من هي نجوزي أوكونجو المرشحة لرئاسة منظمة التجارة العالمية؟
بات الطريق أمام النيجيرية نجوزي أوكونجو إيويلا، لتولي منصب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، ممهدًا بالورود عقب سحب الولايات المتحدة الأمريكية تحفظاتها السابقة على المرشحة النيجيرية التي تسير بخطى واثقة لتصبح أول شخصية أفريقية وأول امرأة تتولى قيادة المنظمة العريقة.
بالتزامن مع تلك الخطوة الأمريكية التي جاءت عقب انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أعلنت كوريا الجنوبية عن سحبها لمرشحتها، وذلك بعد تشاور سيول مع واشنطن وعدة عواصم لتقترب نجوزي من خلافة البرازيلي روبرتو أزيفيدو، الذي غادر المنصب قبل عام من نهاية فترة ولايته لأسباب عائلية. فيما عجزت المنظمة عن اختيار شخص بديل بسبب خلافات كبيرة بين الدول الأعضاء لاسيما الولايات المتحدة ورئيسها السابق دونالد ترامب الذي طالما عمل على عرقلة وصول النيجيرية لهذا المنصب الحساس وفاءا لتعهداته لمرشحة كوريا الجنوبية.
تخرجت نجوزي أوكونجو إيويالا بامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة هارفارد عام 1976، وحصلت على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 1981.
بعد انتقالها إلى واشنطن، سرعان ما ارتقت في صفوف البنك الدولي وفي عام 2013 عُينت مديرةً إدارية - أعلى منصب غير منتخب في المنظمة. وحتى وقت قريب، عملت أوكونجو إيويالا كرئيسة لمجلس إدارة التحالف العالمي للقاحات والتحصين، وهي تجربة يمكن أن تساعد منظمة التجارة العالمية في الإبحار في الآثار الصحية والاقتصادية لوباء كوفيد -19.
وتحظى النيجيرية نجوزي أوكونجو إيويالا بالفعل بدعم واسع من أعضاء منظمة التجارة العالمية، بما في ذلك الصين والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي واليابان وأستراليا. ووفقا لزملائها السابقون الذين تحدثوا لمحطة "دويتش فيلا الألمانية" فأنها مناسبة تمامًا لهذا المنصب.
وعملت أوكونجو كوزيرة للمالية في عهد الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان في عام 2011. وذلك بعد أن استقالت من البنك الدولي، حيث عملت فيه لمدة 25 عامًا، حيث أشرفت على نشاط البنك في إفريقيا وجنوب آسيا وأوروبا وآسيا الوسطى والموارد البشرية، ولعبت دورًا محوريًا في الإشراف على عمل البنك لمساعدة البلدان المتضررة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتقلباتها"، كما ساهمت في تأسيس صندوق لمواجهة الأزمات الغذائية للسماح بتقديم مساعدة سريعة للبلدان الأكثر احتياجا، حيث تم تقديم مساعدات لأكثر من 40 مليون شخص في 44 دولة حول العالم.
وتتطلب عملية اختيار مدير منظمة التجارة العالمية إجماعا بين جميع الأعضاء ولم تكن اوكونجو المرشحة المفضلة من قبل إدارة دونالد ترامب في الولايات المتحدة ، الأمر الذي أدى إلى تعقيد عملية اختيار مديرا للمنظمة التي يقع مقرها الرئيسي بمدينة جنيف السويسرية، وذلك بعد أن استقال البرازيلي روبرتو أزيفيدو قبل عام من الموعد المخطط له في نهاية أغسطس 2020 لأسباب عائلية، وإن كان المراقبون يعتقدون ان استقالته جاءت تحت وطأة تورط منظمة التجارة العالمية في النزاع التجاري المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين.
وعلى الرغم من أن نجوزي أوكونجو إيويالا ستدخل التاريخ من خلال كونها أول امرأة أفريقية سوداء تقود منظمة التجارة العالمية، فإن المقربون منها يقولون إنها بخلاف كونها أول امرأة افريقية ستتولى المنصب فإنها ستلتزم بشدة بالحد من عدم المساواة والفقر والفساد في جميع أنحاء العالم، حيث كان لها الفضل خلال ولايتها الثانية كوزيرة للمالية في نيجريا في تطوير برامج الإصلاح التي ساعدت على تحسين الشفافية الحكومية واستقرار الاقتصاد.
وتتمتع الرئيسة المرتقبة لمنظمة التجارة العالمية بسمعة طيبة في مجال محاربة الفساد. وخلال فترة عملها الأولى كوزيرة مالية في نيجيريا، أطلق عليها معارضو خططها لقب "أوكونجو واهالا" أي "أوكونجو صانعة المشاكل". وأدت جهودها في محاربة شبكات الفساد في صناعة النفط إبان فترة توليها منصب وزيرة المالية إلى وصول تهديدات بالقتل من معارضيها، وفي عام 2012 قامت مجموعة من الخاطفين –المتضررين من مكافحتها للفساد في قطاع النفط النشط في نيجريا- باختطاف والدتها البالغة من العمر 83 عامًا، وطالبتها بالاستقالة على الفور لكن أوكونجو التي عرفت بصلابتها قررت أن تعمل بنصيحة والدها الذي قال لها عندما كانت طفلة: "لا تسمحي لأي شخص أبدًا بتخويفك أو ابتزازك". في النهاية، نجت والدتها من تلك المحنة وتم إطلاق سراحها.
وحول اختيار أوكونجو لهذا المنصب قالت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي في مقابلة صحفية: "إنها امرأة رائعة، ناعمة، ولطيفة للغاية ولديها مقاربات جيدة لمواجهة المشاكل وإدارة المصالح، لكن تحت هذا القفاز الناعم، هناك يد قوية وإرادة قوية وراءها.. أعتقد إنها ستهز المكان."
وتخطط منظمة التجارة العالمية لعقد اجتماع في منتصف الشهر الجاري، حيث سينظر أعضاؤها في القرار النهائي بشأن ترشيح أوكونجو إيويالا. إذا لم يعارضها أي من أعضاء منظمة التجارة العالمية البالغ عددهم 164 عضوًا، فسيتم تعيينها لمدة أربع سنوات ، مع إمكانية تمديدها لمدة أربع سنوات في عام 2025.
من جانبها فقد تعهدت أوكونجو بإيجاد أرضية مشتركة بين أعضاء الهيئة التجارية المتباينة. كما تأمل في التوصل إلى اتفاقية لإدارة سوق التجارة الإلكترونية العالمي البالغة قيمته 26 تريليون دولار، والتي يمكن أن تقلل من العقبات العابرة للحدود لشركات التكنولوجيا الأمريكية مثل فيسبوك وأمازون وميكروسوفت ونتفليكس.