بـ كمان يبلغ 3.5مليون دولار.. موسيقي شهير يعزف متنكرا في مترو واشنطن
إيمان إبراهيم فهيمفي إحدى التجارب الاجتماعية التي أجرتها صحيفة " washington post" للتعرف على اختلاف الأذواق والانطباعات بين الناس ودور ذلك في ترتيبهم لأولوياتهم الحياتية، تعاونت الجريدة مع جوشوا بيل أحد أهم عازف الكمان في العالم، لقياس قدرة الناس على تكوين انطباع وترتيب أولوياتهم وفق هذا الانطباع العاجل.
إلا أن التجربة التي قام بها بيل كشفت بصورة كبيرة عن الحالة التي يغيب فيها عن الناس الإحساس بالفن من حولهم وتكوين انطباعات عنه، وبالتالي إعادة ترتيب أولوياتهم.
تمت التجربة عام 2007 بعدما أراد فيها بيل معرفة ما إذا كان الناس سيتعرفون على أحد أهم المواهب في عالم الكمان أم لا، وما إذا كان إعجابهم بموسيقاه من شأنه أن يؤثر على جدول أعمالهم المزدحم ويجبرهم على التوقف للاستماع لموهبة بيل.
وقرر النزول متنكرا، إذ ارتدى بيل قبعة بيسبول وقميص رمادي ليشبه رواد محطة المترو، وقد أمسك بالكمان وبدأ في عزف عدد من أهم المقطوعات العالمية في إحدى محطات مترو الإنفاق بواشنطن، إلا أن الناس لم تنجح في التعرف عليه.
كررر بيل التجربة نفسها عام 2014، إلا أنه هذه المرة عزف لوقت أطول حيث أستمر في عزف الكمان لمدة 45 دقيقة، قدم فيها 6 مقطوعات عالمية، لعدة موسيقيين عظماء منهم مقطوعات لـ"Bach"، إلا أن الغريب بالأمر هو مرور ما يزيد عن 1000 شخص أمام بيل لم يتوقف منهم سوى 7 أشخاص فقط للاستماع لموسيقاه.
فقد وقف أول المستمعين بعد 3 دقائق من بداية عزف بيل، بينما استغرق الأمر عدة دقائق أخرى حتى ألقت أحد المارين له دولار تقديرا لعزفة، إلا أن السمة الغالبة على رواد محطة المترو كانت عدم الاهتمام، حيث غالبا ما كان المارة يسرعون بالرحيل من أجل اللحاق بالقطار.
وكان جمهور بيل من الأطفال هم فقط من لاحظوا موسيقاه الرائعة، ووقفوا للاستماع وسط توجيهات من الآباء بالتحرك للحاق بالقطار، بينما جلس رجل للاستماع لموسيقاه لمدة ثلاث دقائق فقط قبل الانصراف.
كانت صدمة بيل الكبرى عندما لم يهتم أحد بالاستماع له سوى 7 أشخاص فقط بين المئات ممن ارتادوا محطة مترو الأنفاق، بينما القي 20 شخص أخر دولار لبيل تقديرا لعزفه الرائع، حتى تمكن بيل من جمع 35 دولار في نهاية العزف.
وللمفارقة فإن بيل ذو الكمان الذي يبلغ سعره 3.5 مليون دولار كان قبل القيام بهذه التجربة يقدم حفل في مدينة بوسطن الأمريكية، وصلت تكلفة تذكرة الحضور الواحدة إلى 100 دولار أمريكي.
كرر بيل نفس التجربة مرة أخرى عام 2017، و2019 إلا أنه لم يصل لنتيجة مختلفة، حتى خلص التجربة إلا أن بيل لم يتعرف عليه سوى عدد قليل فقط من الناس في كل مرة وهو الأمر الذي أكد على أن تكوين الانطباعات العاجلة لدى الناس، لا يمكن أن يكون سبب في تغيرهم لأولوياتهم بالتخلي عن أعمالهم، والوقوف للاستماع للموسيقى الشهير.
يذكر أن جوشوا بيل الذي كان طفل معجزة في عالم الكمان، يعتبر أحد أهم وأشهر عازفي الكمان العالميين، كما أنه يشغل منصب المدير الموسيقي لأكاديمية سانت مارتن البريطانية، وتنتشر مقطوعاته بالغة الفنية بين أوساط محبي الموسيقى، بل أيضا تصل أسعار تذاكر حفلاته إلى مبالغ طائلة.