صفقة الغواصات النووية.. طعنة في ظهر فرنسا وأزمة بين أمريكا وأوروبا
محمود الصادق محطة مصرفي خطوة جريئة، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، أمس الأربعاء، من البيت الأبيض عن نيته فسخ عقد أبرمته أستراليا مع فرنسا عام 2016 لشراء 12 غواصة تقليدية واستبداله بآخر يقوم على شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة وبريطانيا في منطقة المحيطين الهادئ والهندي.
تصريح رئيس الوزراء الاسترالي، أشعل غضب فرنسا ودول أوروبا، خاصة بعدما أشار موريسون، إلى أنه أبلغ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يونيو الماضي، بوجود مشاكل حقيقية فيما يتعلق بقدرة الغواصات التقليدية لتحقيق الأهداف الأمنية والاستراتيجية لأستراليا في المحيطين الهندي والهادئ.
اقرأ أيضاً
- جوارديولا: دوري أبطال أوروبا صعب للغاية
- في ذكرى كامب ديفيد .. مقاطعة عربية وتأييد دولي لإنهاء الحرب
- صلاح يتقاسم عرش هدافى ليفربول في ”الشامبيونزليج” مع جيرارد
- أخطر الإرهابيين .. من هو زعيم «داعش» في الصحراء الكبرى؟
- غرق 7 أشخاص في البحر المتوسط قبالة سواحل فرنسا
- زلزال يهز اقليم سيشوان الصينى ويسفر عن قتيلين و3 مصابين
- باريس سان جيرمان يسقط في فخ التعادل مع كلوب بروج
- ليفربول ينتفض ويهزم ميلان بثلاثية في دوري أبطال أوروبا
- محمد صلاح يحقق رقمًا سيئًا أمام ميلان
- ميسي ونيمار ومبابي في تشكيل باريس سان جيرمان أمام كلوب بروج
- محمد صلاح يقود ليفربول أمام ميلان في دوري أبطال أوروبا
- ريال مدريد ضد انتر ميلان .. تعرف على التشكيل المتوقع للفريقين والقناة الناقلة للمباراة
وبررت أستراليا إلغاء الصفقة الآن، بالتأكيد على أن خيار تكنولوجيا الغواصات النووية التي قدمتها أميركا، لم يكن متاحا أمامها عند إبرام الصفقة مع فرنسا منذ 4 سنوات بحوالي 43 مليار دولار أميركي.
طعنة في الظهر
من جانبه، وصف وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، موقف أستراليا بـ"طعنة في الظهر"، معتبرًا قرار الرئيس الأميركي جو بايدن بإعلان التحالف الثلاثي الذي أدى لفسخ عقد شراء أستراليا الغواصات الفرنسية بـ"القرار الأحادي المفاجئ" ويشبه طريقة دونالد ترامب.
وتوالت التعليقات من الجانب الفرنسي على القرار، حيث اعتبرت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، فسخ أستراليا لصفقة الغواصات أمرًا خطيرًا من الناحية الجيوسياسية وعلى مستوى السياسة الدولية، خاصة وأنها مدركة طريقة تعامل واشنطن مع حلفائها.
كما ألغت السلطات الفرنسية، حفل استقبال كان مقررًا عقده في واشنطن بعد فسخ عقد تزويد غواصات فرنسية لأستراليا ما أدى إلى أزمة بين باريس وواشنطن.
وكان حفل الاستقبال سيقام في مقر إقامة السفير الفرنسي في واشنطن بمناسبة ذكرى معركة بحرية حاسمة في حرب الاستقلال الأميركية توجت بانتصار الأسطول الفرنسي على الأسطول البريطاني في 5 سبتمبر 1781.
ضغط أمريكي على أوروبا
في سياق متصل أوضح محمد رجائي بركات، خبير الشؤون الأوروبية، أن إبرام الولايات المتحدة الأميركية تحالفًا ثلاثيًا مع أستراليا وبريطانيا ومساعدة أستراليا للحصول على غواصات نووية، يعد رسالة مباشرة لدول أوروبا، حيث تسعى أميركا للفت انتباه دول الاتحاد الأوروبي بعد عودة الحديث داخل الاتحاد عن مقترح تأسيس قوة عسكرية أوروبية توازي قوة تحالف شمال الأطلسي.
وأضاف بركات، أن اختيار أميركا للتحالف العسكري منفردًا مع بريطانيا وأستراليا بدلًا من إبرام هذا التعاون مع دول شمال الأطلسي، يعد نوعًا من أنواع الضغط على أوروبا وعلى رأسهم باريس التي تقود بمشاركة برلين تحركات تأسيس جيش أوروبي بدلًا من الاعتماد العسكري المباشر على الولايات المتحدة الأميركية.
واعتبر بركات، أن تحالف أمريكا وتزويدها لاستراليا بغواصات نووية هو توجه ضد الصين التي تبحث عن دور في المحيط الهادئ والهندي، ومحاولة أمريكية لخلق مصالح اقتصادية وتجارية مع أستراليا على حساب إلغاء الصفقة المبرمة سابقا مع فرنسا، مما يرجح توتر العلاقات لفترة بين الجانبين الأميركي والأوروبي جراء هذه القرارات، خاصة وأنها جاءت عقب التوترات بينهما بشأن الانسحاب من أفغانستان.
رفض صيني
على صعيد آخر نددت الصين، بالصفقة التي وصفتها بأنها "غير مسئولة إطلاقًا"، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، إن "التعاون بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا في مجال الغواصات النووية يزعزع بشكل خطير السلام والاستقرار الاقليميين، ويكثّف سباق التسلح ويقوض الجهود الدولية نحو عدم انتشار الأسلحة النووية".
واتهم الدول الثلاث بالتصرف وفق "ذهنية الحرب الباردة" وباستخدام الأسلحة النووية لأغراض جيوسياسية.
صفعة قوية لباريس
من جانبه اعتبر الخبير والباحث في المركز الفرنسي للأبحاث حول الاستخبارات، آلان رودييه، أن قيام أستراليا بفسخ عقد ضخم مع فرنسا لشراء غواصات، بمثابة صفعة قوية لباريس.
وقال رودييه، في حديثه لوكالة "سبوتنيك": فرنسا كانت على وشك إنجاز عقد هائل جداً كان سيساعد صناعاتها العسكرية البحرية لسنوات عديدة.
وأضاف رودييه، أن الصفقة كانت شبه تامة مع حلول أواخر الشهر الماضي قبل أن تقوم أستراليا بإدارة ظهرها لفرنسا وعقد اتفاق مع الولايات المتحدة وبريطانيا، معقبًا: "الصفعة قوية جدًا بالنسبة لفرنسا".
وأوضح رودييه، أن الرؤية الاسترالية للأمور تغيرت، فبحسب التقييم الأسترالي للأوضاع في المنطقة فإن قرار فسخ العقد مع فرنسا يتعلق بالوضع الجيوسياسي والجيوستراتيجي في منطقة بحر الصين، وهذا أمر صحيح، ذلك عوضاً عن خشية أستراليا من الخطر الذي ستمثله البحرية الصينية خلال السنوات العشر المقبلة.
وأكد أن أستراليا تريد تعزيز تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة من خلال تعزيز التنسيق بين السلاح البحري للدولتين.
وحول ردة فعل وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، الذي قال إن "بايدن تصرف مثل ترامب"، أجاب رودييه: "يجب ألا ننسى أننا لا نعيش في عالم الملائكة؛ الأمر لا يتعلق بالصناعة العسكرية فحسب، بل أيضا بالحرب الاقتصادية، وفي مجال الذكاء الاقتصادي والحرب الاقتصادية لا مكان للأصدقاء بل فقط للتنافس".
وأشار رودييه، إلى أن الولايات المتحدة نجحت في إقناع أستراليا عبر حجج صناعية وسياسية لتبيعها غواصات ذات دفع نووي، مشيرًا إلى أن القضية لم تنته بعد بل ستستمر لسنوات لأن أستراليا لا تمتلك خبرة في المجال النووي حيث ستواجه هذه الأخيرة صعوبات تقنية مع الغواصات ذات الدفع النووي على عكس الغواصات التقليدية التي كان سيكون التعامل معها أسهل.