مساعي شركة ”أبل” لإنتاج السيارات الكهربائية الذكية تهدد بإزاحة ”تسلا” عن عرشها
محمد مجاهد محطة مصر
في يونيو من عام 2017 ، وبينما كان تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل يتحدث عن الخطط المستقبلية للشركة أماط اللثام عن استراتيجية تتبناها الشركة بشأن تطوير برامج القيادة الذاتية للسيارات، وذلك في لحظة صراحة نادرة من الرئيس التنفيذي للشركة التي اعتادت طوال تاريخها على فرض سياجًا من السرية في أدق خططها.
لكن الأمر لم يبدأ منذ التاريخ المشار إليه سالفا، فقبل ثلاث سنوات وتحديدًا في خلال الربع الأول من عام 2014 بدأت شركة أبل في الالتفات لهذا المجال الذي برعت فيه شركة "تسلا" الأمريكية وحققت فيه نجاحات كبيرة جعلها في صدارة شركات السيارات العتيدة. في هذه الأثناء وبينما كانت تسلا تحتفل بسيارتها الرائدة موديل S شرعت أبل بالفعل في تعيين ألف موظف لتطوير نظام للقيادة الذكية، في مكان سري بالقرب من مقرها الرئيس بمدينة كوبرتينو بولاية كاليفورنيا.
نتائج مخيبة للتطلعات
لم تسر الرياح كما اشتهت أبل، حيث واجهت الشركة تحديات كبيرة أثناء تنفيذها المشروع الذي بدأته عام 2014 وأطلقت عليه اسم "تيتان" لإطلاق سيارتها الكهربائية الأولى، وبالفعل كادت أن تتراجع عن المضي فيه، وسرت شائعات في عام 2016 تفيد بعزم الشركة تجميد تلك الخطط تماما لكنها في النهاية تغلبت على المعوقات التي واجهت عمليات التطوير واضطرتها لتسريح مئات العاملين، وقررت إسناد قيادة خطة التطوير لجون جياندرا رئيس قطاع الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بالشركة.
فرضت شركة أبل سياجا من السرية كعادتها على تفاصيل مشروع القيادة الذكية ولم يتضح ما إذا كانت ستكتفي بإطلاق نظام القيادة الذكية فقط أم ستتجه لبناء سيارة كهربائية متكاملة. كل هذه التكهنات تم حسمها لاحقا حينما التحق دوج فيلد -المهندس المخضرم بشركة تسلا- للعمل في شركة أبل في أغسطس 2018 كمدير لقسم المركبات الكهربائية، لتتأكد نوايا الشركة المتجهة لبناء سيارة ذكية وعدم الاكتفاء بتطوير نظام للقيادة الذكية فقط.
أبل تفاجئ العالم مجددًا
في ديسمبر الماضي أفادت وكالة رويترز بأن شركة أبل تستهدف انتاج سيارتها الكهربائية المتكاملة بعد وصولها لمراحل متقدمة للغاية في تطوير تكنولوجيا بطاريات ليثيوم عالية المستوى وتعمل بقدرة هائلة، وذلك على مستوى المسافة المقطوعة أو الكفاءة، بالتزامن مع الكشف عن تعاونها مع أحد الشركاء لبناء هياكل السيارات، من بينهم شركة "هيونداي" الكورية ومصنعين آخرين.
ويراقب الخبراء عن كثب تطورات خطط شركة أبل الرامية نحو طرح سيارتها الكهربائية الأولى في غضون ثلاث سنوات وفقا لبعض التسريبات، وإن كان بعض المراقبون يشككون في قدرة الشركة على طرح السيارة قبل عام 2027.
وارتفعت أسهم شركة أبل بشكل كبير بمجرد تسرب أنباء استحواذها على شركة "درايف ايه اي" الناشئة في مجال تطوير تقنيات القيادة الذاتية، باستخدام الذكاء الاصطناعي، لتقطع الشركة بذلك خطوات متقدمة في طريق بناء مركبة ذاتية القيادة تتيح للمستخدم إدخال وجهته وقيادته آليا صوب تلك الوجهة دون تدخل مباشر منه.
مستقبل المنافسة بعد دخول أبل
فرض دخول شركة أبل لمجال صناعة السيارات الذكية قلقا كبيرا لدى العديد من الشركات التي مازالت تختبر قدراتها في هذا المجال الواعد ومن بينها شركة "جوجل" التي تعمل هي الأخرى على تطوير سيارتها الذكية من خلال شركة وايمو المملوكة لها.
ويعتقد محللون بسوق "وول ستريت" إن أبل تمثل تهديدًا حقيقيًا لسيارات ايلون ماسك صاحب شركة "تسلا". وبحسب كاتي هوبرت محللة أجهزة تكنولوجيا المعلومات الأمريكية إن شركة تسلا قد تواجه نفس مصير شركة بلاك بيري التي لم تصمد في وجه عمالقة صناعة الهواتف المحمولة في العالم، وعلى رأسهم "أبل" بعد أن ظلت هواتف بلاك بيري ملء السمع والبصر. في المقابل فإن محللين من مؤسسة "مورجان ستانلي" ،يعتقدون أن شركة تسلا ستكون أشبه بشركة "سامسونج" في مواجهة أبل، بما يعنى أن هناك فرص مشتركة للتنافس والنمو بين الشركتين.
وعلى الرغم من أن هناك قلق لدى البعض من عدم جدوى الاستثمار في صناعة السيارات الكهربائية، حيث تشير الأرقام إلى أن هوامش الربح لا تتجاوز 20%، إلا أن الشئ المبشر هو أن هوامش الربح في سوق الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء ،ظلت متضائلة إلى أن دخلت شركة أبل بثقلها وتسببت في زيادة هوامش الربح وهذا السيناريو قابل للتكرار في صناعة السيارات الذكية.
لكن ما يثير المخاوف الحقيقية على عملاق صناعة الأجهزة الذكية في العالم هو عدم امتلاكها مصنعًا لبناء هياكل السيارات ومكوناتها، الأمر الذي يعني أن أمام شركة أبل سنوات طويلة لتحقيق مستهدفاتها، فضلا عن دخول شركات إنتاج السيارات التقليدية مثل فورد وفولكس فاجن في هذا السباق ،جنبا إلى جنب مع الشركات الوافدة مؤخرا كشركة نيكولا ونيو، بما سيؤدي لاحتدام المنافسة في سوق السيارات الكهربائية الذكية ومضاعفة التحديات أمام شركة "أبل".