ميمي شكيب من حياة القصور وأضواء الشهرة و السينما الى قضية آداب ونهاية مأساوية غامضة
نيرمين حسين
من منا لا يعرف هذا الصوت المميز و الأداء المتقن و الضحكة الرنانة التي لاتخطئها أذن ، انها الفنانة ميمي شكيب ، محطات في حياتها و التي وصفت بالصاخبة و التي انتهت بشكل مأساوي و جريمة غامضة، لنتعرف على أهم تلك المحطات في حياة الفنانة الكبيرة
النشأة :
ولدت أمينة شكيب (ميمي شكيب) في ٢٥ ديسمبر ١٩١٣ لعائلة ثرية من أصول شركسية ،وكان والدها مأمورًا لقسم بوليس حلوان، أما والدتها فكانت سيدة آرستقراطية تتحدث عدة لغات و كان لأمينة شقيقة واحدة هي زينب أو الفنانة زوزو شكيب و التي كانت تكبر أمينة بأربع سنوات . تلقت أمينة تعليمها بمدرسة العائلة المقدسة و على الرغم من الحياة المرفهة التي عاشتها في بيت أبيها ،الا انها لم تكن سعيدة لكون والدها رجلا كثير التشدد فكان يحرم عليها وأختها الخروج من المنزل ، إلا من أجل الذهاب فقط الى المدرسة . و يرحل والدها عن الحياة و أمينة في الثانية عشر من عمرها . طالب اهل والدها بضمها و أختها ليتولوا مسئوليتهما ، فرفضت الأم التخلي عن بنتيها ، فتم حرمانهم من الميراث، فاضطرت الأم لمزاولة مهن مختلفة لتتمكن من الإنفاق على ابنتيها.
اقرأ أيضاً
زواج أمينة الأول :
بعد ذلك تزوجت أمينة من أحد الأثرياء وهو ابن شقيقة إسماعيل باشا صدقي رئيس الوزراء و كان يكبرها بنحو عشرين عامًا ،و ظنت أمينة بأن زواجها سيفتح لها الأبواب لتعيش حياة سعيدة بحرية و انطلاق لكن هذا لم يحدث فقد وجدت زوجها اكثر تزمتا من والدها ، فكان يمنعها عن الخروج نهائيا، بل و تزوج عليها من اخرى بعد ثلاثة أشهر فقط من زواجه منها ، وتركها في المنزل وحيدة ،حاملا في طفلها الأول ، لم تتحمل امينة الصدمة ، فأصيبت بحالة من الشلل المؤقت، ونُقلت لمنزل والدتها لترعاها و لتلقي العلاج وبعد شفائها و قبل ان تضع مولودها الاول طلبت الطلاق من زوجها و تم الانفصال .
بداية المشوار الفني :
بعد انفصال أمينة عن زوجها ، قررت أن تعيش حياتها بحرية و كما ترغب وفكرت في العمل بالفن فانضمت لجماعة أنصار التمثيل والسينما، ثم أسست فرقة تمثيلية خاصة بها، وعمل معها عدة فنانين مثل زكي رستم و أحمد علام ، وقدمت أول رواية لها من خلال الفرقة وهى "فيوليت"، إلا أن الفرقة لم يكتب لها الاستمرار ، فذهبت مع شقيقتها إلى نجيب الريحاني، فضمهما لفرقته .و كان انضمامها لفرقة الريحاني محطة فارقة في حياة ميمي شكيب ، فقد ظلت ميمي تعترف بأستاذية نجيب الريحاني وتأثيره عليها سواء في سنوات عملها الأولى أو بعد رحيله، حيث استمرت مسيرة الفرقة سنوات طويلة، فكانت تقول دائما إن الريحاني علمها كيف تنطق الكلمات وكيف تحفظ أدوارها وكيف تستطيع مواجهة الجمهور على خشبة المسرح ولولاه ما كانت تستطيع الوصول لما وصلت إليه .
أحاديث عن علاقات عاطفية عابرة بشخصيات معروفة و زواجها الثاني :
وبحكم عملها في الفن و شهرتها أثير عن ميمي شكيب الكثير فالبعض تحدث عن انها قد دخلت في أكثر من علاقة عاطفية منهم أحمد حسنين باشا ،رئيس الديوان الملكي، و لما علمت الملكة نازلي بذلك الأمر، طلبت من الريحاني طرد ميمي شكيب من الفرقة ، فقطعت ميمي شكيب علاقتها بحسنين باشا ، بعدها ارتبطت عاطفيًا بالاقتصادي الكبير أحمد عبود باشا الذي أغدق عليها الهدايا، و أصبحت مغامراتها العاطفية حديثا متداولا في الصحف في ذلك الوقت ،الى ان تزوجت من رجل الأعمال "جمال عزت" ، و كان رجلا شديد الغيرة عليها ، فلم يستمر زواجهما كثيرا و تم الانفصال
زواجها من الفنان سراج منير :
و للفنانة ميمي شكيب بصمات واضحة في تاريخ السينما المصرية و نجاحات لا يختلف عليها اثنان ، وكان أول أفلامها ابن الشعب عام ١٩٣٤، و قد شاركها في التمثيل الفنان سراج منير ،و قبيل الانتهاء من الفيلم، طلب سراج منير من ميمي الزواج، فسعدت ميمي بطلبه لتصطدم برفض أسرتها، لرغبتهم في ان تعود ميمي لزوجها ووالد طفلها، فما كان الا الفراق و يجمع القدر بينهم مرة أخرى بعد ثلاث سنوات ، من خلال عملهما في فيلم "الحل الأخير"، و يطلب سراج منير الزواج منها مرة اخرى ، فوافقت أسرتها ورفضت اسرته ان يتزوج ابنهم من فنانة ، فلجأ سراج منير لصديقه نجيب الريحاني لكي يتدخل و يقنع أسرته بالموافقة على الزواج، وبعد سنوات، وافقت الأسرة، ليتم الزواج عام ١٩٤٢، و يستمر زواجهما ١٥ سنة في سعادة و وفاق ، و قدما معا العديد من الأفلام مثل : بيومي أفندي و نشالة هانم و دهب ،الى ان توفى سراج منير عام ١٩٥٧ إثر إصابته بأزمة قلبية، فقررت ميمي شكيب عدم الزواج من بعده .
أشهر أعمال و أدوار الفنانة الكبيرة :
حصر المخرجون الفنانة ميمي شكيب في تقديم نمط معين من الشخصيات من خلال افلامها السينمائية ألا و هي أدوار الشر مثل السيدة الارستقراطية الشريرة والحماة الغليظة او زوجة الأب القاسية ، لكن ميمي لم تستسلم لهذا النمط من الادوار فقدمت أدوارًا أخرى مثل دورها في فيلم "الحموات الفاتنات" و في ذلك الفيلم شكلت ميمي شكيب مع الفنانة ماري منيب دويتو كوميدي رائع ، و لا يمكن ان ننسى دورها في فيلم "دعاء الكروان" و هو "زنوبة المخدماتية" و قد حصلت الفنانة الكبيرة على جائزة أفضل ممثلة دور ثاني عن دورها في ذلك الفيلم . ومن أفلامها الرائعة التي لا زالت تعيش بوجداننا سي عمر و ليلى بنت مدارس و شاطىء الغرام و طريق الأمل ، الفتوة ، بين القصرين و العديد من الأفلام الأخرى .
القضية التي قلبت حياة الفنانة رأسا على عقب :
ظلت ميمي شكيب رغم تقدمها في السن تحافظ على نمط الحياة الصاخب ، كانت تقيم الحفلات يوميا في بيتها تدعو فيها الأثرياء من المصريين و العرب وكبار المسئولين و عدد من الفنانات الجميلات و في فبراير عام ١٩٧٤ تم القبض عليها، ومعها مجموعة من الفنانات الشابات ، بتهمة إدارة منزلها للأعمال المنافية للآداب، وهى القضية التي عرفت باسم " الرقيق الأبيض" أو " قضية الآداب الكبرى"، وحظيت باهتمام إعلامي غير مسبوق ، حتى انه كان يحضر جلسات المحاكمة عدد من المراسلين الأجانب، و الآلاف من المواطنين العاديين، حيث كانوا يحتشدون حول قاعة المحكمة، مما دفع القضاء إلى جعل الجلسات سرية ،ظلت ميمي شكيب محبوسة طوال فترة المحاكمة، وقيل أنها أصيبت بحالة من الصمم والبكم في السجن، وكانت تبكي طوال الوقت، مؤكدة أنها مظلومة، وأن القضية ملفقة، وبعد حوالي ٦ اشهر حبسا في سجن القناطر ، حصلت ميمي شكيب وباقي المتهمات على البراءة، لعدم ضبطهن في حالة تلبس .
النهاية المأساوية :
بعد الحكم ببرائتها، ظلت "ميمي شكيب" علي قيد الحياة ثمانية أعوام قاست خلالها الكثير ، فقد توقف صناع السينما والمسرح والتليفزيون عن الإستعانة بها إلا نادرًا، وفي أدوار شديدة الثانوية وكان آخر أفلامها السلخانة عام ١٩٨٢ وعندما تفاقم بؤسها اضطرت إلي طرق صندوق معاشات الأدباء والفنانين بوزارة الثقافة عام ١٩٧٥ لمساعدتها ماديًا، وفي لحظة منسية من السبعينيات، تم إيداعُها بإحدى المصحات النفسية لعدة أشهر،و في ٢٠ مايو ١٩٨٣ وعلى طريقة سعاد حسني، جاءت نهاية ميمي شكيب، حيث تم إلقائها من شرفة شقتها بوسط البلد ولم يعرف أحد مرتكب الجريمة ، وقيدت القضية ضد مجهول .