الجمعة 22 نوفمبر 2024
محطة مصر

    مقالات

    مجتمع متشدد .. حينما يُسَبّ الفنان عمر خيرت

    بهجت العبيدى
    بهجت العبيدى

    في خبر نشرته صحيفة اليوم السابع يوم أول أمس الثلاثاء الأول من يونيو تحت عنوان "عمر خيرت لـ"اليوم السابع": الموسيقى سبب في سعادة وبهجة الناس". وكانت تفاصيله بالداخل تقول: أحيا الموسيقار الكبير عمر خيرت حفلتين مؤخرا داخل دار الأوبرا، واللتين رفعتا شعار كامل العدد بحضور جماهيري ضخم، نظرا لحبهم لفنه وموسيقاه التي ما زالت خالدة في ذهن الجمهور.
    وقال في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "الجمهور المصري محتاج الخروج من الأزمة التي مررنا بها مؤخرا وهى كورونا، والموسيقى سبب في سعادة وبهجة الناس".


    وقال الموسيقار الكبير عمر خيرت أنه محب لفنه، لذلك هو حريص على تقديم عدد من الحفلات طول الوقت في عدد من الأماكن سواء على خشبة مسرح دار الأوبرا المصرية أو على مسرح آخر.


    وفي هذا الخبر وجدتني أدخل على تعليقات القراء والمتابعين لليوم السابع، وكانت صدمتي هائلة، فأكثر من تسعين في المائة من المعلقين كانوا في منتهى الفظاظة، واستخدموا ألفاظا قاسية للغاية وكان بها ألفاظ نابية، وهؤلاء التسعين في المائة من المعلقين يرفضون الموسيقى، ويستنكرون العنوان الذي يؤكد أن الموسيقى سبب سعادة وبهجة الناس، وطبعا هذا التوجه، ليس من الصعب معرفة مصدره، وهو مصدر ديني ولا شك، فليس هناك ما يجعل كل هذا الكم من المعلقين يجردون سيوفهم ويسنون أسنانهم إلا إن كان قد تم ملأ أدمغتهم وحشوت عقولهم بفكرة تحريم الموسيقى، وهم هنا اعتبروا أنفسهم مدافعين عن الدين وحامين لحمى العقيدة بهذا الكم الهائل من السب والشتم والسخرية من الفنان الموسيقي المتميز والموهوب عمر خيرت ومن الموسيقى التي هي من عمل الشيطان، وطبعا لم نعدم بينهم هؤلاء الناصحين الذين يطالبون الفنان بالتوبة، ولم نعدم هؤلاء الذين يؤكدون أنه لا سعادة إلا في القرآن الكريم والقرب من الله، هذا الذي جعلوه في مواجهة مع الموسيقى والفن عموما الذي يعبر عن المشاعر الإنسانية، وهو منحة من الخالق العظيم خص بعضا من خلقه بالموهبة التي يعبر من خلالها عن النفس البشرية وما يعتمل فيها من تفاعل أو صراع أو رغبة أو شعور وما يتطلع إليه الإنسان من طموح وما يتمناه من آمال.

    اقرأ أيضاً


    وعلى الرغم من أنني لست في حاجة إلى فتوى للاستماع للراقي من الموسيقى، حيث أنني لم أستسغ يوما أن الله سبحانه وتعالى يمكن أن يحرمها، مهما ساق في ذلك أصحاب هذا التوجه من حكايات أو آثار، ومع ذلك فهناك العديد من الفتاوى صادرة عن مؤسسات دينية رسمية أباحت الاستماع إلى الموسيقى فدار الإفتاء المصرية ترى أنّ الاستماع للموسيقى جائز وأنّه صوت، وأنّ حسنه حسن وقبيحه قبيح، وأنّ الذي يحرم في الموسيقى أن تجتمع مع شيء محرم، كأن يكون مع الاستماع النظر للعورات، أو إلى ما حرم الله، أو شرب خمور ومخدرات وغيرها، فيحرم الاستماع للموسيقى إذا صاحبها منكر".

    وهنا نسأل: لماذا مثل هذه الفتوى وهي الصادرة عن مؤسسة رسمية لا تجد صدى عند المتشددين أو المتطرفين؟ والجواب الذي نميل إليه هو أن التشدد في المجتمع المصري مسيطر إلى حد كبير، وذلك ناتج من سيطرة المتشددين على المجتمع المصري سنوات طويلة ملأوا خلالها عقول العديد من أبناء الشعب بأفكارهم التي أصبحت لدى هذا القطاع من الشعب من المسلمات ومن صحيح الدين ومن ثم فإن أية فتوى لا يُلْتَفتْ إليها، بل إن نٌظِرَ إليها فإنما ينظر لها في سياق الحرب على الدين من قبل السلطة الدينية الرسمية، وذلك في إطار فهم سقيم، لدى هؤلاء، مفاده أن الدولة تحارب الدين.

     

    هذا الذي هو في حاجة إلى جهد جهيد من المستنيرين من رجال الدين، والذين للأسف، كما نرى، تأثيرهم محدود للغاية في الشارع المصري نتيجة، لما ذكرت سابقا، من أن التشدد هو السائد في فهم قطاع كبير من أبناء الشعب المصري، وإن فعلوا، وهم يفعلون حقيقة، غير ما يعلنون، هذا الذي يتضح بجلاء شديد في هذا الحضور للحفلات وفي الاستماع للأغاني والموسيقى التي هي أقل بمراحل هائلة مما يقدمه عمر خيرت، الذي يقدم فنا راقٍ لا يختلف على رقيه اثنان.


    ولكن يبدو أن هناك انفصام، في حاجة إلى العمل على علاجه من المؤسسات المختلفة، في المجتمع المصري فهو يفعل الشيء ويلعنه في ذات الوقت، وهو، أغلبه أعني، ينظر للفن نظرة دونية، في ذات الوقت الذي يقبل عليه، بل على الهابط منه على وجه التحديد بشكل كبير، وربما يكون من الأهمية بمكان أن يدرك الإنسان المصري لقيمة الفن.


    فالفن في المطلق هو مرآة المجتمع، وليس للفن عموما مهمة مباشرة إلا في الدول المتخلفة، فمثلا حينما يعرض الفن سلبية من سلبيات المجتمع، فهذا لا يعني أنه يدعو لاقترافها، بل يقوم بالتنبيه عنها، لتقوم المؤسسات المعنية بعلاجها، ولا شك أنه ليس من مهمة الفنان البحث عن الحلول، ولكن من مهامه أن يمثل زرقاء اليمامة، يستشرف المستقبل، طبعا هذا مجرد جانب، وهناك جوانب أخرى، فلو نظرنا في أدب نجيب محفوظ والذي استعانت به السينما لوجدنا الرجل قد شرح وشرّح المجتمع المصري تشريحا دقيقا، ليضع الصورة كاملة بتفاصيلها الدقيقة أمام المجتمع نفسه، ولننظر مثلا في فيلم "أهل القمة" لنجد الرجل راصدا لمتغيرات المجتمع مرسلا الصيحة تلو الصيحة، مستشرفا لما هو آت، هذا الذي عايشناه جميعا.


    الفن ليس عبثا كما يظن البعض، فالدول تقاس برقي فنونها، والرقي لا يعني الكذب وتزييف الحقائق، فيمكن لفيلم سينمائي يراه البعض يقدم صورة بغيضة فإذا به في نظر الدارسين للفنون فن راق.


    وأهل الفن مُكَرّمون في كل المجتمعات الراقية، فهم الموهوبون، والموهبة شيء نادر وهي هبة من الله سبحانه وتعالى لا يتحصل عليها، كما قلنا سابقا، إلا قلة قليلة من البشر، ومن هنا يأتي الاهتمام بهم، والموهبة الحقيقية في كل مجال مُقدّرة، فيمكن لدولة أن تخرّج ١٠٠ ألف طبيب ومثلهم من المهندسين ومثلهم من المحامين ومثلهم من المدرسين، ولكنها لا تستطيع أن تصنع موهبة فذة واحدة، ومن هنا تأتي قيمة الموهبة والاهتمام بالمواهب.

    مجتمع متشدد حينما يسب عمر خيرت الموسيقى سبب في سعادة وبهجة الناس

    أسعار العملات

    العملةشراءبيع
    دولار أمريكى​ 29.526429.6194
    يورو​ 31.782231.8942
    جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
    فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
    100 ين يابانى​ 22.603122.6760
    ريال سعودى​ 7.85977.8865
    دينار كويتى​ 96.532596.9318
    درهم اماراتى​ 8.03858.0645
    اليوان الصينى​ 4.37344.3887

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
    عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
    عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
    عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
    الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
    الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
    الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

    مواقيت الصلاة

    الجمعة 05:36 مـ
    20 جمادى أول 1446 هـ 22 نوفمبر 2024 م
    مصر
    الفجر 04:55
    الشروق 06:26
    الظهر 11:41
    العصر 14:36
    المغرب 16:56
    العشاء 18:17

    استطلاع الرأي