بعد رفضه الاستقالة.. كيف يتفاعل لبنان مع أزمة تصريحات قرداحي ضد السعودية؟

أزمة جديدة اختلقها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، وضعت لبنان في مأزق جديد مما زاد الطين بلة، حيث اعتبر أن الحوثيين المدعومين من إيران "يدافعون عن أنفسهم.. في وجه اعتداء خارجي" من السعودية والإمارات، في تصريحات سابقة له قبل تعيينه بالوزارة اللبنانية.

تصريحات قرداحي وأزمة لبنان

وقال قرداحي في تصريحاته التي اعتبرتها السعودية والإمارات مسيئة: "الحوثيين منازلهم وقراهم وجنازاتهم وأفراحهم تتعرض للقصف بالطائرات التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية".

تسببت تصريحات وزير الإعلام اللبناني، في خلق حالة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفع حكومة السعودية ولإمارات لاتخاذ مواقف صارم ضد لبنان.

رد سعودي

من جانبها أعربت وزارة الخارجية السعودية في بيان، عن أسفها لما تضمنته التصريحات المسيئة الصادرة عن وزير الإعلام اللبناني حيال جهود تحالف دعم الشرعية في اليمن التي تقودها السعودية.

واعتبرت السعودية، تصريحات قداحي تحيزًا واضحًا لمليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة، معقبة: "تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف السياسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين".

واستدعت السعودية، سفير لبنان، وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص، قبل أن تقرر استدعاء سفيرها في بيروت وطرد السفير اللبناني.

موقف إماراتي

كما استنكرت دولة الإمارات، تصريحات قرداحي، معربة عن استنكارها واستهجانها الشديدين إزاء هذه التصريحات المشينة والمتحيزة، التي أدلى بها جورج قرداحي وزير الإعلام بالجمهورية اللبنانية، والتي أساءت إلى دول تحالف دعم الشرعية في اليمن.

واستدعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية سفير لبنان لدى الإمارات وأبلغته احتجاجها واستنكارها على هذه التصريحات، التي تعد مهاترات تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية وتاريخ علاقات لبنان مع دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وتنم عن الابتعاد المتزايد للبنان عن أشقائه العرب.

موقف الحكومة اللبنانية

فيما أكدت الحكومة اللبنانية، الثلاثاء الماضي، أن تصريح قرداحي مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقًا، خصوصًا في ما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب، مشيرة إلى أنها جاءت في مقابلة أجريت معه قبل توليه منصبه الوزاري بعدة أسابيع.

واجتمعت خلية الأزمة الوزارية التي شكلها رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، شارك بها القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى بيروت ريتشارد مايكل في جزء من الاجتماع.

وقال وزير التربية عباس الحلبي: "نقول إن المعالجة قائمة وأملنا كبير بأننا سنتوصل في وقت قصير إلى استدراك هذا الأمر وإعادة فتح صفحة جديدة".

وأضاف "كل ما تطلبه الحكومة اللبنانية هو فتح أبواب الحوار لأن هذا هو السبيل الوحيد لحل كل المشاكل".

وقالت الرئاسة اللبنانية إن الرئيس ميشال عون "تابع المداولات التي طرحت خلال اجتماع" خلية الأزمة.

وأضافت أن الرئيس جدد التأكيد على حرصه على إقامة أفضل وأطيب العلاقات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومأسسة هذه العلاقات وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بحيث لا تؤّثر عليها المواقف والآراء التي تصدر عن البعض، وتتسبب بأزمة بين البلدين لا سيما وأن مثل هذا الأمر تكرر أكثر من مرة.

دعت مجموعة من رؤساء وزراء لبنان السابقين، السبت، وزير الإعلام جورج قرداحي للاستقالة، على خلفية تصريحاته التي أثارت أزمة مع السعودية ودول خليجية أخرى.

مطالبات باستقالة قرداحي

في السياق ذاته طالب مجموعة من رؤساء الحكومة اللبنانية السابقين، وزير الإعلام بالاستقالة، على خلفية تصريحاته التي وضعت لبنان في أزمة عربية.

وقال رؤساء الحومة السابقين فؤاد السنيورة، وسعد الحريري، وتمام سلام، في بيان، إن "آراء قرداحي ضربة للعلاقات الأخوية والمصالح العربية المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربية، وتحديدًا مع دول مجلس التعاون الخليجي".

قرداحي يرفض الاستقالة

وإلا أن وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي خرج في تصريح جديد، اليوم الأحد، أكد خلاله أنه لن يستقيل من منصبه، معقبًا: "استقالتي من الحكومة غير واردة".

انتكاسة بين لبنان والمحيط العربي

على صعيد متصل أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أمس السبت، عن بالغ قلقه وأسفه للتدهور السريع في العلاقات اللبنانية الخليجية.

وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة، أن الأزمة، التي تسببت فيها تصريحات قرداحي، وما تلاها من أحداث ومواقف، كان يتعين أن تعالج لبنانيا بشكل ينزع فتيلها، ولا يذكي نارها على نحو ما حدث، وأوصل الأمور إلى انتكاسة كبيرة في علاقات لبنان بمحيطه العربي عمومًا والخليجي خصوصا.

وأضاف المصدر، أن الأمين العام لجامعة الدول العربية لديه ثقة في حكمة وقدرة الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي على السعي السريع من أجل اتخاذ الخطوات الضرورية التي يمكن أن تضع حدا لتدهور تلك العلاقات، ويسهم في تهدئة الأجواء ورأب الصدع الذي تسببت فيه مواقف لأطراف ترغب ولديها مصلحة في تفكيك عري الأخوة التي تربط لبنان وشعبه العربي بأشقائه في الخليج والدول العربية.

وناشد أبو الغيط، المسؤولين في دول الخليج بتدبر الإجراءات المطروح اتخاذها في خضم ذلك الموقف بما يتفادى المزيد من التأثيرات السلبية على الاقتصاد اللبناني المنهار، والمواطن الذي يعيش أوضاعا غاية في الصعوبة.