أزمة سد النهضة.. هل تخلي مجلس الأمن عن الوساطة؟
محمود الصادق محطة مصرسنوات من الجدل، شهدتها القارة الإفريقية، بسبب أزمة سد النهضة الإثيوبي، فأحيانًا يثار الجدل إلى ذروته، ثم يعاود الهبوط مرة أخرى، لكنه هذه المرة زاد من التوترات بين دول الخلاف الثلاث مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، بعدما أعلنت أديس أبابا أنها بدأت الملء الثاني لبحيرة سد النهضة.
بعد العديد من المفاوضات حول أزمة سد النهضة التي باءت جميعها بالفشل، كانت آخرها التي عقدت الكونغو الديمقراطية، وتحولت القضية بعدها لمجلس الأمن الذي أصدره بيانه حول الأزمة أمس.
اقرأ أيضاً
- تطورات سد النهضة تتصدر مباحثات الرئيس السيسي وملك البحرين
- مصر : بيان مجلس الأمن حول سد النهضة يفرض على اثيوبيا التوصل لاتفاق ملزم
- رئيس الوزراء يستعرض مشروع المزارع المصرية النموذجية المشتركة في أفريقيا
- إثيوبيا تخدع شعبها وتدعي البطولة بأزمة سد النهضة
- السودان: العثور على جثمان «شهيد» رابع من طاقم الطائرة العسكرية المنكوبة
- سلطنة عُمان : نتضامن مع مصر والسودان في حل خلاف سد النهضة عبر الحوار والتفاوض
- وزير خارجية الكويت يعلن تضامن بلاده التام مع مصر والسودان في حل أزمة ملء وتشغيل سد النهضة
- شكري يؤكد التزام مصر الراسخ بدعم المرحلة الانتقالية في السودان
- سامح شكري يلتقي بوزيرة خارجية جنوب السودان
- غدًا.. سامح شكري يستقبل وزيرة خارجية جنوب السودان
- السفير المصري في الخرطوم يلتقي عضو مجلس السيادة السوداني
- مصر ترسل طائرتين عسكريتين للسودان
بيان مجلس الأمن
دعى مجلس الأمن، أطراف النزاع حول سد النهضة الإثيوبي إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي.
وقال مجلس الأمن، في بيانأصدره أمس الأربعاء: "مجلس الأمن ليس جهة الاختصاص في النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه و الاأنهار"، داعيًا الطراف إلى استئناف المفاوضات، مشددًا على ضرورة العودة إلى اتفاق المبادئ الموقع في 2015.
دفعة إلزامية نحو التفاوض
من جانبها رحبت مصر، بالبيان الصادر عن مجلس الأمن، معقبة: "ترحب جمهورية مصر العربية بالبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن، في إطار مسؤولياته عن حفظ السلم والأمن الدوليين، والذي شجع مصر وإثيوبيا والسودان على استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة في إطار المسار التفاوضي الذي يقوده رئيس الاتحاد الأفريقي، بغرض الانتهاء سريعاً من صياغة نص اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك في إطار زمني معقول".
وقالت وزارة الخارجية في بيانها: "كما شجع البيان الرئاسي المراقبين الذين سبقت مشاركتهم في الاجتماعات التفاوضية التي عقدت تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، وأي مراقبين آخرين تتوافق عليهم الدول الثلاث، على مواصلة دعم مسار المفاوضات بشكل نشط بغرض تيسير تسوية المسائل الفنية والقانونية أو أية مسائل أخرى عالقة".
وأضافت الخارجية المصرية، أن البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن حول سد النهضة، وعلى ضوء طبيعته الإلزامية، إنما يمثل دفعة هامة للجهود المبذولة من أجل إنجاح المسار الأفريقي التفاوضي، وهو ما يفرض على إثيوبيا الانخراط بجدية وبإرادة سياسية صادقة بهدف التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة على النحو الوارد في البيان الرئاسي لمجلس الأمن.
هروب من المسؤولية
في سياق متصل أكد عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، إن بيان مجلس الأمن كان متوقعًا، ولم يأت بشئ جديد عما كان متوقعًا باستئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي في إطار مبادئ سد النهضة، ولم يكن يستدعى كل هذا التأخير عن الإصدار لمدة 69 يومًا منذ جلسته الثانية في 8 يوليو الماضي.
وأضاف شراقي، أن مجلس الأمن أكد في هذا البيان تخليه رسميًا عن قضية سد النهضة، واعتبرها قضية فنية رغم خطورتها على المنطقة.
وأوضح أستاذ الموارد المائية، إن مجلس الأمن أكد أنه ليس جهة اختصاص لنزاعات المياه الفنية، رغم أن مشروع القرار التونسي لم يطلب ذلك.
وتابع شراقي: "يجب الآن طي صفحة مجلس الأمن وحفظها في ملف سد النهضة، والعودة إلى الاتحاد الإفريقي الذي بدأ اليوم في أولى خطوات استئناف المفاوضات بزيارة وزير الخارجية الكونغولي إلى الخرطوم ومن المتوقع بعدها القاهرة بهدف الوصول إلى اتفاق قبل فبراير 2022 موعد بدء الأعمال الهندسية للتخزين الثالث".
ترحيب سوداني
في سياق متصل أعتبرت وزارة الخارجية السودانية، أن بيان مجلس الأمن يعكس إهتمام المجلس بأزمة سد النهضة، وحرصه على إيجاد حلًا للأزمة، تلافيًا لتداعياتها على الأمن والسلم في الإقليم، معتبرة أن مشروع البيان الرئاسي للمجلس المعتمد جاء متوازنًا ومراعيًا لمصالح الأطراف الثلاثة.
وأوضحت الخارجية السودانية، أن اعتماد البيان يعكس مستوى المرونة التي أبداها وفد السودان في التعاطي الإيجابي مع كافة الأطراف المعنية بالتفاوض حوله، بما يعكس حرص السودان على معالجة إنشغالات الأطراف و المحافظة على مصالحها.
وأعربت السودان، عن أملها في أن يدفع اعتماد البيان الأطراف الثلاثة إلى استئناف المفاوضات، تحت مظلة الاتحاد الإفريقي، ووفق منهجية جديدة و إرادة سياسية ملموسة.
وأكدت الخارجية السودانية، استعداد السودان للانخراط البناء في أي عملية تقود إلى استئناف التفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا، تحت مظلة الاتحاد الإفريقي، للتوصل إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك توافقا مع الفقرة الخامسة من البيان، والتي تعطي المراقبين دورًا تيسيريًا في عملية التفاوض.
تخلي عن الوساطة
على صعيد آخر قال الدكتور سراج الدين أبوزيد، أستاذ القانون الدولي بكلية حقوق بني سويف، إن مجلس الأمن ببيانه الأخير قرر تجاهل تعزيز الوساطة الدولية، وترك دول النزاع للتفاوض، رغم أن صلاحياته أوسع بكثير مما أعلنه في بيانه.
وأوضح أبو زيد، أن مجلس الأمن أعطى فرصة لمصر والسودان إثيوبيا، للتفاوض والبحث عن نقطة الخلاف دون إصدار قرارات تجاه طرف على حساب الآخر، منوهًا إلى أن الخطوات القانونية تجاه إثيوبيا تشترط قبول كافة الأطراف مثل اللجوء لمحكمة العدل الدولية وهو ما ترفضه إثيوبيا بكل تأكيد.
وأكد أستاذ القانون الدولي، على ضرورة حل الخلافات حول سد النهضة، خاصة وأن أثيوبيا تعلم تمامًا أنها لن تستطيع حرمان مصر من حقوقها، كما تعي تمامًا أن القيادة السياسية صابرة لكن لصبرها حدود.