احتلال البلدان وتجارة التوابل.. وعلاقتها بتنكيه الطعام والأدوية
ميار مختار محطة مصروصلت التوابل إلى أوروبا عبر الطرق البرية والبحرية بالقرن الـ15، حيث نالت ثناء الغرب، واستخدمت في الطعام وأحيانا كأدوية، لكن كان دائمًا ما يعوق استقدامها لأوروبا عدم وجود طريق مباشر ما بين محل وجودها بآسيا وأوروبا، حيث كان يتم نقلها إلى أوروبا عن طريق الشرق الأوسط، ما يعني بالتبعية زيادة في سعرها نتيجة لوجود وسطاء، لهذا، كان أحد المحفزّات الرئيسية بعصر الاستكشاف الأوروبي هو البحث عن الوصول المباشر إلى تجارة التوابل المربحة للغاية.
وكان مصطلح التوابل بالعصور الوسطى، مصطلحا عاما، يشمل جميع المنتجات الطبيعية بدايةً من السكر ووصولا إلى الفلفل والأعشاب، وكانت التوابل تحظى بإعجاب واضح من قبل الأوروبيين، بسبب النكهة التي كانت تضيفها للأطباق، على الرغم من أنه يعتقد أن الأصل في استخدام التوابل مع الطعام كان لإخفاء طعم اللحوم الفاسدة.
اقرأ أيضاً
- بعد ميدالية الجندي البرونزية...ما هي لعبة الخماسي الحديث ؟
- سيف الجزيري يقود هجوم الزمالك أمام المحلة
- صحيفة تكشف مفاجأة عن تجديد عقد محمد صلاح مع ليفربول
- فرنسا تفوز على الدنمارك وتحصد ذهبية كرة اليد
- منتخب البرازيل يفوز على إسبانيا ويتوج بالميدالية الذهبية
- تكنولوجيا جديدة تحسن إنتاج العديد من المكونات الإلكترونية والكمبيوتر
- المتهمة بقتل ابنتها في البساتين: «شقيقي قال لي القي الجثة من الطابق الخامس»
- شراكة قوية بين القاهرة وبغداد في عهد السيسي.. اعرف التفاصيل
- السيسي: فخور بإبنتي فريال أشرف.. إنجاز جديد يدعو للفخر
- «الإفتاء» توضح حكم الزواج بـ الثانية دون علم الأولى
- إحالة قاتل جدته في الزاوية للمحاكمة
- فريال والجندي يحصدون الذهب والفضة.. تعرف على حصاد مصر في الأولمبياد
بينما امتلك الأوروبيون عاملا آخرا جعلهم ينجذبون للتوابل، حيث كانت تعد مكونات نادرة، بالتالي تشير إلى ثراء من تتزين طاولة طعامه بها، فأصبحت إضافة عصرية لأي جلسة طعام، ورمزا حقيقيا للأثرياء الذين لطالما امتلكوا كل ما هو نادر، بل إنها أحيانا أصبحت قيمة في حد ذاتها مثل الحلويات فباتت تؤكل بمفردها دون إضافتها على أي نوعٍ من الطعام.
كانت أكياس التوابل مطلوبة للمآدب الملكية وحفلات الزفاف، فعلى سبيل المثال، كان منزل دوق باكنغهام في إنجلترا يستخدم رطلين "900 جرام" من التوابل يوميًا، معظمها من الفلفل والزنجبيل، لكن في نفس الوقت؛ حتى الطبقات الفقيرة كانت تستخدم الفلفل كلما أمكنهم الحصول عليه، بل وبكميات كبيرة، على الرغم من تكلفته.
بجانب تذوقها، أعتقد بأن للتوابل قيمة طبية، حيث كانت تستخدم كمطهٍّر للجسد، لكن القيمة الأهم بالنسبة لمن عاشوا ذلك العصر كانت قدرة التوابل على حفظ توازن الجسم، والتي كانت الفكرة الشائعة عن الجسم المثالي، فعلى سبيل المثال، كانت الأسماك طعاما باردًا ورطبًا، وبإضافة التوابل له، أصبحت هاتان السمتان أكثر توازنا.
كان يمكن أيضًا تناول التوابل كأدوية في حد ذاتها، وبالتالي يتم سحقها وتحويلها إلى حبوب، كريمات وشراب، وعدّ الفلفل الأسود علاجًا جيدًا للسعال والربو، وادعى الكيميائيون أنه يمكن أن يشفي جروح الجلد السطحية بل ويعمل بمثابة ترياق لبعض السموم، وكانت القرفة تستخدم لعلاج الحمى، وجوزة الطيب للحماية من انتفاخ البطن.
استخدمت كذلك التوابل للتخلُّص من الروائح الكريهة بشكل عام، عن طريق حرقها مثل البخور، نثرها على الأرضيات، أو حتى وضعها مباشرة على الأجساد، لأن المختصين ارتأوا أن الرائحة الكريهة من الممكن أن تسبب الأمراض الجلدية، ويعد اللبان، الصندل، خشب الصندل والمستكة من العطور الأكثر رواجًا بالعصور الوسطى، لذلك نرى خلال موجات طاعون الموت الأسود العديدة التي اجتاحت أوروبا في هذه الفترة، أحرق الناس العنبر لدرء المرض المميت.
وبحلول القرن الـ13، بدأ المسافرون مثل ماركو بولو، في توسيع الرقعة الجغرافية المعروفة للأوروبيين، حيث ذهبوا شرقا ليجدوا الهند ممتلئة بالفلفل الأسود، سيريلانكا غارقة في القرفة، وكانت تيمور مصدر خشب الصندل، بينما كانت الصين واليابان تحصلان على توابل مثل القرنفل وجوزة الطيب والصولجان من الهند وجنوب شرق آسيا وجزر مالوكو، لذلك أطلق عليها لقب جزر التوابل.
بسقوط القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية عام 1453 على يد العثمانيين، فقدت أوروبا رسميا الطريق البري الرئيسي لها على خط تجارة التوابل، لذلك أصبح حتميا أن يبحث التجار الأوربيون عن طريق بديل، بل إن الأفضل هو محاولة السيطرة على إنتاج التوابل من المصدر إن أمكن.
الأمر الذى ولد دوافع سياسية، اقتصادية، ودينية لاكتشاف طريق بحري من أسيا إلى أوروبا بعدما أغلقت الطرق البرية، ولأن الجانب الاقتصادي أيضا هام بالنسبة للإقطاعيين، الذين حلموا بتحقيق عوائد ضخمة عبر تجارة التوابل المربحة، أبحر العديد من المستكشفين إلى المجهول.
كما كان البرتغالي كريستوفر كلومبوس يعتقد حين أبحر غربا عبر المحيط الأطلسي أواخر القرن الـ15 أنه في طريقه لكي يكتشف آسيا ‑منبع التوابل- لكنه نجح صدفةً في اكتشاف كتلة أرضيةً جديدة وهي الأمريكتان، وفي عام 1488 أبحر بارتولوميو دياس أسفل ساحل غرب إفريقيا وقام بأول رحلة حول رأس الرجاء الصالح، الطرف الجنوبي من القارة الإفريقية (جنوب إفريقيا حاليًا) وتبعه فاسكو دا جاما، الذي قام أيضًا في 1497–1994 برحلة مشابهة ولكنه أبحر بعد ذلك على ساحل شرق إفريقيا وعبر المحيط الهندي للوصول إلى كاليكوت (كوزيكود حاليًا) على ساحل مالابار في جنوب الهند.
أخيرًا، وجد الأوروبيون طريقًا بحريًا مباشرًا إلى ثروات الشرق، فعبر ساحل مالابار في الهند، يمكن للسفن الأوروبية أن تبحر شرقًا إلى جزر التوابل وجنوب شرق آسيا، لهذا تم فتح طريق من قبل فرانسيسكو سيراو، الذي أبحر إلى جزر التوابل في عام 1512، وفرديناند ماجلان، عندما قام بأول طواف حول العالم في 1519.