”فايزر” مسيرة مذهلة من ”مخروط التوفي” إلى لقاح الكورونا

 

لعل يوم التاسع من نوفمبر الماضي، سيذكر في التاريخ كأحد أهم أيام عام 2020 وأسعدها لسكان الأرض في هذا العام، فبينما العالم منهمك في حصر أعداد إصابات ووفيات الموجة الثانية من فيروس كورونا "كوفيد19"، خرجت علينا شركة "فايزر" الأمريكية لتعلن فاعلية لقاحها المضاد للفيروس بنسبة تجاوزت 90% ، وهو اللقاح الذي توصلت إليه بالتعاون مع شركة "بيونتك" الألمانية.

وتمتلك "فايزر" سجلًا مشرفًا في إنتاج العديد من المركبات الدوائية الفعالة التي يعتمد عليها الكثيرون حول العالم في علاج الأمراض.

"محطة مصر" يعرض لكم كيف ولد هذا الكيان العملاق، وما هي أهم العقاقير التي ساهمت الشركة الأمريكية في إنتاجها للمرضى في أنحاء العالم.

 

 

كيميائي وحلواني

 

تشارلز فايزر - تشارلز إرهارت

 

ولد تشارلز كارل فريدريك فايزر في لودفيجسبورج الألمانية عام 1824.

تعلم تشارلز فايزر الصيدلة والتحضير الكيميائي، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال الشراكة مع ابن عمه تشارلز إرهارت الذي عمل في صناعة الحلوى، تم تأسيس شركة "فايزر وشركاه" لتصنيع المواد الكيميائية، في عام 1849م، التي سرعان ما تطورت لتصبح أحد أكبر شركات صناعة المواد الكيميائية المتخصصة في الولايات المتحدة.

 

حلوى "سانتونين"

 

زجاجة قديمة لمنتج سانتونين

 

طرحت شركة فايزر أول منتج لها عام 1849، عبارة عن مركب صيدلاني للتخلص من الديدان، وهو مرض شاع في القرن التاسع عشر، ونظرًا لأن المركب كان مريرًا وكان نظام العلاج النموذجي يتطلب ثلاث جرعات يوميًا لعدة أيام ، فقد جمعت شركة فايزر بين مواهبه الكيميائية ومواهب شريكه الحلواني لابتكار وسيلة مستساغة لتناوله، وذلك من خلال تقديمه على هيئة مخروط سكر كريمي بنكهة التوفي أطلق عليه "سانتونين" وقد لاقى نجاحًا فوريًا مع طرحه في السوق، الأمر الذي ساهم في تحول الشركة إلى إنتاج المواد الكيميائية الدقيقة المتخصصة.

 

 

نجاح في زمن الحرب

 

لوحة تذكارية لمعركة فرانكلين إحدى أكثر المعارك دموية في الحرب الأهلية الأمريكية

 

أعطى اندلاع الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية (1861) دفعة كبيرة لأعمال فايزر، نظرا لزيادة الطلب على المطهرات والمستحضرات الطبية ، وكلها منتجات صنعتها شركة فايزر، كما استفادت الشركة من التعريفات المرتفعة التي تم سنها خلال الحرب (وصلت إلى معدل 47% بحلول عام 1864) مما أدى إلى تثبيط المنافسة الأجنبية، وشجع الشركة على كسر الاحتكار الأوروبي على الطرطريك المكرر، وقفزت مبيعات الشركة إلى حوالي 1.4 مليون دولار ، أي ضعف ما كان عليه قبل عشر سنوات.

ثم في عام 1919 نجحت شركة "فايزر" في إنتاج حامض الستريك من خلال التخمير، وبالتالي تحررت الشركة من الاعتماد على سوق الحمضيات، وتكثيف إنتاجها للبنسلين في ظل ارتفاع الطلب عليه خلال الحرب العالمية الثانية، وبالتالي انتقلت "فايزر" من صانع كيميائي لأحد أكبر مصنعي الدواء في العالم.

 

معركة الكورونا

 

صورة دعائية لتعاون شركتي فايزر وبيونتك في إنتاج لقاح مضاد لفيروس "كوفيد-19"

 

مع مطلع العام الحالي 2020 وبالتحديد في 20 يناير كشفت الصين على لسان رئيسها "شي جين بينغ" عن ظهور فيروس كورونا "كوفيد-19" في مدينة ووهان وأنه معدٍ ويتنقل بين البشر، ثم سرعان ما تفشى الوباء بين دول العالم وصنفته منظمة الصحة العالمية بـ"الجائحة".

اضطرت معظم دول العالم لفرض الإغلاق التام وحظر التنقل والسفر وهو ما كبد العالم خسائر اقتصادية كبيرة، إضافة إلى سيل لا يتوقف إلى وقت كتابة التقرير من الإصابات والوفيات.

بدعم من حكومات العالم أطلقت عدة شركات ومختبرات عالمية العنان لباحثيها لمحاولة إيجاد لقاح يقي من "كوفيد-19"، إلى أن أعلن تحالف "فايزر- بيونتك" التوصل للقاح فعال تجاوزت 90% .

ويتوقع محللون ماليون أن تجني شركة "فايزر" أرباحا ضخمة من وراء بيع اللقاح، وتشير تقديرات مؤسسة "مورغان ستانلي" المتخصصة بالخدمات المالية والاستثمارية، إلى إمكانية تحقيق "فايزر" لعائدات تصل قيمتها إلى 19 مليار دولار من بيع لقاحها في عام 2021 فقط، إلى جانب 975 مليون دولار ستحصدها من ذات المصدر هذا العام، بالإضافة إلى 9.3 مليار دولار قد تجنيها الشركة كأرباح مجمعة في العامين التاليين 2022 و2023.

 

محطات بارزة

 

على مدار تاريخها الطويل نجحت شركة "فايزر" في تقديم العديد من العلاجات الناجحة التي اعتمد عليها كثير من المرضى حول العالم ونذكر منها:

1919- نجح الكيميائيان العاملان بشركة "فايزر"، جيمس كوري ومساعده جاسبر كين في الإنتاج الضخم لحمض الستريك من السكر، من خلال تخمير العفن، و مدفوعا بهذا الاختراع يواصل كين تطوير طريقة تخمير جديدة باستخدام دبس السكر ، و هي العملية التي ستكشف في النهاية سر إنتاج البنسلين على نطاق واسع.

1967 - إطلاق أول مضاد حيوي واسع النطاق مرة واحدة في اليوم والذي سرعان ما أصبح من أكثر المضادات الحيوية بيعًا.

1968- إطلاق أول لقاح مجفف بالتجميد و الإبرة المنقسمة، في خطوة مفصلية في رحلة القضاء على مرض الجدري، أحد أكثر الأمراض فتكا في جميع أنحاء العالم .

1984 - "فايزر" تطلق دواءً لعلاج مرض السكري.

1989- طرح دواء مبتكر يستخدم مرة واحدة يوميًا لعلاج الذبحة الصدرية وارتفاع ضغط الدم.

1991 – اقتنصت "فايزر" السبق كأول شركة عالمية ترخص لقاح الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي اللاخلوى في الولايات المتحدة الأمريكية، بما يقضي على سلسلة من أسوء أمراض الجهاز التنفسي و العصبي المزمنة.

1998- غزت "فايزر" السوق الطبي العالمي بعقار" فياجرا" أشهر العلاجات الجنسية في القرن الواحد و العشرين.

2001 - إطلاق مضاد جديد للذهان لعلاج مرض انفصام الشخصية.

2003 - إطلاق دواء تم تطويره خصيصًا لعلاج الصداع النصفي.

2004 – طرحت "فايزر" أول حبة منفردة تعالج كلاً من ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول.

2005 – أنتجت "فايزر" الدواء الأول لعلاج نوعين متميزين من آلام الأعصاب المرتبطة بمرضى السكر والصرع.

2006 - طرح دواء لعلاج المرضى الذين يعانون من سرطان الكلى المتقدم وأورام أنسجة الجهاز الهضمي (GIST).

2011- "فايزر" تطلق دواءً لعلاج سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة.

2016 - طرح دواء "ليبيتور" المخصص لعلاج الكولسترول، الذي لاقى رواجا عالميا، محققا إجمالي مبيعات تجاوزت 148 مليار دولار .

2020- بلغت القيمة السوقية لشركة فايزر 221 مليار دولار، ما دفعها للمرتبة رقم 49 في تصنيف أكبر الشركات في العالم، وفق تقييم مجلة فوربس العالمية ، كشركة صيدلانية عالمية تصنع و تسوق أكثر من 200 دواء في الولايات المتحدة و باقي أنحاء العالم .