نصُّ كلمة غادة والي خلال مؤتمر النيابة العامة بشرم الشيخ
محطة مصرألقى القاضي حاتم فؤاد الممثل الإقليمي لمنطقة الخليج بمكتب دول مجلس التعاون الخليجي، كلمة الدكتورة غادة والي المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بفيينا، بالنيابة عنها خلال الحدث الجانبي رفيع المستوى الذى أقامته النيابة العامة، اليوم الثلاثاء، حول أفضل الممارسات وأبرز التحديات لاسترداد عائدات الفساد، أحد فعاليات مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وجاء نص كلمة غادة والي خلال مؤتمر النيابة العامة بشرم الشيخ على النحو التالي:
يسعدني أن أنضم إليكم اليوم لمناقشة أحد أهم الموضوعات ذات الصلة بالتعاون الدولي لمكافحة الفساد، وهو موضوع استرداد الموجودات المسروقة.
اقرأ أيضاً
- الأمم المتحدة: مؤتمر شرم الشيخ محفل دولي هام وفرصة لمحاصرة الفساد ومكافحته
- سنكون صوت الدول النامية.. وزيرة البيئة تعلن تفاصيل الاستعداد لـCOP27
- الاثنين.. انطلاق مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بشرم الشيخ
- إعادة فتح ميناء شرم الشيخ البحري واستئناف الحركة الملاحية
- غدًا.. مصر للطيران تسير 82 رحلة جوية
- السيسي يكلف بتطوير منطقة الرويسات في شرم الشيخ ورفع كفاءة شبكة الطرق الداخلية
- رئيس الوزراء: 600 مليون جنيه تكلفة تنفيذ مشروعات تنموية وخدمية بشرم الشيخ
- رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ عدد من المشروعات التنموية والخدمية بمدينة شرم الشيخ
- الملا يبحث مع مدير وكالة الطاقة الدولية التعاون لإنجاح قمة المناخ المقبلة بشرم الشيخ
- رسالة سلام وازدهار.. كل ما تريد معرفته عن منتدى شباب العالم
- 5 موضوعات تتصدر منتدى شباب العالم يناير 2022.. تعرف عليها
- 3 محاور رئيسية لمنتدى شباب العالم.. اعرف التفاصيل
إن الموجودات المسروقة تستنزف موارد الدول، وخاصة الدول النامية، وتحرم شعوبها من ثرواتهم، مما يحرمهم من حقهم في العدالة والمساءلة، ويعيق آمالهم في تحقيق التنمية المستدامة، حيث تنهب شبكات الفساد الموارد التي تحتاجها هذه الدول للاستثمار في مستقبلها وتحريك عجلة الاقتصاد ومعالجة الفقر.
وفي هذا الإطار، تمثل الشبكات الإجرامية التي تسمح بسرقة وتهريب الموجودات تهديداً حقيقياً أيضاً لأمن المجتمعات، فهي التي تتيح الفرصة لنقل عائدات الجريمة عبر الحدود الوطنية وبما يسمح بتوظيفها والإفلات من الملاحقة القانونية، حيث يتم تهريب هذه الأموال ووضعها في حسابات بنكية وصناديق استثمارية مغمورة تملكها شركات مشبوهة أو وهمية.
وعليه، فإن هذا النوع من الفساد يمُكن أنواعا أخرى من الجريمة مثل الاتجار بالبشر والجرائم ذات الصلة بالمخدرات وغيرها، ويجعل هذه الجرائم مربحة لمرتكبيها.
إن استعادة الموجودات المسروقة ومعاقبة المرتكبين هي مسئولية دولية مشتركة، فهذه جريمة عابرة للحدود بطبيعتها، لا يمكن التصدي لها إلا عن طريق التعاون الدولي الوثيق، وهو أمر مطلوب لكي تفي الدول بتعهداتها المشتركة لمكافحة الفساد وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد، تمثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أداة دولية لا غنى عنها، فهي تعتبر أول اتفاقية دولية تتناول قضية استرداد الموجودات، والتي تم تخصيص الفصل الخامس من الاتفاقية كاملاً لمعالجتها، حيث يؤكد هذا الفصل من الاتفاقية على أن استرداد الموجودات يعد ضمن المبادئ الأساسية التي يتعين الالتزام بها لمكافحة الفساد.
وعلى الرغم من هذا الالتزام الدولي، والذي تم إقراره في اتفاقية دخلت حيز النفاذ منذ خمسة عشر عاماً وأصبحت تضم 189 دولة، إلا أن استرداد الموجودات بشكل فعال يظل ضمن أصعب التحديات التي تواجه التعاون الدولي ضد الفساد، فعملية الاسترداد تستغرق وقتاً وتستنفذ موارد الدول، فضلاً عن أنها تواجه عقبات إجرائية وتشريعية لا حد لها.
وقد كشفت الدراسات الاستقصائية التي أجراها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن أبرز التحديات التي تواجه الخبراء العاملين في مجال استرداد الموجودات هي رفض أو عدم الاستجابة لطلبات المساعدة القانونية لأسباب غير واضحة، وصعوبة التعرف على المالكين المنتفعين من عائدات الفساد والجريمة.
كما أن آلية استعراض اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتي تقوم حالياً بإجراء دورة الاستعراض الرابعة المعنية بموضوع استرداد الموجودات، قد توصلت حتى الآن إلى نتائج مشابهة، فقد أبرزت عملية الاستعراض في العديد من الدول صعوبة تفعيل أمور تنفيذ تجميد ومصادرة الموجودات الصادرة عن جهات أجنبية، وكذلك صعوبة التحقق من المالكين المنتفعين لتلك الموجودات.
هناك حاجة ماسة لتعزيز التعاون الدولي من خلال وضع آليات لتيسير وتسريع التعاون في مجال استرداد الموجودات، وذلك بالتوازي مع بناء القدرات وتطوير التشريعات اللازمة لتسهيل هذا التعاون.
هذا هو تحديداً هدف مبادرة "ستار" الخاصة باستعادة الموجودات المسروقة، التي يعمل من خلالها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالتعاون مع البنك الدولي لدعم الجهود الدولية في هذا المجال، وهي ذات المبادرة التي نحتفل بها اليوم على هامش مؤتمر الدول الأطراف.
تقدم مبادرة "ستار" الدعم الفني للدول فيما يتعلق باسترداد الموجودات المسروقة ومكافحة غسل العائدات المالية للفساد، وذلك من خلال تقديم التدريب ومساعدة الدول على صياغة ومراجعة التشريعات ذات الصلة، فضلاً عن تعزيز قدراتها العملياتية، وخاصة بالنسبة إلى التحقيقات المالية وجمع المعلومات والتعاون العابر للحدود الوطنية.
وفي عام 2021 قدمنا المساعدة إلى 17 دولة في إطار المبادرة، بما في ذلك الدعم التشريعي، والذي نتج عنه اعتماد عدة قوانين وتعديلات جديدة تتعلق باسترداد الموجودات في عدد من الدول، إضافةً إلى تعزيز عمليات التنسيق الداخلي بين الجهات المعنية.
واليوم، فقد قمنا في إطار المبادرة بإطلاق إصدارٍ جديد حول تنفيذ أمور المصادرة الأجنبية، وذلك بهدف مساعدة الدول على مواجهة أبرز التحديات الراهنة في هذا الإطار.
بالإضافة إلى تمكين الدول من مكافحة هذا النوع من الفساد، علينا أن نعمل سوياً من أجل بناء الثقة بين الجهات المعنية في الدول المختلفة، ووضع أسس قوية تمكنها من التعاون الفعال، ولذلك، فنحن حريصين على الاستمرار في دعم الشبكات الإقليمية والدولية المعنية باسترداد الموجودات.
قام مكتبنا هذا العام بإنشاء شبكة "جلوب" العالمية المخصصة لجهات إنفاذ القانون المعنية بالفساد، والتي تهدف إلى توفير منصة دولية للتعاون السريع والمباشر بما يقلص من العقبات الإجرائية أمام هذا التعاون. وعليه، أود أن انتهز هذه الفرصة لأدعوكم للتفاعل مع هذه الشبكة، والتفاعل أيضاً مع جهودنا لدعم قدرات وآليات استرداد الموجودات.
إذا أردنا بالفعل ملاحقة ومعاقبة المجرمون والفاسدون، فأحد أهم أركان جهودنا يتمثل في منعهم من الاستفادة من عائدات أعمالهم الإجرامية، والتي تهدد مستقبل وحقوق المجتمعات من أجل مصالحٍ خاصة.
أود أن أتقدم بخالص الشكر إلى المستشار حمادة الصاوي، وإلى النيابة العامة المصرية، لجهودهم المبذولة لعقد هذا الحدث الهام، والذي يسلط الضوء على موضوع محوري ذات صلة بالجهود الدولية.