”البلطجي”.. خارج عن القانون ودافع عن الجيوش قديما
محطة مصربمجرد أن يقع مصطلح "البلطجي" على اسماعنا، يربطه العقل البشري من تلقاء نفسه بعدد لا حصر له من الصفات السلبية والسيئة، وأبرز تلك الصفات يتمثل في الخروج عن القانون، ومضايقة المارة والاعتداء عليهم، إلا أن الكثيرين يجهلون المعني الحقيقي لكلمة بلطجي.
ويقف موقع محطة مصر على المعني الحقيقي وراء مصطلح البلطجي..
الأصل اللغوي لكلمة بلطجي
تنقسم كلمة "بلطجي" إلى شقين، يتمثل الأول في "البلطة" وهي أداة حادة استخدمت في تقطيع الأشجار، أما الشق الثاني من الكلمة وتعني "جي" هي أداة تعريف في اللغة التركية.
بلطجية بالجيوش العثمانية
شغلت فرق "البلطجية" قديما، دورا هاما بالجيوش العثمانية، ويعادل دورها دور فرق المشاة في جيوش اليوم، وتمثل دورها في سبق الجيش محتلا مقدمته، من أجل تمهيد الطريق أمام الجيش والتأكد من خلو الطريق من أية عقبات، مستخدمين البلط والفئوس لقطع الأشجار والدخول في الأدغال.
مكانة "البلطجي" بجيوش محمد علي
كما نقل محمد على العديد من قواعد وعادات الدولة العثمانية لمصر، قام في عام 1834 بنقل فرق "البلطجية" إليها، وكان يتم تدريب هذه الفرق في مدرسة "المهندسخانة"- مدرسة خاصة بالمهندسين العسكريين- تُدرس بها المواد الهندسية، وتقع بحي بولاق، ليتم بعدها تأسيس مدرسة " مستقلة بذاتها، "للبلطجة"، أسسها على غرار مدرسة المهندسين العسكريين بباريس، بداخل قصر ابنة الأمير إسماعيل باشا في بولاق، وافتتحها محمد على رسميا بنفسه.
البلطجية واللغمجية
شغل خريجي مدرسة البلطجة" عددا من المهن، حيث كان هدف محمد على من تلك المدرس، تخريج ضباطا للعمل في الخدمة بسلاح المدفعية أو ضباط مهندسي الأشغال العامة والمناجم أو مديرين لمصانع البارود وملح البارود، بجانب ضباط بلطجية درسوا علوم الأرض وقياس مساحتها، وضباط لأعمال أركان الحرب، وأساتذة فى علوم الرياضيات والطبيعة.
وضمت تلك المدارس نوعين من الطلاب الخرجين، وهم "اللغمجية" و"البلطجية"، وكان دور "اللغمجية" مختلفا، كون عملهم منصبا على زراعة الألغام.
3 دروس بمدرسة "البلطجة"
حسب ما ورد فى مخطوط حربى باسم "النخبة الجلية فى تعليم البلطجية"، كان من تأليف الأستاذ أحمد أفندى العلمى، والذي يرجع تاريخة لعام 1861، وقسمها إلى ستة عشر درسا، كان أول درس بها خاص بتشغيل مهمات الحصار، في حين تناول الدرس الثاني باسم القطع البسيط، وهو خاص بحفر الخنادق، والدرس الثالث، فكان يختص بإقامة أبنية من الخشب ملتصقة ببعضها البعض لحماية الجنود من القنابل والرصاص.
أما باقي دروس تعليم البلطجية فكانت تتعلق بعمل المناورات الخاصة بالجيش والتغلب على السدود والعوائق، بالإضافة إلى كيفية تشغيل الفرسان لمحاصرة القلاع، وقد قدم المخطوط أكثر من حوالي سبعين رسما مختلفا لمهمات الحصار والهجوم على القلاع والحصون والعتاد الحربي.
البلطجية درع التمريض المصري
مع ترحيب محمد على تعليم الفتيات في مصر وافتتاح مدارس خاصة بهن، في بدايات القرن التاسع عشر، خاصة عندما أنشأ محمد علي أول مدرسة لتعليم التمريض، فكان مشهد الطالبات الذاهبات إلى المدرسة بالزى الأبيض الموحد، كاشفات عن وجوههن، جديدا على المصريين، وهو ماحرض العامة على معاكستهن أثناء مرورهن فى الشوارع.
أثار الهرج الحادث بالشارع المصري، غضب محمد علي، فأمر على الفور بتخصيص بلطجية من الجيش لحماية الطالبات من المعاكسات والمضايقات والفضول، وكان كل بلطجى يتقدم طالبة ساحباً الدابة التى تمتطيها إلى المدرسة، وأدى هذا الأمر إلى ضبط سلوك الشارع المصرى وهدوئه، وتشجيع الفتيات على الاستمرار فى التعليم، وتحفيز غيرهن على الألتحاق بالمدرسة.