قائد أول ثورة في التاريخ الحديث.. الذكرى الـ140 لنفي أحمد عرابي
يصادف اليوم الأول من فبراير من عام 1881، ذكرى نفي القائد العسكري والزعيم المصري أحمد عرابي إلى جزيرة سيرلانكا "سرنديب سابقًا"، بعد هزيمته فى الثورة العرابية ضد الخديوى توفيق، ودخول الإنجليز مصر واحتلالها، وقد تداولت الروايات حول كونه ظالم أو مظلوم.
وفي السطور القادمة يوضح لكم موقع "محطة مصر" أبرز المعلومات عن أول ثورة فى العصر الحديث، وشخصية صاحب الزعيم عرابى..
اقرأ أيضاً
- تأييد الحكم بالسجن 15 سنة على قتلة محمود البنا شهيد الشهامة فى المنوفية
- مفاجأة.. غضروف الركبة يهدد مسيرة حسين الشحات مع الأهلي
- أحمد حسن وزينب الأبرز.. تعرف على أجور أشهر اليوتيوبرز في مصر
- حبس شخص بتهمة قتل سائق ”توك توك” وإلقاء جثته في المجاري بالمنيا
- شوقي غريب مديراً فنياً للمنتخب الأولمبي .. محمد وهبة للناشئين
- طه ياسين الخنيسي على أعتاب البنك الأهلي
- حبس مدمن شرع في قتل والده بـ”سيخ حديد” في منشأة ناصر
- بيراميدز يقترب من ضم حمدي النقاز
- المالي ماليك توريه ينضم لفريق غزل المحلة
- ”استقالة ملك الموت” أحدث إصدارات هيئة الكتاب
- راحة سلبية للاعبي الأهلي الدوليين من التدريبات
- كهربا وطاهر محمد طاهر يغيبان عن مران الأهلي
- من قرية بسيطة بالشرقية
يعتبر الزعيم أحمد محمد عرابي محمد وافي محمد غنيم عبد الله الحسيني، والذي لقب بـ"أحمد عرابي" من مواليد 31 مارس 1841، في قرية هرية رزنة بمديرية الشرقية، لوالد كان عمدة القرية.
- بين العلوم الدينة والحربية
تعلم عرابى القرآن، ثم وجهه والده إلي أحد صرافي القرية ليتعلم المسائل الكتابية والحسابية لمدة خمس سنوات كاملة حتي أجادها، وعند الثماني سنوات رغب في الالتحاق بالأزهر لتعلم الأمور الدينية في القاهرة، فأحب الأب اجتهاده وارسله فى نوفمبر 1849، ليتعلم التفسير والفقه وحفظ القرآن كاملًا في أربع سنوات.
- نظام جديد لصالح المصريين
أراد حاكم مصر الخديوي سعيد حينها، توفير فرص متساوية بين الشراكسة والمصريين في الجيش المصري، فقدم للالتحاق بالجيش كل من أبناء المشايخ وذوي الأعيان، وبالفعل استطاع عرابي أن يلتحق في 6 ديسمبرعام 1854بالجيش، كجندي ثم عين كمساعد بسبب قدرته الجيدة علي الكتابة.
- عصر من الترقيات
وتدرج عرابي سلم الترقيات فى الجيش، وشغل عدد من المناصب في فترات متقاربة، فتمكن من أن يترقى لرتبة قائم مقام فى سن العشرين، وهي الرتبة التي توازي عقيد الآن، حتي أنه كان قريبًا من سعيد باشا، فأهداه كتابًا باللغة العربية عن سيرة نابليون بونابرت، وشاركه الخديوي مخططاته للمناورات الحربية، كما شارك أيضًا في حروب الخديوي إسماعيل بالحبشة.
- عودة للنظام القديم
فى عصر الخديوى إسماعيل، عاد نظام التفرقة بين الشركس والمصريين بعد وفاة سعيد، وتولى إسماعيل، وعانى عرابي من ظلم اللواءات الشراكسة، الذين أقالوه، وقدموه للمحاكمة العسكرية، فصدر حكمًا بحبسه في السجن العسكري 21 يومًا.
إلى أن استئنف الحكم وألغى دون رغبة وزير الحربية، ما سبب خلافًا بينه وبين رئيس المجلس العسكري حينها، حتى لجأ الوزيرللخديوي، وأمر بفصل عرابي.
- فرمان العصيان
أدى قرار عزل عرابى، إلى غضبه بشأن السيطرة مرة اخرى على الجيش، فقام برفع كثير من المظالم للخديوي خلال سنوات ثلاثة، وسطع اسمه على ساحات المعارضة ضد الخديوى، وتقدم ضمن مجموعة من زملائه بعدة مطالب، منها ترقية من أجل الضباط المصريين، وعزل رياض باشا رئيس مجلس النظار وزيادة عدد الجيش المصري، مما أدى لاضطهاده بسبب ميوله الوطنية واعتراضه على وضع أسقف محددة للتدرج في الترقي لصالح المصريين، ومحاولته لإقصاء الأتراك والجراكسة (الشركس)، من المواقع القيادية بالجيش المصري، ولكن دون جدوى، لم يتم النظر في أيًا منها.
- زواج بختم العفو
التحق عرابي بوظيفة في إحدى دوائر الحلمية، وتزوج من شقيقة زوجة الخديوي توفيق، وتدعى"كريمة"، فتمكنت من التوسط له، فاستطاع بعض أقاربها ومعارفها، من إصدار بعض التوصيات للخديوي بمنحة العفو وإعادته مرة أخري لمرتبته التي وصل لها في الجيش.
وبالفعل عاد للجيش وعُين مأمورًا لحملة مصرية تمت في الحبشة هزم فيها الجيش المصري، نتيجة لسوء تصرف قياداتها من الشراكسة، الأمر الذى سبب له ضررًا نفسيًا كبيرًا، وبمرور الوقت ترقى عرابى لرتبة أميرالاي، ضمن المصريين القلائل الذين يصلوا لهذه الترقية، وكان ذلك في عصر حاكم مصر الخديوي سعيد حينها، وجدير بالذكر أن ترقيه جاء بعد فصله من الجيش، ليصبح قائد لواء المشاة بالعباسية.
- شرارة الثورة
أصدر عثمان رفقي ناظر الجهادية، عدد من القرارات التي بها قدر كبير من التحيز للشراكسة على حساب المصريين، الأمر الذى شجع عرابي وإثنان من زملائه على كتابة عريضه موقعة بأسمائهم للتظلم ضد القرارات والمطالبة بتغييرها والمساواة بين المصريين والشراكسة في تولي المناصب.
ولكن الخديو توفيق حاكم مصر حينها، اعتبر الأمر تمردًا، و ألقى القبض على عرابي وزملائه، وإخضعهم للمحاكمات العسكرية ومن ثم إعتقلهم بالسجون، إلى أن تم تحريرهم على يد الضباط المصريين بالإضافة لبعض الوحدات العسكرية.
- استجابات للتهدئة
أجرى عرابي اتصالًا بالقنصلية الفرنسية، بالإضافة لعدد من القنصليات الأجنبية، متوسمًا منهم التدخل لحل المشكلة، فلم يجد الخديوى حلًا إلى الاستجابة لرغبة الضباط المصريين، وتعيين محمود باشا ناظرًا للجهادية بتوصية من عرابي.
ليتكرر الموقف مجددًا، حيث أمر كبير النظار بعزل محمود باشا وتعين داود باشا، الذى أصدر عدد من القرارات المخالفة لمساعى الضباط المصريين، فقاموا من جديد بتقديم مذكرة جديدة، والاتصال بالقناصل المختلفة لطمأنتهم.
فاستجاب الخديوي وعزل وزارته وعين وزارة جديدة ومجلس للنواب وزود عدد أفراد الجيش، إلى أن نشب خلاف بين الخديوى وعرابى، أسفر عن انقسام وضعف للمقاومة في البلاد، مما مهد الطريق أمام القوات الإنجليزية لدخول الأسكندرية وضربها، وأنهزمت الثورة العرابية والعرابيين عام 1982، ودخل الإنجليز مصر، وتعرض عرابى ورفاقه للمحاكمة.
- انسحاب لكفر الدوار
احتدم الصراع بين عرابى والخديوى، وفضل خوض المواجهة الشهيرة مع الخديوي توفيق يوم 9 سبتمبر 1881، وتمكن الانجليز استطاعوا دخول الإسكندرية وضربها، فانسحب عرابى لكفر الدوار، من أجل تجهيز خطوط دفاعية جديدة بها، وعلى الرغم من عزله من الحربية، استطاع عرابى تكوين جيش يناصره، حيث تعرض الإنجليز لهزائم متتالية من ذلك الجيش، كل هذا والثورة قائمة كأول ثورة وطنية في تاريخ مصر الحديث.
- الرشوة تفسد الثورات
حاول الإنجليز اضعاف مخططات عرابي، فتوددوا للضباط المناصرين له، وتسلموا حق خيانته مقابل الخطط، وبالفعل تمكنوا من ذلك، مما أدى لهزيمة الجيش المصري أمام الإنجليزي، واستطاع اقتحام القاهرة، وقرر عرابى حينها تسليم نفسه، رغبة منه في حقن الدماء والحفاظ علي القاهرة من الدمار الذي قد يلحقه الإنجليز بها.
مما أدى إلى ضعف عرابى أمام خيانتهم واحتجز بثكنات العباسية مع نائبه طلبة باشا حتى انعقدت محاكمته في 3 ديسمبر 1882 والتي قضت بإعدامه.
وجاء تخفيف الحكم بعد ذلك مباشرة بناء على اتفاق مسبق بين سلطة الاحتلال البريطاني والقضاة المصريين إلى النفي مدى الحياة إلى سيرلانكا "سرنديب" سابقًا، وجاء السفير البريطاني لدى الباب العالي "لورد دوفرن" إلى القاهرة كأول مندوب سامي يشرف على محاكمة عرابي.
- سريلانكا تستقبله
انتهت محاكمته، بقرار للنفى بجزيرة سريلانكا "سرنديب سابقًا"، وقام الأسطول البريطانى مع عدد من زملائه منهم، عبدالله النديم، محمود سامح البارودي، لسبع سنوات بمدينة كولومبو، وبعدها تم نقل عرابى والبارودى لمدينة كاندى، وتم الأفراج عن البارودى من النفي بعد ثمانية عشرة عامًا بسبب إصابتة بالعمى من شدة التعذيب، فى حين أتم عرابي عشرون عامًا بالمنفي مريضًا، ولازمه مرضه حتى وفاته بسبتمبر 1911.
- سريلانكا تودعه باكية
ودعت سريلانكا عرابى بحزن، حيث قام هناك بتعليمهم أسس الدين، وساهم فى إسلام عدد منهم، بالإضافة إلى تعليمهم العربية والفنون، وترويجه لمصر سياحيًا هناك.
- يوليو تنصف عرابي
مات عرابي الذي اتهموه بالمرق والخروج عن الدين، بسبب ما حلم به من حرية، وذلك قبل أن تتحق أحلامه في عزل الملكية، إلى أن جاءت ثورة يوليو وخلصت الشعب من الخديوي وأعوانه، وحولت الملكية إلى جمهورية، لتقوم بعدها مصر مستقلة عن توريث الأتراك العثمانين للحكم.
- مذكرات "زعيم الفلاحين"
حزن عرابي لما كتبته عنه الصحف العربية من نكران حركته، فكان مهتم لمعرفة ما تكتبه عنه الصحف العربية، وكتب مذكراته وقدمها إلى جريدة "التيمس" وقال: "الوزراء الإنجليز أعلنوا أكثر من مرة أنى ثائر، ولا أتوقع أن يغيروا رأيهم بى.. ولكنى واثق النفس فى المستقبل، فإنجلترا لن تستطيع أن تعوق الإصلاحات التى حاربت فى سبيلها، وعما قريب ستلغى الرقابة الإنجليزية الفرنسية، وتتخلص مصر من قبضة الموظفين الأجانب الذين يشغلون كل منصب دون المصريين، وستطهر محاكمنا الوطنية من العيوب، وستوحد القوانين ويكون لها سلطة، وسيكون للأمة مجلس نواب ذو رأى مسموع وله حق التدخل فى شؤون الشعب المصرى، وسيطرد المرابون من القرى، وعندما يرى الشعب الإنجليزى تحقيق هذا كله يستطيع أن يتبين أن عصيانى كان له مسوغ عظيم".
وسطر أيضًا فى مذكراته" "أني ابن فلاح مصرى، بذلت جهد طاقتي في سبيل الحصول على هذه الإصلاحات لوطنى العزيز الذى أنتمى إليه والذى أحبه أشد الحب، ولكن سوء حظى حال بينى وبين ما أردت، وإذا لم تقف إنجلترا فى وجه هذه الإصلاحات وسلمت مصر للمصريين كما تقتضيها ذمتها وشرفها فيومئذ يتبين للعالم كله حقيقة مساعى عرابى العاصى وحقيقة أغراضه".
واختتم رسالته بقوله: "إنى أغادر مصر مقتنعًا كل الاقتناع أنه كلما مرت الأيام اتضح للعالم عدالة قضيتنا شيئًا فشيئًا، وسوف لا تندم إنجلترا على ما أظهرت من إنسانية وتسامح إزاء رجل حاربها وحاربته".