هل ”الخصخصة” سيئة السمعة ؟
أميرة حسن محطة مصر
بعد أقل من إسبوع من صدور قرار الجمعية العامة لشركة الحديد والصلب التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية بوزارة قطاع الأعمال العام، بتصفية الشركة؛ بدأ الخبراء والمحللون في العودة للحديث عن تشريد العمالة وتأثير ذلك على معدلات البطالة والأهم من ذلك كله هو الحديث عن "الخصخصة"، وتوقعات حول الشركات التي تنتظر دورها في التصفية ومصيرها فضلا عن مصير العاملين بها، بالاضافة إلى تقديم أول طلب احاطة بمجلس النواب في دورته الجديدة يشير إلى التأثير المدمر للتصفية؛ الأمر الذي دعى إلى البحث حول الاجابة عن السؤال الأهم : هل "الخصخصة" سيئة السمعة؟
سؤال اختلف على اجابته الخبراء وحتى المحللين بمراكز الدراسات الاقتصادية ولكنهم اتفقوا على أن " الخصخصة" هو جزء من الحلول الاقتصادية لدعم خطة الحكومات الجريئة في دعم اقتصادياتها، وخلال السطور القادمة سنوضح متى تكون "الخصخصة" ضرورة لدعم اقتصاد الدولة.
اقرأ أيضاً
*الدواء المر
يؤكد مؤيدو الخصخصة أن الشركات الخاصة تهتم بتحقيق الأرباح وخفض التكاليف والعمل بكفاءة أكبر، بينما تغيب أمور الأرباح عن الشركات الحكومية خاصة أن المسؤولين عنها يتقاضون رواتب ثابتة لا ترتبط بالارباح أو تحمل الخسائر التي تتكبدهها الشركة، مما سينعكس بالطبع على استمرارها من عدمه، وهذا انطبق بالفعل على شركة الحديد والصلب، التي اعلنت ادارتها فشل محاولات اصلاحها إلى أن وصلت خسائر الشركة لحوالي 8.5 مليار جنيه ومن ثم اتخذت قرارا بتصفيتها، الأمر الذي يصفه الخبراء بجرأة القرارات في تنفيذ خطوات الاصلاح الاقتصادي.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن الخصخصة بشكل عام تسعى إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية عن موازنة الدولة، بالاضافة إلى تحسين أداء القطاعات ورفع مستوى الجودة وتطوير نظم المراقبة والحوكمة داخلها، والتوسع في حجم القطاع الخاص ومساهمته في نمو الاقتصاد الوطني، ومن هنا يمكننا أن نطرح مفهوم عام لـ"الخصخصة" وهو أنها عملية نقل الخدمات أو الممتلكات من القطاع إلى القطاع الخاص ويكون لهذا الإجراء عادة تأثير مباشر على الاقتصاد الحكومي وتحديدا ما يخص العوائد والإيرادات، وبلا شك فإن هذا التأثير سيكون في صالح أي حكومة رشيدة ذكية تتطلع إلى مستقبل زاهر.
فزاعة الاثار السلبية
ويشير الخبراء أنه من أهم سلبيات الخصخصة التي كانت تسبب فزاعة للحكومات السابقة ، هو الخوف من تعرض السوق للاحتكار إذا ما لم يتم وضع خطة محكمة للسيطرة عليه وتنظيم العمل بالسوق، فضلا عن تعرض الخدمات العامة كالصحة والنقل للخصخصة بدون ضوابط والتي تعتبر أحد اهم الأمور التي سببت تخوفات لدي الحكومات والتي وضعت الحكومة لها حلولا جذرية عن طريق البدء في تطبيق التأمين الصحي الشامل، الأمر الذي احبط فزاعة تعرض غير القادرين للمتاجرة بأرواحهم مقابل الأرباح.
عوائق في طريق الخصخصة
وأخيرا يمكن أن نعدد فوائد نظام "الخصخصة" الاقتصادي فيما يلي: تحسن الكفاءة ، وتغييب التبعية السياسية، بالاضافة إلى وجود المساهمين الأمر الذي يلعب دورا بارزا في الضغط على شركات القطاع الخاص لتقديم خدمات أكثر كفاءة والعمل على تطويرها، بينما يفقد القائمون على الشركات الحكومية هذه الميزة، ويشير الخبراء إلى ضرورة الاخذ في الاعتبار الحفاظ على المصلحة العامة، وشفافية الخصخصة، ودعم التنافسية السوقية.
ويؤكد الخبراء إن نجاح برامج الخصخصة يعتمد على وضوح الأهداف، التي تريد الدولة تحقيقها من تحويل عدد من مؤسساتها العامة إلى القطاع الخاص، فعلى سبيل المثال: إذا كانت الدولة تعاني من ظروف اقتصادية صعبة وترغب في زيادة إيراداتها، فقد تبدأ بتخصيص المؤسسات الكبيرة والرابحة؛ أما إذا كانت ترغب في زيادة كفاءة الأداء واستخدام التقنيات الحديثة، فإنها تعمل على إدارة هذه المؤسسات من خلال شراكة مؤسسات أجنبية، ولكن إذا كانت ترغب في تحسين مستوى الدخل فإنها سوف تحول المؤسسة العامة إلى القطاع الخاص، وأن اهم المعوقات التي يمكن أن تشوب تحقيق هذا النظام هو انتشار الفساد وإذا ما تمت السيطرة عليه.