تعالوا إلى كلمةٍ سواء
ياسر خفاجي محطة مصرلا أدري من أين أسطر مقالي هذا ؟، فأخذ عقلي يقدح زناد الفكر وتتقاذفني الأفكار وتتواتر فيما عسى أن تكون بداية كتابي هذا، فوجداني مأهول دائمًا بالعديد من التساؤلات التي تجول به، لا تبرحه بل تتناثر إليه كأوراق التقويم والخريف هنا وهناك، تنمو وتكبر لتحمل بين طياتها الكثير من علامات التعجب! فأبحث طيلة الوقت لإيجاد ردودًا ربما تهدئ من خواطري.
الإنسان بطبيعته حادثِ لأنه من الأخيار، وكل حادثِ مُتغير لحكمة وحيثية يعلمها الله، فهل وصلنا إلى درجة القابض على أخلاقه ومبادئه كالقابض على جمرة من النار؟.. اجعلوا الدنيا في أيديكم وليست في قلوبكم، فهي دار ممر وليست مستقر ولذلك قال النبي (ص) في حديث روي عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما: "كُن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، فلماذا نتقاتل على هشيما تذروه الرياح؟
اقرأ أيضاً
- كأس العرب..منتخب مصر يسحق السودان بخماسية ويتأهل لدور ربع النهائي
- حسين فيصل يحرز الهدف الرابع في شباك السودان
- برشلونة يسقط أمام ريال بيتيس بهدف
- لهذا السبب.. محافظ الإسكندرية يصدر قرارًا بتعطيل الدراسة غدًا
- ضياء السيد: الأهداف تُضيف للأداء الجيد لكي تكتمل الصورة
- تشكيل مانشستر سيتي لمباراة واتفورد في الدوري الإنجليزي
- ليفربول يقتنص فوزًا قاتلًا من أنياب وولفرهامبتون ويتصدر البريميرليج مؤقتًا
- محمود الونش يصعق السودان بالهدف الثالث
- بالصور.. حسين الجسمي يحتفل باليوم الوطني الـ50 عشقاً وفخراً بالوطن
- التعادل السلبي يحسم الشوط الأول بين ليفربول وولفرهامبتون
- وزير النقل يعلن التوصل إلى اتفاق مع شركة ترانس ماش هولدنج الروسية
- وزير التعليم: تعيين المعلمين بالحصة مستمر ولم يتوقف
آفة الدنيا أن أهلها يعيشون فيها وهم لا يعلمون غايتهم النهائية وأن مصيرهم إلى زوال، ولا يجمع لها إلا مغرور مفتون بها، فتكالبوا عليها تكالب الكلاب على الجيف، تناسوا الغاية العليا والهدف الحقيقي من خلق البشر وتمسكوا بالغاية الصغرى التي سرعان ما تنتهي وتزول، لذلك خاطبنا الحق قائلًا: "من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب".
تعالوا نبعث برسالة سلام حقيقة، خالية من كبر أو لغو، فلا يُدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر مصدقًا لقول النبي (ص)، فخالقنا واحد وكتابنا واحد وقبلتنا واحدة وعدونا واحد وهو الشيطان الذي يُكن العداوة والبغضاء لآدم وذريته فقال لرب العزة: "أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتنِ إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا".
وما زال إبليس يمارس محاولاته الدائبة والمستمرة لإثبات عدم أفضلية الإنسان عليه وعدم صلاحيته للخلافة، وعدم جدارته بتكريم وتفضيل الله له فقال: "ربِ بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين، وقال رب بما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم، ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين".
إذًا تعالوا نتفق أن الشيطان عدو يوسوس للإنسان بالشر وأن الحق خلقنا شعوبًا وقبائل لنتعارف ونتعاون فيما بيننا، فالتنوع والاختلاف رحمة وليس فرقة وقطيعة.
تعالوا نُقضي على الندية في المعاملات الإنسانية ونفعل القول المعروف والكلمة حسنة، ابتغاء رضا الحق ونيل سعادة الدارين، فالدنيا كما وصفها النبي (ص) كراكب استظل بظل شجرة لبعض الوقت ثم مضى في طريقه مرة أخرى، فالعاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.
تعالوا نفيق من سباتنا لندق ناقوس الخطر، فلا نبوح إلا بما يُجمع ولا يفرق، ويُبني ولا يُهدم، وتذكروا قول النبي (ص) لأصحابه: "لا يُبلغني أحد من أصحابي عن أحدٍ شيئًا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر"، وقول الحق: "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء".
أعلم جيدًا أن الحب والكره بيد الله ولا عقاب عليه، ولكن يجب علينا أن ننتصر لمبادئ وقيم وتعاليم الدين الإسلامي خاصة إذا كان القلب يُعاني من غُصة تجاه أحد، فلا يجوز أن يترتب على تلك العواطف أذى أو ضرر، فالحق أمرنا بأن لا نتعامل مع أحدا إلا على سبيل العدل والإنصاف، وترك الميل والظلم والاعتساف وإن بالغوا في إيحاشكم مصداقًا لقوله تعالى: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"،.. فجعلوا الحق والعدل صفات حقيقة تعيش بينكم إلى أن يأذن الله لنا بالرحيل.
تعالوا ننحي ما اقترفته أيدينا وألستنا وما حملته أفكارنا من أشياء فاسدة وراء ظهورنا فلا يغتب بعضنا بعضا مصداقًا لقوله تعالى: "ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم".. فصورها القرآن في صورة مُنفرة تتقزز منها النفوس ليحذرنا من خطورة هذا الفعل.
إن قمع الشيطان والتغلب على أهواء النفس جهاد لو تعلمون عظيم، فقال تعالى: "ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله، فتعالوا إلى كلمة صدق وحق تصحبها رسالة سلام، فلا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وذكروا نعم الله عليكم التي لا تُعد ولا تحصى، فلو جعلنا شجر الأرض أقلامًا، والبحور مدادًا لتدوين كلمات الله لنفدت ماء البحور، وتكسرت الأقلام، كما قال تعالى "ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم"، فذكروه آناء الليل وأطراف النهار حتى يرفع عنا البلاء والوباء، لأن كثرة المعاصي تجلب النقم وتنقص الزروع والثمار مصداقًا لقوله تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون".
أبوح لأول مرة بشيء يدور دائمًا بخاطري حين أخلو بذاتي كل ليلة قبل انغماسي في النوم وأحاسبها عما بدر منها من قول أو عمل، لا أجد غصة أو وهُن في الاعتذار للصغير قبل الكبير، فكلمات عمر بن الخطاب رضي الله عنه محفورة بأعماقي ولا تفارق عيناي حينما قال: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا".. فنحن ماضون بستر الله وكرمه.
واختتم مقالي بالآية الكريمة، "واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله"، ليست "ديكور" وضعته عبر "بروفايلي" ولكن أسلوب حياة، كلمات تشعرني بعصرة في القلب ورهبة وخوف يتملك جسدي النحيل دائمًا.. كلمات لا تفارقني لحظة واحدة، أشعر كأنه يوجد شيء مثل الجبل أو حمل ثقيل على أكتافي إلى أن يقضى الله أمرًا كان مفعولا.