زيارة وزير التجارة والإعلام السعودي للقاهرة ترسم ملامح خارطة طريق جديدة

بجدول أعمال متخم بـ الاجتماعات والمقابلات، ورسائل ودية وأخوية حملها معه من رياض العز إلى قاهرة المعز، حطت طائرة الدكتور عبد الله القصبى، وزير التجارة والإعلام السعودى المكلف، ضيفًا عزيزًا على مصر يوم الأحد الماضى فى زيارة عمل استغرقت عدة أيام، وحملت فى طياتها معالم لوثبة أخرى فى سجل العلاقات المشتركة بين البلدين، ووضعت لبنة جديدة فى صرح التعاون الثنائى الممتد عبر العهود والعقود.

لكن قبيل ساعات من وصول طائرة الدكتور عبد الله القصبى إلى القاهرة، تداولت المنصات الرقمية ووسائل الإعلام العربية والدولية صورًا للقاءٍ ودى جمع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وسمو ولى العهد الأمير محمد بن سلمان- يحفظه الله- بمدينة شرم الشيخ، فى مشهد لم يعكس التقارب والتفاهم بين قيادتى البلدين الشقيقين فحسب، بل ألقى أيضا بظلال إيجابية ومتفائلة على الزيارة الهامة التى قام بها الدكتور القصبى للقاهرة على رأس وفد سعودى كبير.

"المملكة العربية السعودية تستهدف أن تكون الشريك التجارى الأول لجمهورية مصر العربية خلال الخمس سنوات".. بتلك البادرة غير المسبوقة فى العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين رسم الدكتور ماجد القصبى ملامح خارطة طريق ستحكم هذا الملف الحيوى خلال السنوات المقبلة، وهو الأمر الذى قوبل بحفاوة بالغة من جانب السيدة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة المصرية التى استقبلت معالى الدكتور القصبى فى مستهل زيارته للقاهرة لرئاسة أعمال اللجنة السعودية المصرية المشتركة فى دورتها السابعة عشرة.

وخلال أعمال اللجنة، شدد الوزير القصبى على أهمية العمل الثنائى لتوثيق الروابط الأخوية وتوطيد التعاون والانتقال به إلى مستوى أعلى، موضحًا أن اللجنة السعودية المصرية تعد إحدى اللجان الفعالة بين البلدين لوصولها لدورتها السابعة عشرة التى تعقد سنويا، كما أعرب عن تطلعه لمساهمة هذه الاجتماعات فى تعزيز التجارة البينية بين البلدين التى بلغ حجمها لعام 2020، 8 مليارات دولار.

وأثنى الدكتور القصبى بالتغيير الكبير الذى حدث فى مصر منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى زمام الحكم، كما أشاد بالتطور الذى طرأ على مناخ الأعمال والاستثمار، بشكل ساهم فى تذليل كافة العقبات والحواجز التى كانت تلاحق المستثمرين السعوديين سابقا، مشيرًا إلى توجيهات خادم الحرمين الشريفين للعمل على تعزيز الروابط الاقتصادية ونقلها إلى مستويات ترقى إلى تطلعات القيادتين والشعبين الشقيقين.

وأضاف: "يوجد فى مصر 6.285 شركة سعودية باستثمارات تفوق 30 مليار دولار وهناك فرص عديدة للاستثمار فى مصر، بينما يتواجد 285 علامة تجارية وأكثر من 518 شركة مصرية فى الأسواق السعودية والتى تعمل فى مجالات عدة، فضلا عن أكثر من مليونى مقيم مصرى بالمملكة وهى كلها عوامل خلاقة ومساعدة على الانتقال بالعلاقات التجارية بين البلدين لمناطق أكثر رحابة".

وقال إن الانطباع السائد حالياً هو أن مصر فيها حراك إيجابى، وبها تطور، وهناك جدية لحل المعوقات، مبرهنًا على ذلك بقيام الوفد المرافق له والمكون من قيادات حكومية وأكثر من 35 رجل أعمال سعودى بعقد سلسلة اجتماعات مع وزراء التخطيط والتنمية الاقتصادية، وقطاع الأعمال العام، والتجارة والصناعة، ورئيس هيئة الاستثمار، ورجال الأعمال، واستمعوا إلى مقترحاتهم.

ولم يقتصر جدول أعمال زيارة الدكتور ماجد القصبى على لقائه بنظيرته فى الحكومة المصرية، بل إن الرئيس عبدالفتاح السيسى قام باستقباله، حيث نقل خلال اللقاء تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- إلى الرئيس، مؤكداً قوة وخصوصية العلاقات التى تربط بين المملكة ومصر، ودور مصر المحورى فى المنطقة، وما تمثله من أهمية للأمن والاستقرار فى الوطن العربى.

وبالمثل، فقد قام رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى باستقبال الدكتور القصبى، وتم الإعلان خلال اللقاء عن نجاح اللجنة المشتركة بين البلدين، فى حل عدد من المشكلات التى واجهت المستثمرين، وذلك فى إطار حرص الحكومة المصرية على توفير المناخ الجيد للاستثمار.

كما شملت الجولة التى قام بها الدكتور القصبى بصفته وزيرًا مكلفا للإعلام، زيارتين لمقر شركة نايل سات بالعاصمة المصرية القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامى وكان فى استقباله رئيس مجلس إدارة الإنتاج الإعلامى أسامة هيكل ورئيس مجلس إدارة شركة نايل سات اللواء أحمد أنيس.

 بينما حرص الكاتب الصحفى كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام على استقبال الوزير القصبى، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر السفير أسامة بن أحمد نقلى، فى مقر المجلس بالقاهرة، بحضور عبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وحسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، وعدد من الإعلاميين ورؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف المختلفة.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن حجم التبادل التجارى بين السعودية ومصر وصل إلى 8 مليارات دولار لكنه شهد انخفاضاً بحوالى 15% مقارنة بعام 2019 بسبب التداعيات الاقتصادية للجائحة، وتعد المملكة ثانى أكبر سوق خارجى للصادرات المصرية، كما تعد مصر ثامن أكبر مستقبل للصادرات السعودية، فيما تعتبر المملكة ثانى أكبر مستثمر فى مصر باستثمارات تخطت الـ 6 مليارات دولار موزعة على أكثر من 500 مشروع استثمارى، بينما تبوأت مصر المرتبة الثانية فى قائمة أكبر الدول التى تم إصدار رخص استثمارية لها بالمملكة العربية عام 2020 بإجمالى 160 رخصة استثمارية كما بلغ إجمالى الاستثمارات المصرية فى المملكة نحو 1.4 مليار دولار بنهاية عام 2020، وهى مؤشرات تعد إيجابية للغاية فى ظل انخفاض تدفقات الاستثمار العالمى بنسبة 42% عام 2020 مقارنة بعام 2019 وفقاً لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد".