الدكتور محمود محيي الدين يكتب :حوار ما بعد ”أوميكرون”
الدكتور محمود محيي الدين
على طريقة الكاتب صمويل بيكيت في مسرحية "في انتظار جودو"
- ما الذي ينتظر العالم من تغيرات اقتصادية؟
* الإجابة يسيرة وليست سارة.
- أفصح بالله عليك!
* بحكم ما رأيناه من تجربة مريرة خلال العامين الماضيين علينا أن نتوقع مزيداً من عدم اليقين، وتقلباً في الأسواق مع انخفاض في معدلات النمو والتشغيل لضعف الاستثمارات، مع زيادة في التباين في الدخول والثروات لصالح الدول الأغنى المستحوذة على اللقاحات، مصحوب ذلك كله بارتفاع في معدلات التضخم في الأسعار.
- وكأنك تقرأ تقرير مريض متعدد العلات! ولكنك تقول بوجود تضخم رغم ما نراه من مظاهر الركود؟ هل يجتمعان معاً.
* العين أسيرة ما تراه. ربما ترى أنت ركوداً حيث تعيش وتعمل، ولكن الركود ليس شاملاً لكل القطاعات؛ وإن كانت هناك مخاوف مما يسمى بالركود التضخمي مثلما حدث في السبعينات باجتماع الشرين معاً، وهو ما لا أرجح حدوثه فما زال هناك نمو يقترب من 6 في المائة في هذا العام، و5 في المائة في العام المقبل.
- أرقامكم لا نراها إلا في التقارير كثيرة التعديل والتغيير.
* ملاحظتك لا بأس بها، ولكن لا تنس أنها تتحدث عن توقعات تصيب وتخطئ. كما أن الأرقام متوسطات محسوبة لإجمالي أرقام متباينة في عالم يعاني من التفاوت أصلاً.
- ولكن ما سبب هذا التضخم؟ وهل هو مؤقت أم مستمر؟
* أراك تتابع تصريحات جيروم باوال رئيس البنك الفيدرالي الأميركي ومعارضيه. هو يراه مؤقتاً وهم يرونه مستمراً.
- وكيف تراه أنت؟
* أراه تضخماً محدوداً في الدول المتقدمة سينحسر بعد حين، ولكنه سيكون غلاء في الدول الأفقر التي تفتقد نظماً شاملة للضمان الاجتماعي. فستضار بزيادة تكلفة المعروض باستمرار ارتباك سلاسل الإمداد، ولاعتمادها على سلع مستوردة بتكاليف تعلو مع انخفاض سعر الصرف، مع زيادة خدمة الديون المقترضة لشراء هذه السلع بسبب إجراءات ستتخذها الدول المتقدمة لكبح جماح التضخم عندها برفع أسعار الفائدة.
- هل هذا من العدل في شيء؟
* لا!
- تقولها ببساطة... ولكن حقاً ما العمل؟
* أو لم تسمع عن نصيحة الرئيس بايدن؟
- وماذا قال؟
* خلاصة ما قاله إن القلق مشروع والهلع ممنوع
- أحقاً قال ذلك؟ أستطيع أنا أيضاً قول مثل هذا الكلام وأكثر.
* حسناً... قله إذن!
- لا نستطيع الاستمرار هكذا.
* هذا ما تظن!