أحمد النجار يكتب : ”بنت موت”
احمد النجار محطة مصروأنت تقلب في شريط حياتك وتسترجع ذكرياتك ستجد أن حياتك مليئة بأشخاص تعرفهم منذ سنوات بعيدة لكنهم فشلوا في ترك أثرا واحدا تتذكرهم به عندما يبتعدون في المقابل ستكتشف وجود أناس لم يمض علي معرفتك بهم إلا شهور قليلة لكنهم تركوا أثارا ومواقف عديدة أو بالمعني الدارج علموا في أيامك ولياليك التي عشتها معهم ومن هؤلاء الدكتورة شيماء صبحي خير الله الذي جاء خبر رحيلها المفاجئ بمثابة صدمة لكل من عرفها أو إقترب منها في سنوات عمرها القليلة .
تعرفت علي الراحلة خلال عملي بموقع محطة مصر بعدما تلقيت ذات يوما إتصالا من إستاذنا الدكتور محمد علي شومان عميد كلية الإعلام وعلوم الإتصال بالجامعة البريطانية يرشحها للتدريب معنا بالموقع وقال لي بالنص لاأجد من أستأمنه عليها إلا أنتم في محطة مصر وقال لي بالنص مرموطوها في الشغل عاوزها تكون صحفية متميزة .
تحدثت إلي الصديق العزيز الكاتب الصحفي الأستاذ منصور كامل رئيس التحرير لأخبره برغية الدكتور شومان فرحب علي الفوروإنضمت الدكتورة شيماء إلي كتيبة الموقع وفي أسابيع قليلة كانت إحدي نجماته بموهبتها وأمانتها في العمل التي قلما ان تجدها في صحفية تمر بمراحلها الصحفية الأولي .
إلتحقت بالعمل في أقسام التحقيقات والمنوعات وإستقرت أخيرا بقسم الفن ورغم أن العمل بالصحافة الفنية يتطلب شبكة علاقات ومعلومات غزيرة إلا إنها نجحت خلال فترة وجيزة في تكوين علاقات قوية مع العديد من المصادر في مقدمتهم الفنان الكبير محمد صبحي الذي كان حريصا علي الإتصال بها كل أيام ليخبرها بجديده الفني لما شهده فيها من دأب وإجتهاد في عملها .
سريعا وصلت الدكتورة شيماء الي موقع سكرتير تحرير الموقع وكانت همزة الوصل بين أقسامه لاتعرف ساعات عمل محددة ففي أوقات كثيرة كانت تنتهي من عملها بالموقع وتعود الي منزلها لتواصل رحلة العمل التي تستمر في أوقات كثيرة إلي صباح اليوم التالي .
لم تقف عند هذا الحد فكانت تخرج بالكاميرا لتسجل وتوثق الأحداث الفنية والإجتماعية دون كلل أو ملل فكانت تشعر أن سنوات عمرها قليلة وكانت ترغب في إستغلال كل ثانية منه في تحقيق هدف أو طموح كان يراودها .
لم تهمل إلي جانب عملها الصحفي الجانب الأكاديمي فكانت تسابق الزمن للإنتهاء من مناقشة رسالة الدكتوراة الخاصة بها التي قاربت علي مراحلها الأخيرة منها حيث كان من المقرر مناقشتها نهاية العام الجاري .
مواقف الدكتورة شيماء الإنسانية مع كل من عرفها كانت بلاحدود عندما تسمع أن أحدا من الزملاء في محنة معنوية أو مادية كانت أول الداعمين والمساندين فكانت بحق ست بـ 100 راجل .
رحلت الأخت والصديقة والزميلة تاركة لنا إرثا إنسانيا لن يندثر حتي وهي راقدة في قبرها وفي سرادق العزاء إجتمعت أطيافا من المجتمع إعلاميون وأكاديميون وفنانون وبسطاء من الجيران والأحباب يقدمون واجب العزاء لوالدها وإبنها و يتذكرون بدموعهم مهنيتها ومواقفها وجدعنتها وإنسانيتها ويترحمون عليها والجميع يؤكد في صوت واحد إنها كانت "بنت موت"