أشهرهم الدرة وعهد التميمي| أطفال فلسطين .. تاريخ من المقاومة
محطة مصر"وأصغر طفلة بفلسطين شالت بالكف حجارة"، هو طفل قد لا يتجاوز عمره الـ 10 سنوات، ممسكا بيده حجارة، تهلك نفسه فكرة ترك وطنه محتلا لكيان مغتصب، يعلم جيدا معنى الأرض والوطن، كما يعلم أيضا معنى الشهادة، لا يأبه لتلك الأسلحة الممتدة في وجه حجره الضعيف، ولكنه يقف شامخا عزيز النفس مدافعا عن قضيته، وحالما بوطن عزيز محرر وأرض لا تضم غير أهلها، سالكا في فعله نهج آبائه وأجداده من قبله.
إلا أن الحلم ينتهي بمجرد الوقوف، فهو لم يكن يعرف أن حجمه الضئيل وجسمه الصغير وعينيه البريئتين، أعظم سلاح في وجه مغتصبه، وأن الحجرة بيديه تقذف في قلب عدوه الخوف، ولم يكن يدري أن السبيل الوحيد لعدوه في التغلب على هذا الخوف، هو قتل الطفل البريء والتمثيل بجسدته.
ويذكر أن تسمية "أطفال الحجارة"، بدأن مع أحداث الانتفاضة الأولى عام 1987، وذلك بعد انتشار عدة صور لأطفال عزّل في المدن والقرى الفلسطينية، يحملون الحجارة مجتمعين في مواجهة الآليات العسكرية والرصاص الكثيف الذي كان يرد به جنود الاحتلال، ما أكسبهم تعاطفاً عربياً وعالمياً آنذاك.
ليلمع في تلك القضية الكثير من الأسماء البريئة عبر تاريخ النضال الفلسطيني يقدمها موقع محطة مصر في السطور التالية...
1- محمد الدرة.. مات الولد
يعد أبرز من جعلنا نلتفت للدور الذي يلعبه أطفال فلسطين، هو حادثة استشهاد الطفل محمد الدرة صاحب الـ 11 عاما فى الثلاثين من سبتمبر عام 2000، والتي احتل بثها شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام العربية والعالمية لعدة أعوام، بعد أن التقطه طلال أبو رحمة مصور القناة الثانية الفرنسية، خلال اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية، وتم قتله برصاص الاحتلال، وهو يحتمي في حضن والده خلف حاجز اسمنتي بأحد شوارع فلسطين، وتحديدا قرب مخيم البريج في قطاع غزة، وكان الدرة ووالده أبطالا ساهموا في تسريع وتيرة الانتفاضة، وزيدات التعاطف والتضامن وغضب العالم.
فى الفيديو ظل والد الدرة يشير ناحية قوات الاحتلال بوقف إطلاق النار، وحتى بعد أن طالته رصاصات الغدر، أخذ الوالد يحاول أن يحرك جسده كى يطمئن على ابنه دون ان يتمكن بسبب إصابته التى نجا منها.
ليكون بذلك أو الأبطال الذين حُفرت أسماؤهم في الذاكرة الفلسطينية، وشكلوا رموزاً لمراحلها، ولم تكتفي القائمة باسم الدرة، وأنما ضمت أسماءا أخذت تزداد يوماً بعد يوم، مع تعدد الحروب والمواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال.
2- فارس عودة
لم تخشى قوات الأحتلال تلك الثورة، ولم يشغلها الدم الثائر الذي تدفق في العروق للدرة، فبعدها بشهر واد فقط، وتحديدا في 8 نوفمبرعام 2000، قام الاحتلال بإعدام الطفل فارس عودة، الذي أطلق عليه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لقب "الجنرال"، وقالت أمه عنه: "لم يكن طفلاً عادياً، كان يريد طرد الاحتلال، في عمر الـسادسة".
وفي عمر الـ 15عاما، خرج فارس ليواجه بجسده دبابة "الميركافا" الإسرائيلية المدرعة، لتقوم الدبابة بإطلاق النار على رقبته من مسافة قريبة، وطهرت دمائه أرض معبر المنطار شرقي غزة، كما تصدرت صورته وسائل الإعلام والصحف العالمية.
وأظهرته الصورة واقفا قبالة الدبابة ممسكا بحجر في يده، وأثارت الصورة غضب المجتمع الدولي، ضد ممارسات الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين العزل.
3- أحمد وحسن مناصرة
في الـ 11 من اكتوبر عام 2015، ضرب الطفلان أحمد وحسن مناصرة خير مثال في مواجهة الاحتلال، وأصيبوا بعد مطاردة المستوطنين الإسرائيليين وجيش الاحتلال لهما في مستوطنة "بزغات زئيف" شمال القدس المحتلة.
وأدت عمليات الكر والفر خلفهما، إلى استشهاد حسن مناصرة، وتداولت وسائل الأعلام صوره وهو غريق في دمائه ملقى على الأرض، في وضعية غير مريحة، حتى لحفظ أدمية الإنسان في موته.
أما أخيه أحمد مناصرة، فتم اعتقاله بتهمة تنفيذ عملية طعن وإصابة مستوطن بجروح، وانتشر له مقطع فيديو يظهر اعتداء المستوطنين على الطفل أحمد مناصرة صاحب الـ 14 عاما حينها، كما أظهر الفيديو إصابته بجروح خطيرة، إلى جانب سبه وشتمه بألفاظ بذيئة.
" مش متذكر"، هي الكلمة التي اشتهر بها الطفل مناصرة في رده على ضباط التحقيق الإسرائيليين، وتداولها عنه ناشطون كثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ومؤخرا وافقت المحكمة الإسرائيلية العليا على تخفيض الحكم على الطفل الأسير أحمد مناصرة، ليصبح 9 سنوات ونصف بدل 12 عاماً، بعد أن أدين بمحاولتي قتل وبحيازة سكين، وليودع طفولته بين عتمة زنازين الاحتلال.
4- محمد أبو خضير
فى فجر يوم 2 يوليو 2014، خرج محمد أبو خضير صاحب الـ 16 عاما ابن حى شغفاط بالقدس لأداء صلاة الفجر، وكان سعيدا كباقية الأطفال الذين خرجوا لأداء الصلاة فى رمضان فى كل أنحاء العالم، لم يكن يعرفه مصيره، فقد توقفت سيارة نقل تحمل مستوطنين خطفوه إلى غابة قريبة من منزله وهربوا بالسيارة بعيدا، وبدأوا فى تعذيبه تعذيبا وحشيا، ثم فى النهاية أشعلوا النار فيه وتركوه قتيلا، في أحراش دير ياسين.
وأثارت واقعته موجة غضب واسعة في القدس والمدن الفلسطينية، إضافة إلى إدانة دولية، حيث تصاعدت وتيرة الغضب الفلسطيني، والقصف بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي وفي الـ8 من نفس الشهر، وكان الطفل أبو خضير شرارة الحرب الثالثة على القطاع صيف 2014.
5- عهد التميمي
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عهد التميمي في سن الـ 17 عاما، والتي عرفت منذ طفولتها بمواقفها الشجاعة أمام الجنود المدججين بالسلاح، إلى جانب دفاعها عن والديها أثناء اعتقالاتهما المتكررة.
وشاركت عهد منذ عمر الرابعة مع والديها في العديد من المسيرات والمظاهرات رفضاً للسياسات التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد منطقتها، وأجري معها عدة مقابلات تلفزيونية، وظهرت في عدة فيديوهات في طفولتها المبكرة، كما ذكرت أنها تؤمن بما تفعل تماماً، وترى أن الخروج في المسيرات المناهضة للاحتلال حافزاً للناس للاستمرار في النضال من أجل حقهم المسلوب.
وقررت محكمة "عوفر" العسكرية غرب رام الله، تمديد اعتقال عهد، التي انتشر لها مقطع فيديو مؤخراً وهي تلطم جنود الاحتلال وتطردهم من ساحة منزلها في قرية النبي صالح قضاء مدينة رام الله، زاعماً بأنها تشكل "خطراً على أمن الدولة"، وكان قوبل اعتقالها بموجة تضامن واسعة فلسطينياً وعالمياً.