عايدة.. الأوبرا الإيطالية التي تتحدث عن مصر الفرعونية
دينا عادل محطة مصرتعد أوبرا "عايدة" من أقرب الأوبرات الإيطالية إلى الشعب المصري، وتدور قصتها في مصر الفرعونية، حيث يقع قائد الجيش المصري "راداميس" في غرام الأميرة الحبشية "عايدة"، ويتم أسرها وتحاول الفرار من فرعون مصر الذي يكتشف خطتهما ويحكم على القائد "راداميس" بالدفن حيًا بتهمة الخيانة العظمى، وتنتهي الأوبرا باستسلامه في قبره، الذي تسبقه إليه حبيبته "عايدة".
قصة عمل الأوبرا:
اكتشف عالم الآثار الفرنسي "أوجست ماريتا" مخطوطات أوبرا عايدة على ورق البردي في وادي النيل، وكانت المخطوطة عبارة عن قصة من 4 صفحات وقام "أوجست ماريتا" بصياغة قصتها وكتابة نصها الغنائي.
وبعد ترجمتها تم تسليمها إلى الموسيقار الإيطالي "فيردي" في عام 1870 ليضع موسيقاها، وكان ذلك بأمر من الخديوي إسماعيل الذي كان مغرمًا بأعماله وأراد أن تتوج موسيقاه هذه الأوبرا العظيمة.
وبالفعل وضع "فيردي" الموسيقى لأوبرا عايدة مقابل 150 ألف فرنك من الذهب، وتم تصميم ديكور وملابس العمل في باريس بحوالي 250 ألف فرنك، وتم تصميم الإعلانات.
وكُتب على غلاف الأوبرا "هو عمل درامي موسيقي يتخلله حوار غنائي، وهي قطعة تياترية تشمل مناظر راقصة يتخللها أغاني موسيقية، متوزعة على 4 فصول تجسد الصراع بين الواجب والعاطفة، وتحكي عن قصة الحب التي تي نشأت بين الأميرة الحبشية "عايدة" و"راداميس" قائد الجيش المصري.
وورد في كتاب بعنوان "خطابات وذكريات شخصية" صدر في باريس عام 1904، أن "أوغست ماريتا" كتب رسالة إلى شقيقه إدوارد قبل افتتاح قناة السويس قال فيها: "تصور أنني كتبت أوبرا! إنها أوبرا كبيرة سيضع "فيردي" موسيقاها، نعم لا تضحك إنها الحقيقة"، وقد شعر إدوارد بالقلق عندما علم هذا الأمر.
افتتاح الأوبرا الخديوية:
أمر الخديوي إسماعيل ببناء دار الأوبرا في عام 1869 وكانت جاهزة في خلال 6 أشهر للاحتفال بافتتاح قناة السويس، وقام بتصميمها المهندسان الإيطاليان "أفوسكاني" و"روسي"، وتم بناء الدار بين حي الإسماعيلية والأزبكية، وتمت الاستعانة بمصورين ورسامين لتزيين الدار بصور كبار الفنانين.
وفي يوم 29 نوفمبر 1869، تم افتتاح مبنى الأوبرا بتكلفة 160 ألف جنيه، وكان يسع 850 متفرجًا، ليتم الاحتفال بافتتاح قناة السويس التي كانت إنجازًا هندسيًا نفخ الروح في التجارة والملاحة العالميتان، مع الاحتفال بافتتاح الأوبرا التي اعتبرها الخديوي الجوهرة على تاج القاهرة، وأراد لها أن تنافس العواصم الأوروبية وتحديدًا باريس.
وعلى خلاف الفكرة الشائعة، لم تعرض أوبرا "عايدة" في افتتاح دار الأوبرا كما كان مقرر لها بسبب تأخر وصول الديكور والملابس من باريس، وعرضت بدلًا منها أوبرا "ريجوليتو" الإيطالية.
أما "عايدة" فقد عرضت لأول مرة في القاهرة بدار الأوبرا الخديوية في 24 ديسمبر 1871، ولم يتمكن الموسيقار الإيطالي "فيردي" من حضور العرض، كما عرضت في أوروبا لأول مرة في فبراير عام 1872 على مسرح لاسكالا.
ويشير الكاتب والمؤرخ الفرنسي "روبير سوليه" في كتابه "مصر ولع فرنسي" إلى أن الكثيرين لم يتوقفوا عن إسناد أوبرا عايدة إلى مؤلفين شتى، ولكن مؤخرًا نسب هذا العمل رسميًا إلى "ماريتا" الذي ألفها وصمم ملابسها والديكور ووضع الخطوط العريضة لإخراج هذا العمل الفني.