إحياء التاريخ بالحجر والأزميل
صانع التماثيل الفرعونية.. أعماله أدهشت الأجانب وظنوها آثارا حقيقية
إيمان إبراهيم فهيم
بأنامل صنعت من ذهب و بإصرار استمده من أجداده الفراعنة عبر آلاف السنين يمسك بحجر بلا ملامح، ليحوله بلمسات من فنه وإبداعه إلى تحفة فنية تكاد تنطق، وتخطف الانظار بجمالها ودقة صنعها.. إنه الفنان بركات حمزة عبد الحكم، شاب مصري تربي على عشق الإبداع الفرعوني، الذي عاش في رحابهبمسقط رأسه في مدينة الاقصر، حيث معالم التاريخ المصري القديم، واستطاع أن يعيد تقديم ذلك الفن للعالم مرة أخرى، ليتواصل إبداع الأجدا عبر الأحفاد.
اقرأ أيضاً
الخطوات الأولى
في بيئة مليئة بالنحاتين في مقدمتهم والده وإخوته، ولد بركات، كطفل موهوب في الرسم، لكنه لم يقبل في البداية على فن النحت، واستمر الأمر لسنوات حتى أعاد بركات التعرف على عالم النحت الخلاب على يد أحد اصدقائه، الذي قدم له هذا العالم بطريقة جديدة، ليست طريقة الوراثة عن عائلته.
بدأ بركات بالتعرف التدريجي على عالم النحت بالعمل لسنة دون مقابل، حتى تدرجت خطواته ليكتب بركات ملامح إبداعه الخاص، بالتحول في غضون عدة سنوات من كاره للنحت إلى معلم له، في نفس المدرسة الفرنسية التي درس فيها النحت لعامين متتاليين.
تبحر بركات في النحت بأنواعه المختلفة، مابين النحت الهندسي، والإسلامي، والمعماري، لكن تركيزه الأكبرظل منصبا على نحت التماثيل ذات الطابع الفرعوني، لأنها الأكثرشعبية وطلبا في السوق كما يقول.
وعلى الرغم من نيته الواضحة في نحت تماثيل من حضارات أخرى إلا أن ذلك لم يثنه أبدا عن التعمق بصورة أكبر في التاريخ الفرعوني، قائلا: "الحضارة الفرعونية إبداعها ليس له نهاية.. وأنا لسه ماجيبتش آخرها".
صنايعي وفنان
وتتنوع معايير بركات في اختياره لشخصيات تماثيلة من ملوك وملكات الحضارة المصرية القديمة، فأحيانا يقع الاختيار على تماثيل بعينها بناءً على إعجابه بأشكالها ودقة تصاميمها الخلابة، وأحيانا أخرى قد يختارنحت تمثال لشخصية بعينها نتيجة لإعجابه بقصص وأعمال تلك الشخصية التاريخية.
ومع تعبير بركات عن إعجابه الخاص بكل شخصية فرعونية على حدة، إلا أنه ذكر كيف يظلأقربهم لنفسه هم تحتمس الثالث (الفرعون المحارب وأشهر ملوك الاسرة الثامنة عشر)، وحتشبسوت (التي تعتبر من اشهر الملكات اللاتي حكمن مصر).
"رمسيس ليه شغل، وأمنمحات ليه شغل" جملة تجمع تعبيرات صنايعي وفنان في الوقت ذاته، قالها بركات بفخر شديد، ليصف كيف تختلف تفاصيل التماثيل القديمة حسب نحاتها، والحقبة الفرعونية التي كان فيها هذا النحات، وكيف أنه كون بخبرة سنوات ذاكرة تفصيلية لما يميز طابع النحت في كل حقبة.
متحف خاص
أما عن رأي أصدقاء بركات من غير المصريين في منحوتاته الفرعونية، فيقول بركات أن إعجاب أصدقائه بأعماله يصل إلى حد أنهم يعتبرونها آثارا، قائلين: "ده مش شغلك، دي تماثيل أصلية" نتيجة لدقتها و براعة صنعها، ولعل عامل دقة الصنع تحديدا هو ما يحدد الفترة المخصصة للنحت من تمثال لأخر، ما بين أسبوع إلى ستة اشهر، وأحيانا قد تطول المدة لتصل لسنة كاملة كلما تمت صناعة التمثال بدقة أكبر، وبتفاصيل مشابهة للتمثال الأصلي.
وقد شارك بركات في العديد من المعارض منها "دافنشي" و"ايزيس" في الأقصر، كما شارك في العديد من المعارض الفنية الأخرى في الاسكندرية، ويرى بركات أن أعماله تستحق أن توضع في متحف خاص، وليس مجرد معرض مؤقت، وهو ما يدفع بركات للتركيز في الفترة القادمة على إنشاء متحفه الخاص، بما يتيح لأعمالهأن تكتسب شهرة وحياة تحكي عن صانعها لعشرات السنين، تماما كما فعل أجداده منذ آلاف السنين.