شريف دسوقى وضحايا الإحتكار والإحتقار والإستهبال
د. وليد سيفمنذ عامين لم أكن على المستوى الشخصى أعرف شريف دسوقى الشهير بسبعبع فى مسلسل ب 100وش ،ولم أكن حتى استطيع أن أربط كثيرا بين الإسم والشخص كممثل على الرغم من أنى نوهت بأدائه التمثيلى المتميز فى دور عربجى بفيلم الحاوى للمخرج ابراهيم بطوط دون أن أذكر إسمه .ومن بعده أشرت إلى أدائه المتمكن فى فيلم ليل داخلى لأحمد عبد الله السيد كأحد أبطاله، رغم اعتراضى على حصوله على جائزة أفضل ممثل بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى عام 2019 ،فى دورة كانت حافلة بأداء تمثيلى أكثر تفوق الفنانين من مختلف أنحاء العالم. تعرفت عليه عن قرب إلى حد ما أثناء حضورنا معا مهرجان مالمو فى السويد فى نوفمبر 2020أنا كعضو لجنة تحكيم وهو كضيف له أحد الأفلام المشاركة ،جمعتنا هناك طبيعة مشتركة يغلب عليها الخجل ولا تحفل بالظهور وجلسات التعارف والتقارب والحوار المصطنع، كما جمعنا أيضا الوقوف على باب الأوتيل أو دار العرض لتدخين السجائز الممنوعة فى الأماكن المغلقة. لم يعاتبنى شريف وقتها كناقد وحيد إعترض على جائزته ولم يتساءل حتى عن أساب إعتراضى بل كان فى غاية الذوق والمودة، كما أنه لم يثر أى مشكلات من أى نوع مع أى أحد طوال أيام المهرجان، ولم يرتفع صوته لأى سبب ولم تكن له أى مطالب على الإطلاق، مع أنه كان حاضرا بصفته الحائز على أكبر جائزة نالها ممثل فى مهرجان عربى دولى. بعدها بأسابيع قليلة تصادف أن اشترك فى فيلم المخرج مجدى أحمد على(2شارع طلعت حرب )وكان يلعب دور البواب بينما يلعب إبنى دور إبنه الشاب ،وحدثنى إبنى كثيرا عن ذوقه ورقيه فى التعامل وهدوئه الشديد وأدبه الجم. لكن هذه الصفات المؤكدة فى شخصه والأخلاقيات المحترمة لشريف التى يعرفها كل من اقترب منه لم تشفع له أمام ملوك وأباطرة الصناعة وخادميهم ليواجه باتهامات وأساليب مهينة عدة وصلت إلى حد السخرية منه والتنمر له ووصمه بالجنون لمجرد أنه أصيب أثناء التصوير.وزعمهم بأنه متمارض يدعى الإصابة ويطلب الراحة ليتسبب فى تعطيل برنامجهم المقدس الذى لايجرؤ على العبث به تحت أى ظرف من الظروف
إلا كبار النجوم، بل وأن شريف تجاسر وطالب بدفعة مستحقة من أجره مدعيا أنه سينفقها على العلاج.ففاض بهم الكيل وعاملوه أسوأ معاملة اضطرته لأن يصور فيديو يكشف فيه عن قدمه المصابة ويطلعنا على أنه اكتشف لأول مرة من خلال هذا الحادث الذى وقع له أثناء التصوير أنه مريض بالسكر وهو يطالب الجهات المعنية برفع الطلم عنه.إن من ظلموا شريف بالتأكيد لا يعرفون أدنى حقوق العامل التى تقرها كل الأعراف والقوانين،كما أن شريف بالنسبة لهم لم يصل بعد لمرحلة النجم المؤثر فى التسويق والتوزيع بدرجة كبيرة فيخشون غضبه أو تلويحه بالانسحاب من العمل.لهذا فهو يظل فى قائمة ممثلى الدرجة الثانية الذين لا ينالون حقوقهم فى كثير من الأحوال إلا بالأساليب الملتوية ومزيج من الإلحاح
والتهديد والمسكنة، وباضطرارهم لتطبيق المثل الفلاحى الشهير" أخدان الحق حرفة" مع أن أخدان الحق هو حق فقط لا يمنعه سوى الظلمة والبلطجية، تجاهلوا نجاحاته ورحلة كفاحه واحتماله لكل ما تعرض له من ظلم وكأن نجاحه وتميزه فى سابقة أعماله لم يضف إلى رصيده لديهم شيئا. عانى شريف كغيره من الممثلين الموهوبين وصغار العاملين فى المهنة من صعوبة إيجاد فرص عمل لسنوات طوال فى أعمال كبيرة تحتكرها كبار الشركات وتوزع أدوارهاغالبا على الأهل والحبايب والمتنطعي ،نفظل شريف فى غالبية مسيرته الفنية لا يعمل إلا فى الأفلام المستقلة محدودة التكلفة غالبا وبأجور رمزية ومتواضعة إن وجدت أصلا قبل أن يشارك بدور مؤثر ولافت للأنظار فى مسلسل ب100وش لكاملة أبو ذكرى.بعدها ذاع صيته وأصبح إسمه معروفا وزاد الطلب عليه، لكن هناك عقيدة شائعة لدى بعض العاملين فى مجال الإنتاج وهى أن الممثل عموما يأخذ أكثر كثيرا مما يستحق طالما أنه لايؤثر فى التوزيع،وإن احمد زى الحاج احمد ،وإنه ماذا سيفعل هذا اكثر مما يفعل غيره.. إنه احتقار مريض لفن الممثل وتصور ساذج من بشر يعملون فى الفن ليس لهم أى علاقة بالفن.فى ظل كل هذا أصبحت مطالبة الممثل بحقوقه المتأخرة أقرب لإساءة الأدب، والمسألة فى الحقيقة هنا لا تتعلق بالممثل أو حتى الوسط الفنى عموما، لكنه أصبح السلوك المعتاد فى كثير من الأحوال للمسئول المالى فى كثير من المواقع والقطاعات، فقد أصبح من الشائع جدا بالنسبة لهم مارسة الإستهبال مع أصحاب الحقوق، فتارة يتظاهر سيادته بالإنشغال وأخرى بعدم الإنصات وثالثة بالنسيان ورابعة بالغضب من الإلحاح بالمطالبة.
اقرأ أيضاً
- صبري فواز فعلا
- ”جوائز مالمو”: لجنة التحكيم تختار ”الرجل الذي باع ظهره” والجمهور ينحاز لـ ”حظر تجول”
- تعرف علي قائمة جوائز منح مهرجان مالمو لدعم السينما العربية
- وسط تدابير مشددة وبمشاركة إلكترونية واسعة: انطلاق مهرجان مالمو للسينما العربية
- ريد ستار تشارك في مهرجان مالمو السينما العربية ب 11 فيلم
- مهرجان مالمو للسينما العربية يُطلق دورته الحادية عشر في ثوب جديد غدا
- تعرف علي أفلام ولجان تحكيم مهرجان مالمو للسينما العربية
- ”مالمو للسينما العربية” يكشف تفاصيل برنامج منح أفلام نسخته السابعة
- 3 أفلام مصرية مرشحة للفوز بمنح ”مالمو للسينما العربية السابع ”
- مهرجان مالمو للسينما العربية يكشف عن البوستر الرسمي لدورته الحادية عشر
المهم أن يصل بصاحب الحق إلى حالة من اليأس والانصراف دون أن ياخذ حقه عله ينساه أو يرحل عن الحياة هو أو يرحل المسئول ذاته فيستريح تطبيقا لنظرية جحا حين وعد الملك أن يعلم الحمار القراءة والكتابة فى غضون عشر سنوات ..المهم هو ألا يتسرع بإعطاء ذى حق حقه فربما جدت فى الأمور أموروأن عدم الصرف لن يعرضه للمساءلة أما الصرف فقد يثير مشكلة ، وربما يعتقد أن الممول صاحب المال سوف يكافأه لأنه وفر بعض الأجور أو المصروفات التافهة أو ربما يكون هو ذاته قد طمع فيها أصلا.فقد شريف الدسوقى قدمه بعد أن أصابه سكر القدم وأهمل العلاج وهو يواصل عمله مجبرا حتى لا يتهم بتعطيل التصوير، فحركة العمل لا يجوز أن تتوقف تحت أى ظرف من الظروف، بل إنها تدور فى ظروف غير آدمية على الإطلاقلتستمر ساعات التصوير فى الأوردر الواحد إلى ما يتجاوز الأربعين ساعة لتصل الليل بالنهار .وعلى الفنان أن يرضخ دائما فهو ضحية الثلاثى الوقح: الاحتكار والاحتقار والاستهبال.. وهى عادات رديئة أتمنىأن تتغير من مجتمعنا عموما وليس فى مجال الإنتاج الفنى فقط وأرجو أن تكون إدارة الشركة المتحدة واعية بهذا كأكبر كيان إنتاحى عليه أن يكون النموذج والمثل والقدوة .فتعطى كل ذى حق حقه وتمنع استمرار مثل هذه المهازل والإهانات لأبناء المهنة،ولتعبر عن إدراك حقيقى للإدارة السليمة للاقتصاد والتى لا تعتمد على أكل الحقوق فى مقابل الرضوخ التام لمطالب النجوم حتى ولو على حساب الميزانيات،ودون خوف من خسائر باهظة على المستوى المادى والإنسانى، ودون التغول على كل صاحب حق يطالب بحقه.