في الحلقة الـ17 من برنامج ”الإمام الطيب” .. الخلط بين الشريعة والفقه معوق ثاني في وجه التجديد
محطة مصرقال الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر،ان المعوق الثاني من معوقات حركة التجديد، هو عدم التفريق بين الشريعة الثابتة من كنصوص ألهية مثل القرأن الكريم أو نبوية مثل الأحاديث الشريفة، وبين الفقه الذي يمثل استنباط العلماء واجتهادتهم في هذه النصوص وإخراج الاحكام منها، رغم علمهم رضي الله عنهم أنها نصوص بشرية، ليست معصومة ولا هي من منزلة نصوص الشريعة، سواء من كان منها قطعي الثبوت ظني الدلالة، أو ما كان ظني الثبوت والدلالة، كما كانوا انفهسم لا يترددون في تغير فتاوهم أو مذاهبهم التي استقروا عليها إذا ما جد جديد في امور المسلسمن يتطلب تغيرا مع هذه الفتوى، حتى لا يصيب حرجا أو مشقة في الدين بعدما من الله عليهم، وحتى لا يتحمل الفقهاء مسئولية هذا الضرر أمام الله تعالى.
وأشارالشيخ الطيب من خلال برنامجه الموسمي "للإمام الطيب" في رمضان 2021، والذي يعرض على أكثر من قناة، مثل القناة الأولى وقناة الحياة في تمام السادسة إلا عشر دقائق، ويعرض البرنامج عن وسطية الإسلام ومنهجيته، كما يصحح الصورة الخاطئة ولخلط الوارد في معظم التفسيرات الخاصة بالاسلام المعتدل، إلى أن الخلط بينهم يؤدي لا محالة إلى تقديس الفكر الإنساني، ويأتي ذلك من جواز إطلاق وصف الشريعة على الله سبحانه وتعالى، في حين استحالة إطلاق وصف الفقه عليه جل علاه، فيقال الله هو الشارع لهذه الأحكام، ويستحيل أن يقال الله فقيه.
وفسر الطيب أن تلك الاستنباطات التي تركها العلماء على مدى 15 قرنا للمسلمين، تسمى اليوم بالتراث، وتراث المسلمين جميعا عام، ثم يتخصص فيقال التراث الفقهي أو التراث اللغوي، أو التراث الأدبي أو غير ذلك، وتابع أنه لا ينبغي بل لا يصح أن يفهم من التركيز على التفرقة بين الشريعة وبين التراث الذي نشأ حولها، أن ندير ظهورنا للتراث الفقهي أو غيره، أو نقلل من أقدار الفقهاء العظماء الذي لا يزالون حتى يومنا هذا محل تقدير واحترام واعزاز بأروقة الجامعات الأوروبية والروسية واليابانية التي تقدر العلماء وتعرف حقهم ومكانتهم.
واشار الطيب،الى ضرورة التفريق بين الشريعة من جانب والفقه من جانب أخر، ولا نقصد أن نستبدل به عناصر غريبة مختلفة عنه تناقض طبيعته وتختلف معه منطلقا وغاية، ولكن كل ما نقصد إليه هو ما قصده أسلافنا العظام حين نظروا إلى هذا التراث في حقيقته كنتاج ثقافي وعلمي هائل قام بدوره المطلوب في بناء حضارة المسلمين ونشرها فب الشرق والغرب، دون النظر إليه أبدا من منظور التراث المعصوم عن الأخطاء أو التبديل أو التغيير.
ليكون التراث بذلك كما أنه ليس مقبولا كله اليوم، فأنه ليس مرفوضا كله اليوم، كما يرى المتهورون مما لا معرفة لهم بقيمة هذا التراث وشموخ منزلته في الخافقين، وقد يكون التراث ليس قادرا على مواجهة جميع مشكلات العصر، لكنه أيضا ليس كله بعاجز عن التعامل معها، ومن هنا كان تركيز أسلافنا على الحركة المتجددة التي هي خاصة هذا التراث، و التي تتطلب إلغاء عناص وإبقاء عناصر أخرى واستدعاء عناصر أخرى من خارجه حسب حاجة الأمة ومتطلباتها، ليظل هذا التراث مؤثرا فيما حوله.
والتجديد الدائم في التراث هو المنوط به في بقاء الإسلام دينا حيا متجددا ينشر العدل والرحمة والمساواة بين الناس، وبذلك يشبه التجديد النهر الدافق الذي لا يكف عن السريان ويصبح حيا متدفقا، وأن لم يحدث ذلك يكون مائه راكضا غير حيا.
والذين يظنون الأحكام من تراث قرون ماضية يسئون من حيث يدرون أو لا يدرون لطبيعة هذا التراث العظيم، في قدرته لمواكبة الواقع المتجدد عبر 15 قرنا، وهو ما لم يعرف بها أي تراث أخر من قبل.
وأوضح الإمام الطيب أن الخلط بين الفقه والشريعة ادى إلى الوقوع في التقليد وإتخاذ منهجا ثابتا للبحث عن حلولا لمشاكلنا المعاصرة، وقد استبدت هذها الأفة في مسرح فنون الثقافة الإسلامية وفي كثير من تجلياتها، وما زلنا نبحث في بحوث العلماء مع اجابات تناسب اسئلة في القرن الواحد والعشرين.