإسكندرية مايو1898، وعمل لها مراسلًا لجريدة السلام، بمدينة الإسكندرية لصاحبها غالب محمد طليمات، ناقلًا إليها أخبار القصر الخديوي وأنباء الوزارات والمصالح.
وفى الثاني من يناير عام 1900، أصدر الزعيم مصطفى كامل، جريدة اللواء، فرغب حلمى بالالتحاق لها، وبالفعل أنضم لهيئة تحريرها، وعمل بها محرراً وشاعرا وأديبا، ثم رئيسا للتحرير.
- مقال حلمي لعزل اللورد كرومر
وفي 13 يونية عام 1906، سافر حلمي بنفسه، لتغطية أحداث مذبحة دنشواى، لينقل بقلمه وكلماته صورة عن البشاعة الإنجليزية التي يتعرض لها المصريون هناك، وقام بكتابة تحقيقًا صحفيًا مشهورًا فى جريدة اللواء عن تلك الحادثة بعنوان "يادافع البلاء"، اعتمد عليه مصطفى كامل بشكل كبير فى تحقيق مساعيه نحو عزل اللورد كرومر، وبعدها بدأ حملة أخرى لرفض التفرقة بين المصريين على حسب الدين والتى حاول الإنجليز زرعها.
- الرجل الثاني بعد مصطفى كامل
وأصبح أحمد حلمي بمثابة الرجل الثاني بعد مصطفى كامل في تلك الجريدة، وظل يكتب خلال الفترة من 1900 إلى 1908، عددا من الموضوعات الوطنية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فكان لكتاباته أكبر الأثر في التهاب المشاعر الوطنية وفي كشف النقاب عن الصورة الحقيقية والبشعة للإحتلال الإنجليزي.
- الرجل الثاني لم يعد كذلك
استقال حلمى من جريدة اللواء محتجًا على سياستها، بعد وفاة مصطفى كامل فى فبراير 1908، وذلك لأسباب متعلقة بتدخل عائلة الزعيم مصطفى كامل في الجريدة، وابتعادها عن مباديء الحزب الوطني الذي آمن به.
- أحمد حلمي والقطر المصري
أصبح أحمد حلمي على الجبهة منفردا الآن، فأصدر مجلة القطر المصرى عام 1908 أي في نفس العام الذي استقال فيه من اللواء، وهي مجلة شاملة ومتنوعة، تضم موضوعات سياسية وطنية أدبية زراعية صناعية، كما انها مجلة أسبوعية تصدر صباح كل يوم جمعة.
وتبنت المجلة القومية المصرية وطالبت بعدم الاعتماد على دولة أجنبية ولا على نفوذ العائلة الخديوية، وبعد 6 أشهر حولها لجريدة لرخص ثمن الجريدة عن المجلة.
- مشوار طويل تبنته الجريدة
بعد تحولها لجريدة، بدأت تخطو أولى خطواتها في رحلة طويلة قضتها مع مؤسسها نحو الكفاح أمام سلطات الاحتلال البريطانى، ومواجهة فساد الملك، وعلى الرغم من أن سلطات الاحتلال وحكومة الملك لم تتحمل الجريدة أكثر من عامين فقط إلا أن المانشيت الأخير بعنوان "فلتسقط حكومة الفرد"، الذى أدى إلى إغلاقها فى 22 يناير 1910، ظل مسمار هام وأحد العوامل فى هدم الاحتلال والحكم الملكى على حد سواء.
- تهمة العيب في الذات الملكية
بالنظر إلى ما وراء ذلك المانشيت، نجد أن السبب في هجوم حلمى على النظام الملكي والخديوى، واتهامه بعداوته للأمة ورفضه منحها مجلس نواب، أدى إلى تقديمه إلى المحاكمة، حيث اتهمته النيابة بتهمة لم تنظر مثلها المحاكم المصرية منذ افتتاحها في 1883 وهى العيب في الذات الملكية،وجاء الحكم بحبس أحمد حلمى 10 أشهر، وتعطيل جريدته القطر المصري لمدة 6 أشهر وبإعدام كل ما ضبط وما يضبط من العدد 37 من الجريدة المذكورة وأعفت المحكوم عليه من المصاريف وجعلت الكفالة لإيقاف التنفيذ ألف قرش.
إلا أنه قضى مدته وتم حبسه، وبعد إنقضاء مدة الحبس توالت مقالاته، ففى عدد 26 نوفمبر صدر مانشيت رئيسي هو "فلتسقط حكومة الفرد".
- نتاج تجربة السجن
لم يكن السجن رادعا لشخص مثل أحمد حلمي، ففى عام 1911، أصدر الطبعة الأولى من الجزئين الأول والثاني من كتابه "السجون المصرية في عهد الاحتلال الإنجليزي"، وكتب على صدر الكتاب عبارة:"سجن الجسم خير من سجن الضمير"، وتناولت هذه الأجزاء كل ما عاصره وشاهده أثناء مدة حبسه.
- التجربة الثانية "صحيفة المشرق"
في 4 يوليو 1914، أصدر أحمد حلمى، صحيفة المشرق وصنفها على أنها صحيفة أدبية تاريخية وكان ثمن النسخة 8 مليمات، وعلى الرغم من اختلافه مع الخديوى عباس حلمى، نشر في صدر العدد الخامس من المشرق صورة للخديوي بعنوان "سلمت لتحيا مصر فيك وتسلما"، وهي تهنئة للملك بنجاته من الاغتيال على يد مجنون، كما أصدر في الـ 25 من أغسطس من عام 1919، صحيفة جديدة اسماها "الزراعة".
- دور أحمد حلمي في نقاط
دعا إلى الوحدة الوطنية بين وادي النيل في مواجهة الاحتلال الانجليزي.
طالب الجيش المصري بالانضمام إلى المدنين في المطالبة بالدستور والحرية.
كتب من وقائع التقارير الرسمية عن السياسة التعليمية فى هذا الوقت وأن الهدف من التعليم هو الحصول على الموظفين الذين تأمرهم الدولة فيأتمرون وتزجرهم فيزدجرون.
هاجم النظام الملكي والخديوى واتهمه بعداوته للأمة ورفضه منحها مجلس نواب وبيع الأوسمة والرتب للأعيان.
تسائل عن الحق الذي يمنح لعائلة محمد على سحب 350 ألف ليرة من الخزينة المصرية.
- يأس وترك لساحة المعركة
يأس أحمد حلمي من نداءاته دون جدوي، ورأي بأنه لن يستفد شيئًا من الإعتقال أو النفى فآثر العمل في الزراعة وأستأجر مزرعة كبيرة تبلغ 1000 فدان، بكفر دملاش مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، وعمل بها مزارعا، ولكن الأزمة الإقتصادية التي حلت بالبلاد بعد الحرب العالمية الأولى، أصابته فخسر الكثير مما جمعه وخرج ببضعة ألوف من الجنيهات اشترى بها عمارة كبيرة في شبرا أقام بها حتى وافته المنية في 18 يناير 1936، وخلد اسمه على ميدان بمنطقة شبرا وموقف وشارع.