ملكات جمال الخمسينات..رحلة البحث عن الجوارب في مصر
دينا عادل محطة مصرجاءت إلى مصر، في عام 1956، ملكات جمال كل من بلجيكا وفرنسا وملكة أناقة باريس، وكعادة ملكات الجمال دائمًا يبحثن عن معالم الجمال ويعرفن أسراره وشروطه،فنزلت الثلاث ملكات يبحثن عن جوارب "نولي روز" و"سميراميس" في شوارع القاهرة، فالجميع كان يعرف أن جوارب "نولي روز" و"سميراميس" هي أفخم أنواع الجوارب الحريمي.
وكانت كل النساء يعرفن أن هذه الجوارب تزيد الساقين فتنة وجمالًا وسحرًا، وتجعل العيون تطلع إليها وتحسد صاحبة هاتين الساقين، فدخلت الملكات إلى أحد المحال وسألت صاحبها عن جوارب "نولي روز".
فوضع البائع أمامهن بسرعة البرق مجموعة متنوعة من هذه الجوارب بألوانها المختلفة، وعقدت الدهشة ألسنتهن عندما أخبرهم البائع أن هذه الجوارب صنعت هنا في مصر في مصنع يسمى "الشوربجي".
فقد كانت ملكات الجمال القادمات من أوروبا يعتقدن أن هذه الجوارب صنعت في فرنسا واستوردتها مصر لكي تبيعها لمن يبحثن عن الجمال، وبالفعل لم تصدق الملكات كلام البائع، واعتقدن أنه يقوم بعملية دعاية أمامهن من أجل مصر.
ولكن البائع صمم على رأيه، وأراد أن يثبت لهن صدق كلامه فاتصل بمصانع الشوربجي تليفونيًا، وأجاب عليه صاحب المصنع ورحب بزيارة الملكات للمصنع ليشهدن كيف تصنع هذه الجوارب الرائعة في مصنع مصري، ووافقت الملكات على الزيارة فورًا.
وعندما وصلت الملكات الثلاث لزيارة المصنع قالوا: "غير معقول ما سمعناه..غير معقول أن مصر وصلت في درجة تقدمها إلى صنع أشهر الجوارب في مصانعها"، ثم بدأوا جولتهن في المصنع.
وسرعان ما أصاب الملكات الثلاث الدهشة والإعجاب عندما رأوا المصنع الكبير الممتليء بالآلات الكبيرة الدقيقة ذات الضجيج العالي، ويدور حولها العمال والعاملات أتوماتيكيًا ببراعة فائقة وسط الخيوط "النايلون" الرفيعة التي تصنع منها هذه الجوارب.
وشرح لهن الأستاذ منير الشوربجي، صاحب مصانع الشوربجي، بداية صنع هذه الجوارب منذ اللحظة التي يكون فيها الجورب خيطًا رفيعًا أبيض تكون منه الآلات هيكل جورب، ثم يلف على باقي الآلات وأيادي العمال حتى يصبح جوربًا وينقل بعدها إلى قسم المراجعة الذي يراجع كل جورب بدقة، وإذا كان به عيب يتم إلغائه فورًا ولا يخرج من المصنع.
ولم تنته الجولة هنا، فقد دخلن الملكات الثلاث مصنع قمصان النوم النايلون وباقي الملابس الداخلية الحرير الفاخرة، ولم يردن الملكات الثلاث أن تفوتهن فرصة وجود المصورين المهتمين بهن، فطلبن من مدير المصنع أن تلبس كل منهن قميص نوم ليصورها المصورون بهذا القميص الذي تحلم به كل فتاة.
وفي نهاية الزيارة قالت الملكات الثلاث: "عجيب..عجيب..مدهش..أبدًا لم نكن نصدق هذا، ولكن بعد أن شاهدنا بأعيننا كل شيء لن نقول سوى آمنا وصدقنا، وقد استفدتم من هذه الزيارة أكبر دعاية لبلادكم من بلادنا".
فقد بدأت هذه الزيارة بالتحدي، وانتهت بالدهشة والإعجاب عندما شهدن بعيونهن كيف تدور الآلات الضخمة الكبيرة لتصنع أجود صنف في الجوارب الحريمي، بعد أن كانوا يعتقدون أن مصر لا تصنع هذه الجوارب.