معروض بالمتحف القبطي... والعلماء لم يكتشفوا أسراره حتى الآن
”مزامير داوود”... أندر مخطوط في العالم
حنين ناجي محطة مصر
وصفته وكالات الأنباء العالمية، بأنه أعظم كشف أثري في القرن العشرين، حتى أنها ساوته بعظمة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، قالت عنه هيئة الآثار المصرية وقتها بأنه أهم كشف قبطي في النصف الثاني من القرن العشرين، ولأهميته خصصوا له قاعة كاملة وعاملوه كما تعامل ألمانيا رأس نفرتيتي، لما لا وهو أهم كنوز المتحف القبطي على مر التاريخ.. إنه مزامير داوود، الذي يحتل أهمية دينية فريدة من نوعها.
تضم مزامير داوود مجموعة من التسابيح الربانية والترانيم التي تمجد عظمة الخالق، كان يشدوا بها نبي الله داوود -عليه السلام- فتسبح الجبال والطير خلف تسبيحه وصوته الذي ليس له مثيل، فارتبطت باسمه على مر العصور.
اكتشاف المزامير
اقرأ أيضاً
- هل تعلم أنك تتحدث المصرية القديمة؟
- بعد نقل «المومياوات».. ليفربول: «صلاح» مثل أجداده الفراعنة
- دق على الجمجمة وكوكايين.. كيف كانت تجرى العمليات الجراحية قبل اختراع التخدير؟
- مفاجآت فى تشكيل الفراعنة أمام جزر القمر..و”شريف” أساسي
- زاهي حواس: شائعة لعنة الفراعنة تعود إلى جراثيم قاتلة غير مرئية
- طارق حامد وأفشة.. حبايب في معسكر الفراعنة
- الرحلة الذهبية لملوك مصر.. هل تستدعي ”لعنة الفراعنة”؟
- زاهي حواس عن الحوداث الأخيرة: ”الفراعنة أبرياء”
- لعنة الفراعنة .. تفاصيل مقتل شخص أثناء التنقيب عن الأثار في القاهرة
- ليفربول يغازل صلاح على”فيسبوك”.. الملك في تدريبات الفراعنة (صورة)
- محمد صلاح يتوجه لمصر للانتظام فى معسكر الفراعنة لمواجهة كينيا وجزر القمر
- الزمالك..5 وجوه متألقة فى قائمة الفراعنة وثنائي معار
تم اكتشاف المزامير لأول مرة عام 1984، حينما فوجئ خبراء بعثة الآثار المصرية وهم يحفرون بمنطقة "المضل" جنوب شرق بني سويف بمقبرة تعود إلى العصر المسيحي الأول في القرن الرابع – الخامس الميلادي، بداخلها مومياء لطفلة لا يتجاوز عمرها الثانية عشرة، وتحت رأسها وضعت تلك النسخة الكاملة لمزامير النبي داوود، بالإضافة إلى قطعة صغيرة من العظم على شكل مفتاح الحياة (عنخ).
يومها أدرك الأثاريون قيمته العالية فقرروا معاملته كأحد أهم المقتنيات عالية القيمة، فاستحق نفس التخصيص الذي تقوم به المتاحف العالمية فيما يتعلق بعرضها لقطعة تكون على قدر كبير من الأهمية، مثل متحف برلين، الذي يخصص قاعة كاملة لعرض رأس الملكة نفرتيتي، فانتهى به المطاف بداخل القاعة رقم 17 بالمتحف القبطي بمصر القديمة داخل حدود حصن بابليون لتكون مستقرًا لتلك القطعة الأثرية النادرة.
وعلى الرغم من أن المتحف يضم عددًا من المخطوطات الأخري لمزامير داوود إلا أن تلك النسخة تحظي بأهمية خاصة كونها أقدم "سفر" كتاب كامل للمزامير باللغة القبطية، كما أنها المخطوطة الوحيدة الكاملة على عكس بقية المخطوطات الأخرى غير الكاملة.
وكتاب المزامير من صفحات من (الرَق) المصنوع من جلد الحيوان، مكون من 31 ملزمة محاطة بكتان مبروم، تؤكد طريقة حياكته وتجليده على نسبة التطور الذي وصل إليه القرن الرابع-الخامس الميلادي، كما أنه مجلد بغلاف من الخشب المبطن بالجلد المزخرف بزخارف نباتية وهندسية، وسيور من الجلد كانت تستخدم لغلق المخطوط، أما كعب الكتاب فعليه بروزات دائرية وآثار خيوط التكعيب.
وتزداد أهمية الكتاب كونه أهم المخطوطات التي تظهر طريقة الكتابة على السطور بأدوات الترقيم، فكل ورقة مرقمة، ولكل مزمور علامة مميزة أو رسم خاص في بدايته، تكون على شكل طائر أو نبات أو رسوم زخرفية.
أهمية مزامير داوود
ورغم الأهمية الكبيرة للعثور على مزامير داوود كاملة، إلا أن الأمر لم يخلُ من بعض الصعوبات، فعند العثور على الكتاب تلك وجد الأثاريون عددًا كبيرا من أوراقه ملتصقة ببعضها البعض بفعل تسرب إنزيمات من جسد صاحبة المقبرة التي وجدت فيها مما أثر على صفحات الكتاب بالسلب.
يضم الكتاب 151 مزمورًا، كتب منها نبي الله داوود 73 مزمورًا فسمي السفر باسمه من باب التغليب، وكتب آساف 12 مزمورًا، وأولاد قورح 10 مزامير، والنبي سليمان مزموري 72، 127، وهيمان كتب مزمور 88، وإيثان كتب مزمور 89، وموسى النبي كتب مزمور 90، بالإضافة إلى 49 مزمورًا لا نعرف من كتبها.
وطبقا لمجلة Egyptian Geographic المتخصصة في علم الأثار المصرية فقد رجح البعض أن تلك المزامير مجهولة الكاتب تعود إلى نبي الله داوود إلى أن كانت المفاجأة التي كشفتها لفائف البردي التي عثر عليها في حفائر "تل العمارنة"، والتي احتوت نصوصا كاملة لأكثر من مزمور من مزامير داوود مكتوبة باللغة الهيروغليفية القديمة والتي سبقت مزامير داوود المسجلة باللغة القبطية والخط العبراني بأكثر من 300 عام؛ حين اكتشف العالم المصري سليم حسن بالاشتراك مع علماء متحف برلين وجود ثلاث صفحات من "ترنيمة آتون العظمى" التي كتبها اخناتون لإله الشمس آتون مطابقة تماما لمثيلاتها في "أسفار التوراة".
الغريب أيضًا أن عالم الآثار الأمريكي "جيمس هنري" يرى أن أنشودة إخناتون التي جاءت في القرن الرابع عشر قبل الميلاد تتشابه تماما مع مزمور104 حتى أنها تسير في نفس الترتيب، وهو ما طرح التساؤل ما إذا كانت تلك المزامير مجهولة الكاتب البالغ عددها 49 مزمورا تعود إلى ملك مصر إخناتون.
كل تلك الحقائق حول مزامير داوود تؤكد جميعا أن تلك المزامير لم تبح بأسرارها بعد، وأنها لا تزال بحاجة إلى الكثير من الدراسات لاكتشاف واحد من أهم الكتب التي أثرت في تاريخ البشرية.