الإثنين 25 نوفمبر 2024
محطة مصر

    مقالات

    د.محمود محي الدين يكتب :2022: بدايات مرجوة ونهايات مأمولة

    محطة مصر

    مع اقتراب بداية كل عام تبدأ لعبة التوقعات والتنبؤ بما سيحدث، والعام المقبل ليس استثناءً. وفي مجالات الاقتصاد والسياسة والشأن العام دأبت مراكز أبحاث ومؤسسات إعلام عالمية على استعراض قدراتها على حصر موضوعات تعتبرها ذات أولوية فتستشرف احتمالات حدوثها وما ينبغي عمله حيالها. وتتباين درجة ثقة أصحاب التوقعات بتوقعاتهم عما سيحدث ودفاعهم عنها وفقاً لمدى اقتناعهم باستيعابهم لما حدث فعلاً في الماضي، فتجد أكثرهم إفراطاً في الثقة بتوقعاتهم عن المستقبل هم أكثرهم توهماً بفهمهم الكامل لأحداث الماضي. فنحن في عالم تكثر فيه البيانات وتندر فيه المعلومات المدققة وتُحتكر فيه المعرفة وتكاد تغيب عنه الحكمة في استخدامها.

     

    ويلخص مدى جدية التوقعات المستقبلية عبارة لا تخلو من سخرية مضمونها، أن «التوقع أمر في غاية الصعوبة، خاصة إذا ما كان عن المستقبل»! وهي عبارة منسوبة لكثيرين، منهم العالم الدنماركي نيلز بوهر، الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عن صياغته نماذج فهم البنية الذرية وإسهاماته في علم ميكانيكا الكم. وقد بنى على هذا الرأي عالم فيزياء آخر من أصحاب جائزة نوبل أيضاً وهو دينيس جابور البريطاني المجري مخترع التصوير الثلاثي الأبعاد، فله مقولة مفادها أن «المستقبل لا يمكن توقعه، لكن يمكن اختراع أكثر من مستقبل؛ فقدرة الإنسان على الاختراع هي ما طورت المجتمعات الإنسانية إلى ما هي عليه». وبمثل ذلك قال المخترع الأميركي الشهير ستيف جوبز، الذي طور أجهزة الكومبيوتر الشخصي وكان وراء اختراعات أجهزة التليفون المحمول الذكي - آيفون - وغيره من أجهزة أحدثت نقلة في حياة البشر.

     

    على أي حال، تستمر لعبة التوقعات التي تزداد صعوبة، والصعوبة هنا ليست في أن تصادف التوقعات الواقع الذي تتنبأ به فحسب، ولكن في حصر ما هو جدير بالتوقع والتتبع من حيث الأولوية في ظل ظروف اللايقين التي تكتنف عالم ما بعد الجائحة.

     

    وتيسيراً للأمر؛ فلنلق نظرة على ما تكرر من إشارة إلى اتجاهات عامة مؤثرة في عالم ما بعد الجائحة اعتباراً من العام المقبل - 2022 - الذي ستغلب عليه جهود التكيف والتعايش مع خصائص الواقع الجديد، بعدما كانت سنة 2021، التي تلملم ما تبقى من ساعاتها، مسيطرة عليها إجراءات التصدي الصحية والمالية للجائحة وتداعياتها.

     

    ومع كثرة بيوت الخبرة والمراكز التي تصنف الفرص والمخاطر، إلا أن كاتب هذه السطور يعطي وزناً وتفضيلاً لما يصدر عن مؤسسات التأمين؛ لأن الكبريات منها لا تكتفي بقدراتها البحثية الداخلية، ولكنها تستعين بخبرات متنوعة من خارجها تعينها على تحديد سياساتها. وهي تحتفظ بسجلات مستمرة التحديث عن حسابات المخاطر وتغيراتها وما أصابها من خطأ في التقدير. وأهميتها تأتي من أنها لا تتوقف عند مجرد سرد المخاطر، ولكنها تقوم بتسعيرها من خلال خدمات التأمين عبر دول وقطاعات وأنشطة متباينة. وفي تقرير حديث لمؤسسة «أكسا» للتأمين، بالتعاون مع مجموعة «يوراسيا» التي يرأسها محلل السياسة الدولية المعروف إيان بريمر، تم تقسيم العالم إلى أربعة أجزاء لأغراض التحليل: أوروبا، والأميركتان، وأفريقيا، والشرق الأوسط وآسيا. ووفقاً لاستمارة استقصاء رأي تم سؤال 3600 خبير مختص في المخاطر وإدارتها لاختيار خمسة مخاطر وفقاً لأولويتها من قائمة تضم 25 سؤالاً، وبالإضافة لهؤلاء الخبراء الذين يعيشون في 60 دولة حول العالم تم سؤال عينة من 20 ألف شخص من 15 دولة، وجاءت المخاطر الخمسة الأولى على هذا الترتيب:

    1 - تغيرات المناخ
    2 - أمن المعلومات أو الأمن السيبراني
    3 - الجوائح والأمراض المعدية
    4 - المخاطر الجيوسياسية

    5 - مخاطر التذمر الاجتماعي ونشوب صراعات داخلية.


    ويلاحظ أن هذا الترتيب العالمي للمخاطر من وجهة نظر الخبراء قد اختلف بشأن ما يشغل المرتبة الأولى باختلاف الأقاليم الجغرافية، حيث ظلت تغيرات المناخ في المرتبة الأولى للمجموعة الأوروبية، بينما شغلت مخاطر الأمن السيبراني المرتبة الأولى في حالة الأميركتين، ثم جاءت الجوائح في المرتبة الثالثة للمجموعتين. وهذا يُفسر بأن أوروبا وأميركا كانتا قد قطعتا شوطاً جيداً في التعامل مع الجائحة، التي احتلت المرتبة الأولى لهما في عام 2020. كان أن هذا المسح قد أُعلنت نتائجه قبل انتشار متحور «أوميكرون»، وفي حين ظلت الجائحة شاغلاً يومياً للأفراد محل البحث، إلا أن الخبراء ينزعون إلى النظر للأبعاد الأطول مدى، فحظيت بذلك تغيرات المناخ وأمن المعلومات بالسبق في التصنيف.

     

    أما بالنسبة لمجموعة الدول الآسيوية والشرق الأوسط، فكان ترتيب المخاطر فيها على النحو التالي:
    1 - الجوائح والأمراض المعدية
    2 - أمن المعلومات أو الأمن السيبراني
    3 - تغيرات المناخ
    4 - الاستقرار المالي
    5 - المخاطر الجيوسياسية

     

    وقد اشتركت أفريقيا مع هذه المجموعة في الترتيب للمخاطر الأولى والثانية، فبدأت بالجوائح والمخاطر الصحية وثنتها بمخاطر أمن المعلومات، ولكنها جعلت المخاطر الجيوسياسية في المرتبة الثالثة قبل تغيرات المناخ التي جاءت رابعة في الترتيب، ثم جاءت في المرتبة الخامسة مشكلات الأمن الجديدة والإرهاب، وتبعها مباشرة مخاطر الاستقرار المالي، بما في ذلك الديون.

     

     

    من الملاحظ تنامي الاهتمام حول العالم بالمعلومات وأمنها، فهي إما تحتل مرتبة الخطر الأول كما في الأميركتين أو الثاني في سائر الأقاليم الأخرى؛ فقد كان للجائحة أثر معجل لدور شبكة المعلومات والتحول الرقمي مع تزايد وتكرار الإغلاق الكلي والجزئي للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية. وقد أشار جيف ديجاردان، مؤسس شركة «فيجوال كابيتاليست»، في كتاب جديد بعنوان «إشارات»، إلى تعدد مصادر تهديد أمن المعلومات بين ما تقوم به جهات تابعة لحكومات أو عصابات أو أفراد منتظمو الهجوم على المواقع أو حالات عشوائية منفردة أو من تحركهم دوافع مالية أو أمنية أو لإحداث فوضى. وأن الأكثر تهديداً من الشركات هو ما يعمل منها في مجالات الخدمات المالية والبيع بالتجزئة ثم النقل والإعلام، بخسائر في الإيرادات وثقة المتعاملين والتعرض لانخفاض حاد في أسعار الأسهم. وإن كان الأكبر تأثيراً وخطورة على الأمن وسلامة المجتمع هو ما يوجه للمرافق العامة وشبكات الطاقة.

     

     

    ومع زيادة الاستخدام لشبكات المعلومات ترتفع مخاطر تعرضها لمشكلات شتى: إذ أكد الأفراد المشاركون مخاوفهم من احتمال الإغلاق المفاجئ لخدمات أساسية تعتمد على شبكة المعلومات، والتعرض للتهديد والابتزاز وطلبات الفدية وسرقة البيانات الشخصية والتعدي على الخصوصية وحقوق الملكية الفكرية. ويبدو أن هناك تخوفاً من عدم قدرة السلطات العامة على مواجهة مخاطر الأمن السيبراني، حيث ذكر 26 في المائة فقط من الخبراء المشاركين في تقرير «أكسا»، أن هذه الجهات المعنية لديها استعدادات كافية للمواجهة، ومع تزايد حالات اختراق أمن شبكات المعلومات ارتفعت القيود الرقابية وإجراءات الحماية المطلوبة، بما جعل سوق أمن المعلومات من الأكثر نمواً في خلال الأعوام الماضية مع اتجاه عام لمزيد من التوسع في المستقبل.

     

    ومع هذا الرصد لتوجهات عالمية تقدر المخاطر الظاهرة، تتجلى أيضاً أهمية استبيان الفرص الكامنة في سبل التعامل معها بدءاً من أدوار مراكز البحث العلمي على مستوى كل دولة، فتستعين بأهل الخبرة وأصحاب التخصصات المختلفة لتحليل مدى تأثر الدولة والمجتمع بهذه المتغيرات. فحسن الاستعداد للمخاطر المذكورة يدركها مبكراً قبل استفحالها وتحولها إلى أزمات مستمرة. ولا يُكتفى في هذا الشأن بتأسيس نظم للإنذار المبكر على قواعد علمية فحسب؛ فهذا شرط ضروري، فالشرط الكافي لا يتحقق إلا بالإعداد المبكر للبشر الذين يتعاملون معها ويستفيدون من معلوماتها من خلال الاستثمار في قدراتهم تعليماً وتدريباً. هذا من شأنه منع المخاطر أو على الأقل تحجيمها والتوقي منها، وسرعة التعامل معها حال حدوثها.

     

     

    والبشر مع هذه التحديات بين رجاء وأمل. رجاءً في أن تكون بداية عام جديد شروعاً في عمل يصلح ما سبق من عجز وإهمال في التصدي الواجب لهذه المخاطر؛ وأمل في أن تأتي الجهود المبذولة بنهايات لها أو التعاون على احتوائها بأقل تضحيات ممكنة.

    نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط

    2022 التنبؤات مقال الدكتور محمود محي الدين صحيفة الشرق الاوسط بدايات مرجوة نهايات مأمولة

    أسعار العملات

    العملةشراءبيع
    دولار أمريكى​ 29.526429.6194
    يورو​ 31.782231.8942
    جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
    فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
    100 ين يابانى​ 22.603122.6760
    ريال سعودى​ 7.85977.8865
    دينار كويتى​ 96.532596.9318
    درهم اماراتى​ 8.03858.0645
    اليوان الصينى​ 4.37344.3887

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
    عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
    عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
    عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
    الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
    الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
    الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

    مواقيت الصلاة

    الإثنين 10:18 صـ
    23 جمادى أول 1446 هـ 25 نوفمبر 2024 م
    مصر
    الفجر 04:58
    الشروق 06:29
    الظهر 11:42
    العصر 14:36
    المغرب 16:55
    العشاء 18:17

    استطلاع الرأي