تهنئة المسيحيين.. رغم أنف المنغلقين
بقلم: بهجت العبيدي
هالني كم الهجوم الوقح على مولانا شيخ الأزهر الشريف الشيخ الدكتور أحمد الطيب، بعد فتواه، العام الماضي، بجواز تهنئة الأخوة المسيحيين في أعيادهم، فكم كان الهجوم قويا وشرسا، وكم كانت دهشتني ممن صدر عنهم هذا الهجوم، حيث تنوعت فئات المجتمع التي شاركت فيه، وحيث ادعى كل منهم علما بالدين، ولقد انبريت دفاعا عن الرجل في الكثير من المواضع، فكان الهجوم يطالني، بل الشتم والسب والقذف، هذا الذي جعلني أتساءل عن طبيعة مجتمعاتنا الإسلامية، وهل مهيئة لقبول الآخر؟ أم علينا أن نسير الطريق الوعرة من أولها ونعترف أن المجتمع لم يخط في هذا الاتجاه خطوة واحدة بعد؟!.
إن مولانا شيخ الأزهر الشريف وهو من هو من حيث العلم والتخصص والوعي لم ينج من الهجوم والتطاول لأنه أطلق فتوى تتفق مع العقل وبكل تأكيد لها ما يسندها من الشرع، لا لشيء، سوى لأن هذه الفتوى نزلت على قلب مغلق وعقل خاو، لا، حاشا لله، بل عقل قد تم تركيبه بحيث لا يقبل غير ما تم حشوه فيه حشوا، ولم يعد، لضيقه، يستطيع أن يتقبل ما ليس من مقاسه من اجتهاد حتى لو كان هذا الاجتهاد من رأس أعلى مؤسسة إسلامية في العالم.
اقرأ أيضاً
- ضبط 13 ألف شخص لعدم الالتزام بارتداء الكمامات الواقية
- 24 معلومة ترصد مستجدات تطوير قرى الريف المصري
- وفاء مكي تستغيث بأصدقائها: «الحقوني أنا بموت»
- تعرف على الحالة المرورية في الطرق الصحراوية والقاهرة والجيزة
- وزارة التجارة: 683ر1 مليار دولار قيمة صادرات مصر لدول الكوميسا في 2019
- الحلقة 16 من مسلسل الاختيار 2..إصابة يوسف ونصب كمين لأبو عبيدة
- أسعار الريال السعودي في مصر اليوم الخميس 29-4-2021
- أسعار العملات الأجنبية في البنك الأهلي المصري اليوم الخميس
- أسعار الدولار في مصر اليوم الخميس
- كارتيرون يًعلن قائمة الزمالك استعدادًا لمواجهة المقاولون العرب
- رئيس هيئة الأركان العامة السعودي يستقبل قائد القوات البحرية المصرية بالرياض
- ضبط 165كيلو اسماك مملحة فاسدة في الأقصر
يقول أبو الوليد بن رشد أحد أعظم الفلاسفة المسلمين، وأحد أعظم الفلاسفة على مر التاريخ، أنه لا يمكن للنقل أن يتعارض مع العقل، وإن بدا ذلك، فمرجعه، في كلمة واحدة، إلى خلل في فهم النص، فالرجل ثقته في العقل مطلقة، كما إيمانه في النص الصحيح، الذي لم يتدخل فيه راو، ولم يبدل فيه مفتئت على الدين، مطلق كذلك.
وليس هناك عقل ولا عاقل يمنع أن تقوم فئة تنتمي لعقيدة ما بتهنئة فئة أخرى تنتمي لعقيدة لمغايرة بمناسبة عيد من أعيادها، أو بمناسبة حلول مناسبة من مناسباتها الدينية، في ذات الوقت الذي يسمح لهذه الفئة بالتعايش مع الأخرى، بل أكثر من ذلك، بالزواج منها، وتوفير السبل لها للإتيان بشعائرها، إنه التناقض في أبشع صوره، والتنطع، في أقبح معانيه.
ويظل لدي قناعة عميقة أن هناك من يحاول دوما إزكاء روح العداوة بين البشر على أسس مذهبية وعرقية، ويظل اليقين الأعظم لدي أن الدين يتم استخدامه ليصبح مُفَرِّقا بين الشعوب، بدلا من أن يكون جامعا لهم، فنجد هناك من يجعل من الدين الذي هو عبادة لله سبحانه وتعالى وسيلة وسببا للكره والبغضاء بين بني البشر، الذين خلقهم الله جميعا، الذي خلق الأديان وبعث الرسل.
ومن هنا فإن علينا جميعا واجبا مقدسا وهو العمل معا من أجل نشر الثقافة الدينية المتسامحة، تلك التي مثلت جانبا منها فتوى مولانا الإمام شيخ الجامع الأزهر، وكذلك فتوى مفتي الجمهورية الدكتور شوقي إبراهيم علام، وهؤلاء المشايخ الذين يذهبون في التسامح مذهبا واضحا، إن العمل على دعم هذه الفتاوى أحد وسائل نشر ثقافة التسامح والتعايش وقبول كل منا لأخيه المختلف معه في العقيدة، هذا الذي بكل تأكيد سوف ينعكس على المجتمع حبا وسلاما.
وفي المقابل فإن علينا محاصرة تلك الفتاوى الشاذة التي لا يقبلها عقل ولا يستسيغها فهم ولا يطمئن إليه قلب مهما حاول مطلقوها المنغلقون أن يصبغوها بفهمهم لآي الذكر الحكيم أو أحاديث الرسول الكريم، هذا الذي لا يختلف اثنان على علم ودراية مولانا الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر وأعلى مرجعية إسلامية في العالم، بهذه الآيات وتلك الأحاديث التي يستند عليها هؤلاء، وكذلك الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية.
وكل عام وأخوتنا الأقباط بخير بمناسبة عيد القيامة المجيد.