ذكرى ميلاد عبد الرحمن الرافعي.. مسيرة سياسية حافلة وتأريخ وطني
حنين ناجيرجل سياسة وبرلماني من طراز رفيع، ونقيبًا للمحامين بارعًا.. مناصب تولها لتأريخ الحركة القومية المصرية منذ القرن الـ8 وحتى منتصف الـ19.
عبد الرحمن عبد اللطيف الرافعي، المولود في مثل هذا اليوم الـ8 من فبراير عام 1889م بحي الخليفة بالقاهرة، لأسرة ترجع أصولها إلى الأشراف، واشتغل معظم أفرادها بالقضاء، فأبوه كان أزهريًا وقاضيًا شرعيًا.
تخرج الرافعي في مدرسة الحقوق عام 1908م، وانضم وهو طالب إلى الحزب "الوطني"، فور إنشائه.
بدأ حياته المهنية محاميًا، إلا أنه لم يستمر طويلاً بمهنة المحاماة فعمل صحفيًا بجريدة "اللواء" الناطقة باسم "الحزب الوطني"، والتي كان يشرف عليها محمد فريد، الذي نشأت بينهما علاقة وطيدة امتدت لسنوات طويلة.
وفي عام 1910، عاد "الرافعي" مجددًا إلى المحاماة، فاشترك مع أحد أصدقائه في مكتب بمدينة الزقازيق، قبل أن ينتقلا إلى مدينة المنصورة التي أنشأ بها جمعية، لمساعدة الفلاحين بقرى محافظة الدقهلية.
كان الرافعي يحرص على المشاركة في مؤتمرات الحزب الوطني السنوية كونه عضوًا به، حتى أنه صحب محمد فريد، أثناء رحلته إلى أوروبا، لحضور "مؤتمر السلام".
وفي عام 1915م اعتقل الرافعي مع مجموعة كبيرة من قيادات الحزب الوطني، عقب إعلان الأحكام العرفية بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى وأفرج عنه بعد عدة أشهر.
شارك الرافعي في ثورة 1919م، وكان على رأس المطلوب إعدامهم عقب المظاهرات التي اندلعت في كل أرجاء مصر.
انتخب الرافعي نائبًا عن دائرة المنصورة في أول انتخابات نيابية حدثت بعد دستور 1923م، ليكون زعيم المعارضة بالبرلمان مع مجموعة من نواب الحزب الوطني قبل أن يتم حل المجلس.
انسحب الرافعي من الحياة النيابية لمدة 14 عامًا، ليعود مجددًا عضوًا في مجلس الشيوخ بالتزكية عام 1949، ووزيرًا للتموين في السنة نفسها.
وعقب ثورة 1952، شارك في إعداد دستور 1953م، وعينته حكومة يوليو نقيبًا للمحاميين عام 1954م، وظل نقيبًا حتى حلت النقابة، بعد مطالبتها للجيش بالعودة إلى ثكناته.
بدأ الرافعي في كتابة تاريخ الحركة الوطنية المصرية، عندما كان في مقتبل شبابه، ووقتها فكر في أن يبدأ بكتاب عن مصطفى كامل كونه ينتمي بإخلاص للحزب الوطني، ولكنه استقر على البدء من مقاومة الاحتلال الفرنسي في نهاية القرن الـ18، ليكمل من حيث انتهى المؤرخ الكبير عبد الرحمن الجبرتي، والانتهاء بثورة يوليو 1952م.
لاقت كتب الرافعي في التاريخ المصري رواجًا كبيرًا مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وشكلت مادة أساسية لمعرفة التاريخ في الـ40، ثم مرجعًا أساسيًا لتاريخ مصر في النصف الأول من القرن الـ20.
ويظهر لنا سجل الاستعارات الخاصة بطلاب الكلية الحربية أن كتب الرافعي، كانت على قائمة قراءات رئيس مصر الراحل جمال عبدالناصر، خاصة تلك المؤلفات الخاصة بثورة 1919م، ليحصل الرافعي في عهد عبد الناصر على جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية عام 1960م.
كما نال الرافعي أيضًا تقدير قادة ثورة يوليو، حينما وصف رئيس مصر الراحل محمد نجيب، كتاباته بأنها "ذخيرة وطنية للأمة والأساس للحركة التي قام بها الجيش".
على الرغم من رواج كتبه التاريخية، إلا أنها لم تسلم من النقد والاتهام بانحيازه للحزب الوطني الذي ينتمي له والذي أثر على تأريخه للأحداث، وإدانته الشديدة لـ"عرابي" ورفاقه واتهامه للثورة العرابية بأنها سبب الاحتلال البريطاني لمصر، بالإضافة إلى هجومه الشديد على حزب الوفد، بسبب مفاوضاته مع بريطانيا التي تتعارض مع مبادئ الحزب الوطني "لا مفاوضة إلا بعد الجلاء".
ومن أبرز مؤلفاته: تاريخ الحركة الوطنية وتطور نظام الحكم في مصر– الزعيم الثائر أحمد عرابي– مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية – في أعقاب الثورة المصرية – مقدمات ثورة 23 يوليو 1952م.. وغيرهم.
توفي الرافعي في الثالث من ديسمبر عام 1966م.