زراعة أعضاء الخنزير في جسم الإنسان.. خلاف ديني وقلق طبي
محمود الصادقأثارت عملية نقل أعضاء الخنزير إلى جسم الإنسان، حالة من الجدل، وتسائل الكثير حول مدى جدواها الطبي وتأثيرها على صحة الإنسان، وحول حكمها الديني وهل تتوافق العملية مع تشريعات الدين الإسلامي.
زراعة أعضاء الخنزير في جسم الإنسان
اقرأ أيضاً
وحقق نجاح جراحين أميركيين في زراعة كلية خنزير في جسم إنسان، اختراقًا علميًا كبيرًا، بعث بآمال كبيرة لدى الملايين حول العالم، حيث نجح الفريق في استخدام خنزير تم تعديل جيناته بحيث لم تعد أنسجته تحتوي على جزيء معروف بأنه سيؤدي في الأغلب لرفض الجسم للعضو المزروع على الفور.
وقال الأطباء، القائمين على العملية، إن متلقية الكلية مريضة متوفاة دماغيًا ظهرت عليها علامات ضعف في وظائف الكلى ووافقت أسرتها على التجربة قبل أن يتم رفعها من على أجهزة الإبقاء على قيد الحياة.
وأكد الجراح المسؤول عن الزراعة، روبرت مونتغومري، أن الخنازير المعدلة وراثيًا "يمكن أن تكون مصدرًا مستدامًا ومتجددًا للأعضاء، كما هو الحال في مجال الطاقة، عند استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح".
خلاف ديني
في سياق منفصل قال الدكتور عطية لاشين، استاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف، وعضو لجنة الفتوى الرئيسية بالأزهر، إن ما فعله الأطباء في الولايات المتحدة من استئصال كلية خنزير وزرعها داخل جسم إنسان "لا يجوز شرعًا وهو آثم".
وأضاف أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن من أتى بحيوان الخنزير سواء كان لحمه أو بأحد أجهزة جسمه فهو آثم، لافتًا إلى أن المسلم لا يجب أن يخالف أمر الله، والخنزير يظل محرما حتى قيام الساعة.
وأكد عضو لجنة الفتوى الرئيسية بالأزهر، أن "الله يخلق الداء، ويخلق معه الدواء، ولن يحتاج شخص إلى زرع كلى من حيوان محرم حتى يتماثل الشفاء"، مستشهدا بحديث النبي محمد: "إن الله لم ينزل داء أو لم يخلق داء إلا أنزل أو خلق له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، إلا السام" قالوا: يا رسول الله: وما السام؟ قال: "الموت".
فيما أكد الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن التداوي ببعض أجزاء الخنزير متناول في الشق الإسلامي الخاص بالتداوي بالمحرمات، لافتًا إلى أن الفقهاء وضعوا شرطين لجواز الأمر.
وأضاف عمران، أن الضابط الأول أن يكون النقل لهذا الجزء من الخنزير مفيد للشخص بشهادة الأطباء والخبراء، والضابط الثاني عدم وجود دواء آخر يسد الاحتياج والضرورة.
واستشهد أمين الفتوى بدار الإفتاء، بقول الله تعالى: "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ"، متابعًا: "إذا كانت هناك حاجة وضرورة للتداوي بتلك الأجزاء فالأمر جائز إلا في حالة وجود بديل آخر أو عدم استدعاء الحالة للأمر".
وأشار عمران، إلى أن دار الإفتاء أصدرت فتوى عام 1997 عن حالة شبيهة خاصة باستخدام الأنسولين المستخلص من غدة البنكرياس للخنزير لمرضى السكر؛ لأنها شديدة الشبه بالمادة التي يفرزها البنكرياس البشري، منوهًا إلى أن الإجابة كانت بالقاعدة المذكورة من التداوي بالمحرم.
مخاوف طبية
وتباينت ردود أفعال الأطباء، حول عملية نقل أعضاء الخنزير إلى جسم الإنسان، فيرى بعض الجراحين أنه قد يتم العمل قريبًا على زراعة المزيد من كلى الخنازير المعدلة وراثيًا في البشر، بينما قال آخرون إنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.
وتقول جَراحة الزراعة السابقة، والمسؤول الطبي الرئيسي في إحدى منظمات شراء الأعضاء في منطقة نيويورك الكبرى، إيمي فريدمان، إنها تخيلت استخدام قلوب وأكباد وأعضاء أخرى تزرع في الخنازير أيضًا.
وأضافت أنه "أمر محير حقًا أن نفكر في عدد عمليات الزرع التي يمكن أن نقدمها في الفترة المقبلة.. علينا بالطبع تربية المزيد من الخنازير".
من جانبه يقول المدير المساعد لمركز الزرع في مستشفى ماساتشوستس العام جاي إيه فيشمان: "لا شك في أن هذه تجربة رائعة، وبالتأكيد هي جراحة صعبة وتمثل قفزة كبيرة في هذا المجال".
واعتبر فيشمان، أن أهمية هذه الجراحة تعتمد على مدى ما يمكن تقديمه ومشاركته من المعلومات من قبل الجراحين، وإلا سيُعتبر الأمر بمثابة خطوة لإثبات قدرتهم فقط على فعل ذلك.
ويقول كبير المسؤولين الطبيين في الشبكة المتحدة لمشاركة الأعضاء بأميركا ديفيد كلاسين، إن العديد من العقبات لا تزال قائمة قبل أن تتمكن من استخدام أعضاء الخنازير المعدلة وراثيًا في الكائنات الحية.