في الاختلاف اتفاق
د. أسامة مدني محطة مصر
تتزايد بشكل مطرد حدة الاستقطاب دولياً وإقليمياً، كما يتفاقم الأمر على مستوى الأفراد والجماعات شرقاً وغرباً، مما ينفر بالتبعية من فكرة الاختلاف، ويعضد من مفهوم الاتفاق، فصار الاختلاف خروجاً عن الصف، وأضحى الاتفاق تكاتفاً مع الجموع.
اقرأ أيضاً
- رامز جلال يطر ح البوستر الرسمي لبرنامج المقالب الجديد
- المقالون العرب 2001 يتخطى الإسماعيلي بثلاثية في دوري الجمهورية
- تكامل أدوار البنية في نقد طه وادي
- قناة السويس شريان الحياه
- ”رامز مريض نفسي” في رمضان 2021 بأمر القضاء
- ماذا ينقص السينما المصرية من 70 سنة؟.. مديحة يسري تجيب في مقال صحفي
- جامعة المنوفية تهنئ الفنان الدكتور عمر فرج بجائزة أفضل رسالة دكتوراه
- وزير التعليم العالي يستعرض المشروعات التنفيذية لتطوير الجامعات الحكومية
- عن عودة التضخم وفخ الوسط
- الطريق الصعبة... اختيار!
- ”عوج الطاقية الولا”
- القلمينا.. التنمية الشاملة في أقصى الصعيد
ولكن الدراسات الثقافية تؤكد علي ضرورة الاختلاف كمطلب ملح، بل وحتمي ليس بين الأفراد فحسب، بل لتطور المجتمعات البشرية بشكل عام. فالأصل في العلاقات الإنسانية هو الاختلاف وليس الاتفاق عكس ما هو شائع، حتى إن عديداً من هذه الدراسات الثقافية ذهبت إلى فرضية أن المجتمعات المتجانسة عرقياً إلى اضمحلال وزوال لتوافق جيناتها الوراثية، وبالتالي أحادية أنماط معيشتها وتفكيرها، في مقابل المجتمعات متعددة الأعراق؛ فهي متجددة، متطورة لتنوع جيناتها الوراثية وتعدد أنماط حياتها ورؤاها.
فالاتفاق التام علي مستوى الفكرة أو الرأي أو الخطة أو المشروع يولد أحادية في التفكير، خطاً مستقيماً، سيؤدي إلي نتيجة، مهما بلغت من نجاح، ستظل منقوصة لأن هذا المنحى الأحادي المتفق عليه قد أغفل رؤى مغايرة، مختلفة؛ ربما كانت ستثرى أكثر مما تنتقص. أما الاختلاف فينتج رؤى متعددة، ومسارات عدة لتحقيق الهدف، تنوعاً لا نهائياً من الرأي والرأي الأخر، الفكرة والفكرة المناظرة، الخطة والخطة البديلة، فيتحقق الهدف الذي هو نتاج بوتقة منصهرة من الرؤى والأفكار المتباينة.
ولكن علينا أن ننتبه إلى أن الاتفاق التام بين الجموع وإن كان يؤدي إلى اضمحلال وركود، فالاختلاف الحاد أيضاً يؤدي إلى فرقة وعداء. لذا، يجب أن يكون السعي إلى الاتفاق عبر الاختلاف. ولكن أي نوع من الاختلاف؟ الاختلاف القائم على الصدق لا المراوغة، النوايا الحسنة لا السيئة، المصلحة العامة لا الشخصية، الرغبة في البناء لا الهدم؛ أن يكون اختلافاً بناءً، إيجابياً، وليس اختلافاً هداماً سلبياً، يستجمع آراء ورؤي الجميع في بوتقة واحدة، جامعة لكل حميد، مانعة لكل خبيث.
دعونا إذن نختلف لنتفق، نسعى بشكل حثيث إلي تقديم رؤى وأفكار وخطط واستراتيجيات صادقين، مخلصين؛ قانعين بأن اختلافنا، إن صدقت النوايا، قوة، وأن اتفاقنا، إن ساءت النوايا، ضعف. دعونا ندرك أن الاختلاف القائم علي الاتفاق اتحاد، وأن الاتفاق القائم علي الاختلاف فرقة.
وعندها، جميعاً سنتفق.