في ذكرى وفاته.. رأفت الهجان مشوار من الأزمات والمطبات
إيمان إبراهيم فهيمفي مثل هذا اليوم رحل عن عالمنا رفعت علي سليمان الجمال، الشهير برأفت الهجان، ذلك المواطن المصري الذي تغيرت حياته بفعل القدر من ممثل وفنان، ليصبح أحد أشهر الأبطال المصريين، وفخر المخابرات المصرية، التي لا يزال الفن المصري يتغنى بها حتى الآن.
"يونيو 1956".. هو التاريخ الذي تغيرت فيه حياة رفعت الجمال تمامًا، عندما أرسلته المخابرات المصرية في إطار خطة منظمة للاندماج في المجتمع الإسرائيلي، والتحري عن أفراده، وتمكن رفعت بالفعل من إقامة مصالح تجارية واسعة و ناجحة في تل أبيب، بعدما أصبح شخصية بارزة في المجتمع، لكن رحلة حياة رفعت إسماعيل فيما قبل تاريخ "1956"، لم تكن أقل إثارة أو تقلب عن هذا التاريخ.
وفي ذكرى وفاته.. يعرض "محطة مصر" لمحات من حياة رفعت الجمال المواطن المصري، قبل تحوله لرأفت الهجان الجاسوس المخابراتي الأهم..
- بالرغم من رفض عائلته العريقة للتمثيل، فضل رفعت أن يتبع شغفه وعشقه الأهم في شبابه وقرر دخول مجال الفن من خلال تعاونه مع الممثل الكبير بشارة واكيم، الذي مثل معه 3 أفلام سينمائية منها "أحبك أنت، عنبر والقصر الكبير"، لكن فكرة التمثيل ذهبت من نفسه تمامًا بعدما انكسر قلبه على يد فنانة استعراضية أحبها ولم تكتمل قصتهما، ليقرر بعدها ترك الفن والبحث عن عمل آخر.
-اتهم بالاختلاس، بعدما عمل كمحاسب لأكثر من عام في شركة بترول أجنبية بالبحر الأحمر، ومع وجود ضغائن من زملائه اتهمه مدير فرع القاهرة باختلاس أموال من الشركة، لكن كشف رفعت بعد ذلك في مذكراته كيف كانت هذه التهمة ملفقة لا أساس لها من الصحة، وأنها كانت بهدف تشويه سمعته والتخلص منه.
- انتقل للعمل كمحاسب على متن سفينة "حورس" للنقل، وغادر على متنها مصر للمرة الأولى متجهًا لليفربول ببريطانيا، وكانت هذه الرحلة هي بداية لمسيرة حافلة بالرحلات خارج مصر، سافر بعدها للولايات المتحدة الأمريكية لكن بلا تأشيرة سفر، مما دفعه ليكون هارب أغلب الوقت من مطاردات إدارة الهجرة.
- انتقل رفعت لألمانيا التي ضاع فيها جواز سفره، ليبدأ رحلة طويلة لاقتناع القنصلية المصرية باستخراج وثيقة سفر له، لكن أمام رفض القنصل تم ترحيله لمصر مرة أخرى، ليعود هذه المرة بلا وظيفة أو وثيقة سفر وحاملًا معه تقرير سئ عما حدث في ألمانيا، ليتملك الإحباط من رفعت بعدها مما أدخله في حالة اكتئاب شديدة.
- اضطرته ظروفه السيئة إلى دخول عالم التزوير، إذ تسبب ترحيله من ألمانيا وسجل سفره السيئ وبطالته، لاستمرار بحثه عن وظيفة لمده طويلة، انتهت بإيجاد وظيفة مناسبة في شركة قناة السويس، وأمام حاجة الوظيفة لوثائق تثبت حسن السير والسلوك، و هو ما افتقر إليه رفعت بالتحديد، فاضطر لدخول عالم التزير منتحلا شخصية غير حقيقية لمواطن باسم "على مصطفي"، ليتمكن من الحصول على الوظيفة.
- مع حدوث ثورة 52 بدأت حقبة القلق البريطاني، اذ بدأ البريطانيون يشعرون بالخوف من دعم المصريين للضبط الأحرار، وأعقب ذلك حملات موسعة للتفتيش على هويات المصريين العاملين في الشركات المختلفة، ومنها شركة قناة السويس حيث كان يعمل رفعت، ما أشعره بالقلق الشديد ودفعه للحصول على جواز سفر جديد بشخصية مختلفة جديدة، وظل رفعت يتنقل من شخصية لأخرى .
- انتهت محاولات رفعت للتخفي بإلقاء القبض عليه أثناء محاولته السفر لليبيبا عام 1953، وتم ترحيله الى مصر ليبدأ البوليس المصري التحقيق معه كمواطن يهودي بسبب جواز السفر البريطاني المزورالذي كان يحمله في ذلك الوقت، وبعد التحقيق المطول معه اعترف رفعت للضابط المصري بحقيقته، وباندماجه بحكم سفره مع الجاليات اليهودية بصورة كبيرة، ليتفق معه الضابط بمنحه حياة جديدة وإسقاط تهم التزويرعنه، اذ وافق على العمل كمخبر لنقل معلومات عن تهريب الأموال بين تلك الطوائف.
- كانت أولى عمليات رفعت كمخبر، هي بالاندماج بين طائفة لتهريب الأموال خارج مصر، وقد دخلها رفعت على يد "ليفي سلامة"، و هوصديق تعرف عليه رفعت في السجن، وبعدما راقبت الطائفة رفعت لفترة تم تقديمه "لإيلي كوهين"، وهو شخص ذو مكانة مرموقة في هذه الطائفة، ومع تقرب رفعت منه تمكنت الشرطة المصرية من القبض على اعضاء هذه الطائفة.
- أنقذه القدر من السلطات الاسرائيلية، فمع استمرار تخفي رفعت و تقربه من كوهين تمكن من معرفة معلومات عن اشتراك كوهين في طائفة أخرى مسؤولة عن الأعمال التخريبية في مصر.
وبعدما قدم أكبر قدر من المعلومات عن هذه الطائفة للشرطة المصرية، ألقت القبض على 14 عضو من أعضائها، لكن تم إخلاء سبيل رفعت، بعدما فضلت السلطات المصرية إخفاء هويته ومعاملته كمتهم، كما تم إخلاء كوهين لعدم وجود ما يدينه، وفي نفس الوقت اندلعت شائعات حول إلقاء السلطات الإسرائيلية القبض على شخص آخر واتهامه بأنه المسؤول عن التخابر ضد هذه الطائفة، وتم الحكم عليه بالسجن 12 عامًا لينقذ القدر رفعت من حبل المشنقة.
لتبدأ بعدها رحلة رفعت في الجاسوية، بعدما وجدت فيه السلطات المصرية خير من يقوم بهذا الدور لخدمة وطنه بحرفية ووطنية شديدة .