قبل التوصل إلى اتفاق ملزم
مخاطر كبيرة تنتظر مصر والسودان حال ملء سد النهضة للمرة الثانية
تقرير يكتبه: حمدي كامل
بعد إعلان إثيوبيا، أن عملية الملء الثاني لسد النهضة ستتم في موعدها، بموسم الأمطار الشهر القادم، هناك مخاطر كبيرة ستقع على دولتي المصب مصر والسودان والآثار التي تترتب على الملء الثاني للسد قبل التوصل إلى اتفاق ملزم بين الأطراف الثلاثة.
وحذر خبراء في السدود والقانون الدولي من مخاطر كارثية قد تنتج عن تشغيل سد النهضة الإثيوبي، وتأثيره السلبي على دولتي المصب (مصر والسودان) والإضرار بأمنهما المائي.
اقرأ أيضاً
- الداودي يتفقد مراحل إنشاء المكتبة الإقليمية بقنا | صور
- محافظ قنا يتابع توريد محصول القمح بصوامع المحافظة | صور
- حملة لضبط المخالفين في الأقصر
- مدرب المحلة ينفي تصريحه بوجود ضربة جزاء للأهلي خلال مباراة الفريقين
- أحمد كريمة يوضح حكم تذوق الطعام أثناء الصيام | فيديو
- ارتفاع أعداد متعافي كورونا بقنا إلى 309 مواطن
- 6 ملفات تتصدر المشاورات السياسية بين مصر وتركيا.. ملف الأخوان الأبرز
- الأمن العام يسدل الستار على قضية مقتل فرد أمن في مصنع بمايو
- الحلقة الثامنة من مسلسل كوفيد 25.. تطور أعراض الفيروس ووصولها للعمى
- وزارة الدفاع الأمريكية تتعقب الصاروخ الصيني وتكشف موعد سقوطه
- ضبط تجار عملة بتعاملات 2.6 مليون جنيه
- ضبط 175 طن أغذية وأسماك مملحة فاسدة بالمحافظات
وقال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، أن هناك عدة مخاطر على دولتي المصب تتمحور في إنتاج السد لطاقة كهربائية تفوق استخدامات إثيوبيا، فإذا توقفت إثيوبيا عن توليد الكهرباء ستضطر إلى إغلاق فتحات المياه، وبالتالي ستصل كميات قليلة فقط إلى مصر والسودان وإصابتهما بشحٍ مائي.
وأضاف إن التعنت الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة نتيجة لرغبتها في التحكم في مياه النيل الأزرق، مستدلًا ببناءها 4 سدود في النهر المشترك مع كينيا وحرمانها من المياه وكذلك الصومال.
اقرأ أيضاً | 4 رسائل قوية من السيسي للمبعوث الأمريكية بشأن سد النهضة
وأضاف أمّا عن مدى تأثير السد على الشح المائي والزراعة في مصر، كشف وزير الري الأسبق أن تلك النقطة أخذت جانبًا أكبر خلال المفاوضات مع إثيوبيا وهي المتعلقة بكيفية تشغيل وملء السد تحت الظروف المختلفة للنيل الأزرق، فسد النهضة يحتاج إلى 74 مليار متر مكعب من المياه لملؤه وبالتالي تنخفض الكمية التي تصل لمصر.
وأوضح أنه مع الوضع سالف الذكر، ستضطر مصر إلى التصرف من مخزون السد العالي لتوفير التزاماتها، وبالتالي تقل قدرته تمامًا خلال سنوات الجفاف.
ورأى علام أن مواقف إثيوبيا تباينت خلال المفاوضات من "لن ينقص كوب ماء من مصر" إلى تعنتها في المفاوضات وقرارها الأحادي ببدء ملء السد في يوليو المقبل.
مخاطر بناء السد
ومن ضمن مخاطر بناء السد، كشف أن طريقة بناء السد وبسعته الحالية يسبب ضررًا كبيرًا لمصر والسودان، ففي حالة حدوث فيضان عارم وعدم التعامل معه جيدًا قد يطيح بالسودان وأجزاء من مصر.
وأوضح وزير الري الأسبق أن السودان وقت التشييد كان يعلم بمخاطر السد، لكنه استخدم "السد" للضغط على مصر في بعض المصالح السياسية كقضية حلايب وشلاتين، وانحاز إلى إثيوبيا، لكن مع قيام الثورة السودانية، وصل السودانيون إلى قناعة أن بناء سد النهضة سيؤثر عليهم، مؤكدًا أن الحل الوحيد هو التفاوض السلمي الجاد بشأن سد النهضة.
اقرأ أيضاً | وزير الري: نواجه العديد من التحديات على رأسها سد النهضة
وقال الدكتور عبد الفتاح مطاوع الرئيس الأسبق لقطاع الموارد المائية بوزارة الري المصرية: "عندما وقعت مصر والسودان على اتفاق المبادئ مع إثيوبيا لم يكن لديهما أي مشكلة في أن تقوم إثيوبيا بتوليد الكهرباء بشرط أن يكون هناك إطار قانوني ملزم بعمليات الملء والتشغيل والإدارة، وبدأت أديس أبابا في تنفيذ الشق الأول من الاتفاق وهو البناء وتنكرت لباقي البنود".
وأضاف: "المشكلة الحالية الآن تكمن في تصريحات وزير المياه الإثيوبي الذي أعلن أن بلاده ستقوم بعملية الملء الثاني لسد النهضة في الصيف القادم سواء كان هناك اتفاق مع القاهرة والخرطوم أو لم يكن، وبالتالي هو يسقط من الاتفاق الموقع في 2015 الجزء الذي يعلم جيدا أنه سوف يضر بمصالح مصر والسودان، وما حدث العام الماضي في الملء الأول لا يمكن مقارنته بما هو قادم، حيث كان هناك فيضان وكميات كبيرة من المياه، ولم تكن هناك مشكلة خطيرة ومع ذلك تعرضت السودان لمخاطر في عملية توليد الكهرباء في سد الروصيرص، وتعرضت محطات مياه الشرب في الخرطوم لمشاكل نتيجة القرار الأحادي بعملية الملء الأول".
وأكد مطاوع أن عملية الملء الثاني للسد تحتاج إلى 13 ونصف مليار متر مكعب من المياه، فإذا ما تمت تلك الخطوة دون إخطار السودان الذي يقوم بتشغيل سدوده والتي هى بالقطع بعد سد النهضة، وهو يتعامل في التشغيل عن طريق البيانات اليومية التي تأتي من أعالي النيل الأزرق، فإذا ما انفردت إثيوبيا بالملء الثاني دون تنسيق مع السودان وإخطارها بالبيانات اليومية بعملية ملء سد النهضة ومعرفة نهاية فترة الملء حتى يستطيع السودان أخذ احتياطاته، ما لم يحدث هذا فستكون هناك مشكلة كبيرة وتعد بمثابة إعلان حالة حرب على السودان".
الدراسات البيئية
وتابع: أما الجزء الثاني من النتائج والذي يتعلق بإجراء الدراسات البيئية للسد، ولو تم الوصول إلى نهاية الملء الثاني، وأن تقدر المياه خلف السد بـ 18 ونصف مليار متر مكعب، فإذا حدثت أي مشكلة في سد النهضة، هذا يعني تدمير كامل للسدود السودانية، نحن الآن أمام مشكلة خطيرة جدا بالنسبة للسودان، وما لم يكن هناك حل واتفاق على قواعد الملء والتشغيل قبل يوليو القادم ستكون هناك مشكلة كبرى، لذا يجب على المجتمع الدولي والإقليمي حسم القضية مبكرا".
وأشار مطاوع إلى أنه لم تشعر مصر بأي مشاكل في الملء الأول للسد العام الماضي نظرا لوفرة الأمطار والفيضان، لكن المشكلة تكمن في سنوات الجفاف العالية، وهذا العام أيضا لن تشعر مصر بخطورة كبيرة، والسد العالي بإمكانه تعويض أي نقص حاليا، لذا فإن التأثير السلبي للسد على مصر لن يكون بدرجة تأثيره المباشر على السودان، ونسعى إلى عدم قيام أديس أبابا بالملء الثانى قبل التوصل إلى اتفاق ملزم تجنبا للمخاطر السلبية على كل من مصر والسودان".
وكشف محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري عن الموقف المائي للبلاد وخطة الوزارة لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد وعلى رأسها سد النهضة الإثيوبي.
اقرأ أيضاً | أزمة سد النهضة.. تحركات دولية وإقليمية لحل النزاع
وأكد الوزير أن "سد النهضة من أهم التحديات التي تواجه البلاد، في ظل اعتمادنا بنسبة 97 في المائة على مياه نهر النيل"، وتابع: "لم نصل حتى الآن إلى اتفاقات ملزمة بشأن ملء السد والتخزين".
وأضاف: "من التحديات، الزيادة السكانية، ونقص الموارد المائية، حيث نحتاج 114 مليار متر مكعب سنويا، ومتاح لدينا 60 مليار متر، ونعيد استخدام 20 مليار متر مكعب".
وقال إن مصر من أكثر بلاد العالم جفافاً، حيث تبلغ الفجوة المائية نقص ٩٠% من الموارد المتجددة، يتم التغلب عليها من خلال استيراد ٥٤% من المياه الافتراضية وإعادة استخدام ٤٢% من المياه المتجددة، كما تواجه مصر تحديات كبري فى مجال المياه، حيث أن ٩٧% من موارد المياه المتجددة تأتى من خارج الحدود، بالإضافة للإجراءات الأحادية التى يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص سد النهضة والتى تزيد من حجم التحديات التى تواجهها مصر فى مجال المياه.
التغيرات المناخية
وأوضح عبد العاطى أن التغيرات المناخية تؤثر سلباً على قطاع المياه نتيجة للتقلبات المناخية الحادة، وما ينتج عنها من تقليل القدرة على التنبؤ بكميات المياه والتأثير سلباً على جودة المياه، وما ينتج عن ذلك من تهديدات للتنمية المستدامة وتهديد لحق الإنسان فى الحصول على المياه.
وشدد أن مصر تُعد من أكثر دول العالم تأثراً بالتغيرات المناخية، نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر والتأثير غير المتوقع للتغيرات المناخية على منابع نهر النيل والعديد من الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الحرارة والبرودة والسيول، وهو ما يمس العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بالإضافة للتأثير على مجالات الموارد المائية والزراعة والأمن الغذائى والطاقة والصحة والمناطق الساحلية والبحيرات الشمالية، بالإضافة للمخاطر التى تواجهها نسبة ١٢ - ١٥ % من أراضى الدلتا الأكثر خصوبة نتيجة الارتفاع المتوقع لمنسوب سطح البحر، وتداخل المياه المالحة والذى يؤثر على جودة المياه الجوفية.
وأضاف أنه يتم تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا والاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا ومشروع مصرف المحسمة بالإضافة لإنشاء أكثر من ١٠٠ محطة خلط وسيط، كما تواصل أجهزة الوزارة إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لازالة التعديات على نهر النيل والترع والمصارف بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة، ومنع زراعات الأرز المخالفة بإعتباره من المحاصيل الشرهة لاستهلاك المياه، بالإضافة للعمل على زيادة الوعى المجتمعى بقضايا المياه والتغيرات المناخية.
اقرأ أيضاً | إثيوبيا: لا تراجع عن ملء سد النهضة في موعده
أما وزير الري السوداني ياسر عباس، أكد أن أزمة سد النهضة تحتاج إلى إرادة سياسية للوصول إلى اتفاق، مشيرا إلى أن السد يشكل تهديدا لنصف سكان بلاده.
قواعد استرشادية
وقال عباس إن إثيوبيا تريد قواعد استرشادية وليس اتفاقا، لافتا إلى أن المجتمع الدولي والإثيوبيين يعرفون تأثير هذا السد، وعندما نفذت إثيوبيا الملء الأول انخفض منسوب المياه.
وأضاف أن أي غياب للمعلومات يعوق تشغيل سد الروصيرص، موضحا أن تبادل البيانات مع إثيوبيا حول السد حق للسودان وليس منحة من إثيوبيا.
وأكد حرص السودان على التفاوض مع كل الأطراف للوصول إلى حلول يتفق عليها الجميع بعيدا عن سياسة التفاوض من أجل التفاوض فقط، معتبرا أن الدعوة للعودة إلى مفاوضات سد النهضة بنفس المنهج السابق شراء للزمن، كما لفت إلى أن السودان مصر على التفاوض باعتباره الوسيلة الوحيدة لإنهاء هذه الإشكالية.
بينما أعلنت إثيوبيا أن عملية الملء الثاني لسد النهضة ستتم في موعدها، مشيرة إلى أنها ستتم في موسم الأمطار المقبل.
وزعمت إثيوبيا عن استعدادها لتبادل المعلومات عن ملء السد مع مصر والسودان.
وشدد بيان لوزارة الري الإثيوبية على أهمية الإبرام الفوري للاتفاق على القواعد والمبادئ التوجيهية بشأن الملء الأول، وفقًا للمادة 5 أ من إعلان المبادئ، الذي وقعته الدول الثلاث في عام 2015 والذي سيوفر فرصة جيدة لبناء الثقة بين الأطراف.
ودعا وزير المياه والري والطاقة الأثيوبي الدكتور المهندس سيليشي بيكيلي رسميًا السودان ومصر لترشيح مشغلي السدود لتبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني لسد النهضة في موسم الأمطار القادمة في إثيوبيا.. كما دعا وزير شؤون المياه في إثيوبيا البلدين إلى ترشيح الأشخاص المحوريين/مشغلي السدود لتبادل البيانات بين البلدان الثلاثة فيما يتعلق بالملئ الثاني الذي سيستم ما بين يوليو وأغسطس 2021.