رحّلتهم ”حكومة السبعينات” فعادوا أكثر عددا.. ”الباعة الجائلون” أزمة لا تُحل
يارا وليدبحفنة من البضائع الرثة؛ ملاك غير شرعيين صاروا للأرصفة والشوارع والميادين، لا يهمهم أي شئ سوى التحايل لجلب الرزق؛ الباعة الجائلون صداع لا ينتهي في رأس الحكومات المتعاقبة، وأعدادهم كبرزخ آخذ في الاتساع يوما تلو الآخر.
ربما كانت حكومة حقبة السبعينات لديها الحل، ففي العام 1970 ولأول مرة في هذا التوقيت قامت الجهات المسئولة مع وصول عدد الباعة الجائلين في القاهرة إلى نصف مليون بائع؛ بإجراء أبحاث ودراسات للوقوف على الأسباب الحقيقية لزيادة عدد المهاجرين للقاهرة ولماذا يهاجرون، ومن أين يأتون، ومدى خطورة هذه الظاهرة وأثرها على العاصمة.
وبحسب ما نشرته جريدة أخبار اليوم في عددها الصادر بتاريخ 17 يناير من العام 1970، فقد كشفت الدراسات أن معظم الباعة الجائلين كانوا يعملون بالزراعة قبل رحيلهم إلى القاهرة، وبعضهم جاء مع والده أو شقيقه، وهدفهم الأول البحث عن عمل بعد أن ضاقت فرص العمل في القرى، كما أوضحت الدراسات أن أغلب الباعة جاءوا من محافظات المنوفية وسوهاج وقنا وأسوان بسبب ارتفاع الكثافة السكانية في هذه المحافظات، وقلة الملكية الزراعية وعدم توافر فرص عمل لهم هناك، واتخذ معظم هؤلاء الباعة من المناطق الشعبية مساكن لهم تتماثل مع بيئتهم الأصلية وانخفاض تكاليف المعيشة بها.
وفي حل سريع وعاجل، قامت محافظة القاهرة بترحيل الباعة الجائلين وخاصة من لا يحمل ترخيصا إلى محافظاتهم، ولم يفلح الأمر حيث عاد الباعة من جديد وازدادت أعدادهم، وخلصت الدراسات إلى مجموعة من المقترحات من شأنها أن تقف حائلا أمام هذا التيار الهائل من هجرة أبناء الريف إلى القاهرة.
وكانت أول هذه المقترحات أن يتم وقف تيار الهجرة من الريف بتخفيف عوامل الطرد البشري في الريف بسبب انخفاض الدخل وارتفاع نسبة البطالة، وذلك من خلال نشر الصناعات الريفية واستغلال خامات البيئة والطاقات المعطلة، فضلا عن عدم تركيز الصناعات الحديثة في العاصمة، وتحقيق عدالة توزيعها بين المحافظات، وكذلك إعادة توطين المهاجرين في مقارهم الأصلية أو في مناطق التعمير الجديدة.
ستعمل تلك المقترحات التي شاركت فيها عدة جهات منها؛ المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ومحافظة القاهرة، والاتحاد الاشتراكي بالعاصمة، ومديرية الأمن، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء؛ على وقف تيار الهجرة إلى القاهرة، ووضع حد لمشكلة الباعة الجائلين، فهل يضع المسؤولن في زماننا بعضها محل اعتبار؟