لماذا أشاد طه حسين بـ”العقاد” في حياته وهاجمه بعد وفاته؟
يارا وليدجملة قالها عميد الأدب العربي طه حسين، ذات مرة وقامت الدنيا بعدها ولم تقعد، ربما لأنها ارتبطت بالموت، أو بإنسان مثل عباس محمود العقاد، وهو واحد من أهم أدباء القرن العشرين الذين تركوا في اللغة العربية إرثًا لا ينضب.
في لقاء تليفزيوني جمع الأديب أنيس منصور، بعميد الأدب العربي، تطرق الأخير للحديث عن كتاب عبقريات العقاد، مؤكدا أنه لم يفهمها، مثلما لم يفهم أي عبقرية أخرى.
ما قاله طه حسين، أثار حفيظة الرأي العام آنذاك، ورأى البعض أنه من غير اللائق أن يجرح طه حسين كاتبا كبيرا كالعقاد، خاصة بعد وفاته، وهناك من رأى أن طه حسين، لم يكن يستطيع قول ذلك في حياة العقاد، والبعض الآخر لم يصدق أن طه حسين، لم يفهم هذه العبقريات، وترك رأيه صدى لدى الطلبة إذ كيف يفهمون تلك العبقريات ولم يفهمها هو، وقد تناولت جريدة "أخبار اليوم" هذا اللقاء بشيء من التفصيل وبالتحديد في عددها الصادر بتاريخ 26 مارس من العام 1966.
ورغم أن عامر، ابن شقيق عباس العقاد، نشر خطابات تؤكد إعجاب طه حسين بالعبقريات، وشهادة الفنان التشكيلي صلاح طاهر التي أكد فيها إبداء طه حسين إعجابه بعبقرية عمر تحديدا في بيت العقاد، إلا أن طه حسين أصر في جلساته الخاصة على تأكيد عدم فهمه لها ووصفها بالغموض الشديد.
صورة نادرة من مجمع اللغة العربية 1935 - من اليمين مصطفى النحاس يليه عباس العقاد ثم طه حسين
وانتقل حديث أنيس منصور، وطه حسين، إلى شعر العقاد، ووجه طه حسين، سؤالا لأنيس، إن كان يعجبه شعر العقاد، فتساءل أنيس، إن كان عميد الأدب العربي لم يفهم شعر العقاد، فأجاب طه حسين، بأن ديوان العقاد وحي الأربعين، هو أفضل دواوينه.
وكرر سؤاله على أنيس منصور: هل يعجبك شعر العقاد؟ فقال أنيس: نعم يعجبني ولا خلاف على شاعرية العقاد، وعلى شعره الفلسفي والعاطفي، إلا إذا كان من رأيك أنه بعد وحي الأربعين لم يقل شعرا.
وقال حسين، إن قصيدة للعقاد، تغنت بها مطربة قال فيها فضض ضياءك يا قمر، وضحك قائلا: تصور العقاد، يقول فضض ضياءك يا قمر.. أي جمال في هذا المعنى؛ هل يعجبك هذا المعنى يا منصور؟
وتذكر أنيس منصور، أن طه حسين هو الذي بايع العقاد أميرا للشعراء، وعندما أصدر قصته دعاء الكروان، قال في إهدائها للعقاد: إلى صديقي الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد، سيدي الأستاذ أنت أقمت للكروان ديوانا فخما في الشعر العربي الحديث، هل تأذن في أن أتخذ له عشا متواضعا في النثر الحديث وأن أهدي إليك هذه القصة تحية خالصة من صديق.
وبحث أنيس منصور عن التقرير الذي كتبه طه حسين، لترشيح العقاد لجائزة الدولة التقديرية، وقال فيه عن العقاد: إن لديه القدرة العالية على فهم النصوص وتعمقها والاطلاع الواسع الغني، وكانت للعقاد، في التراجم طريقة انفرد بها، وأجاد فيها، وهي أنه يتناول التعظيم من جانبه الذي كون له عبقريته، وبهذه التراجم استطاع أن يعرض على أبناء هذا الجيل صفحات مشرقة من أمجادنا الخالدة.