مايكل كين وكوميديا سوداء عاطفية في ”كارلوفي فاري السينمائي ”
د. أمل الجمل كارلو في فاريامرأة شابة مفعمة بالحيوية تُدعى لوسي، فجأة تجد دار النشر التي ورثتها عن والدها - مريض الألزهايمر والقابع في دار للمسنين - على وشك الانهيار. إنها نفس الدار التي احتفل بها العالم ذات يوم كأحد أبرز الدور التي تحقق أعلى المبيعات، ولأن صاحبها - والد المرأة الشابة - أفضل إيديتور لكُتابه الروائيين.
الآن تتأرجح الدار، إنها على شفا الإفلاس، بعد أن انتهى عصرها الذهبي عندما حققت تلك الدار نجاحًا كبيرًا مع رواية «الخريف الذري» التي كانت الأكثر مبيعًا للكاتب هاريس شو. الذي يُجسد دوره السير مايكل كين. لكن هذا الروائي المبدع، غريب الأطوار، بجرأته وفظاظته، أصبح الآن أكبر بخمسين عامًا فهل ينجح في إنقاذ حلم لوسي، خصوصاً أنه بعد رحيل زوجته أصبح يُفضل أن ينأى بنفسه عن ذلك العالم الذي يحتقره.
فجأ تظهر تلك المرأة الشابة وتقرر أن تُخرجه من عالمه لتُنقذ دار النشر التي تمتلكها. إن لوسي مستعدة أن تفعل أي شيء لإنقاذ أعمال العائلة. ليس فقط من أجل المال، لكن أيضاً، والأهم، أن الدار كانت حلم والدها الكبير، والأسطورة التي عاشتها هى منذ طفولتها. سرعان ما ستجد لوسي الحل عندما تكتشف أن هناك عقداً وقعه هاريس شو - قبل نحو عشرين عاماً - مع والدها لتقديم رواية جديدة لكنه لم ينفذ العقد، فتبدأ في مطاردته.
تنهض الدراما بفيلم «الأفضل مبيعاً» - والذي أنتجته المملكة المتحدة وكندا بالشراكة - على الصراع الذي سينشب بين الطرفين، إنه صراع مصبوغ بالكوميديا السوداء بين الشباب والكهولة، بين إرادتين لكل منها مخالبها، إحداهما مخالب ناعمم لا تلين وتمثلها لوسي، بينما مخالب الإرادة الثانية لشو هى إرادة فظة موسومة بالوقاحة في وصف العالم من حوله، خصوصاً أنه أصبح لا يكف عن تجرع زجاجات الويسكي وتدخين عبوات من السيجار.
لكن المدهش أنه خلف هذا الصراع العنيف، سنكتشف رقة بالغة ومشاهد مؤثرة عاطفياً تكاد توجع قلوبنا عندما نكتشف حقيقة الوجه الآخر لهذا المبدع، الذي يعترف أنه لفترات طويلة تعامل مع العالم البشع والناشرين فقط بسبب إحتياجه للمال، وسيقذف مفاجأة آخرى من العيار الثقيل في وجه لوسي - عقب لقائه غير المتوقع بوالدها في دار المسنين - إذ يخبرها أن والدها أبدا لم يُصحح كلمة واحدة في روايته، فقد كانت زوجته هى التي تفعل قبل رحيلها.
خلال ذلك أيضاً وفي جولة يقوم بها - الأثنين - للترويج لكتاب شو الجديد الذي غامرت لوسي ونشرته، سنكتشف جزءاً من سفاهة الجمهور، بينما على صعيد آخر سنُواجه بمجموعة من القراء الصادقين الذين سيتأثرون بما يقرأون. فهل تنجح لوسي بعد كل ذلك في ترويض الروائي الساخط على العالم، وهل تنجح في استعادة دار النشر؟ إنها دراما نهايتها غير تقليدية أخرجتها البريطانية لينا روسلر، في أول أعمالها الروائية، والتي تحمس لها المنتج كثيراً أثناء تقديم الفيلم في عرضه العالمي الأول للجمهور بمهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي الخامس والخمسين - من ٢٠ إلي ٢٨ أغسطس الجاري - قائلاً: أنه سعيد بالتجربة معها، ويراها مخرجة واعدة ويتمنى العمل معها بأفلامها القادمة. مثلما أشاد بها الممثل مايكل كين نفسه مؤكداً أنه سعيداً بتجربته معها.
درست المخرجة لينا روسلر اللغة الإنجليزية والكتابة الإبداعية في جامعة كونكورديا، وعملت في الأكاديمية الأمريكية للفنون المسرحية في نيويورك، وإنتاج الأفلام في جامعة يورك. ظهرت كممثلة في بعض المسلسلات، لاقت أفلامها القصيرة The Vow، Winter and Mustard Seed نجاحًا في العديد من المهرجانات الدولية. مثلما تمت دعوتها إلى برليناله تالنت ٢٠١٨ Berlinale Talents مع فيلمها القصير الرابع.
أما عملها الروائي الطويل الأول «الأفضل مبيعاً» من بطولة مايكل كين - والذي يُعرض ضمن قسم «آفاق» بمهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي الخامس والخمسين - فقد فاز سيناريو الفيلم، الذي كتبه أنتوني جريكو، بجائزة زمالة نيكول في كتابة السيناريو لعام 2015. والحقيقة أنه بفضل هذا السيناريو - إضافة إلي توجيهات المخرجة ومهارتها في إدارة ممثليها - فقد انطلقت روح الدعابة الساحرة والمشاعر الصادقة عند كلا البطلين مما جعلهما يتألقان معًا على الشاشة، ويُؤثران عاطفياً على الجمهور. إن المخرجة لينا روسلر بالتأكيد كما قال مارك ديمون: «موهبة شابة جديدة ذات مستقبل مضمون.«