في اليوم العالمي لسرطان الأطفال...تعرف على قصة نجاح مستشفى 57357
دينا عادل محطة مصرتعتبر مستشفى 57357 من أهم مستشفيات علاج سرطان الأطفال حول العالم، وقد قاربت نسب الشفاء بها من الوصول إلى 75%، ويعتبر بهذا الرقم أنها قاربت من الوصول إلى نسب الشفاء العالمية، حيث أن أعلى نسبة للشفاء في الولايات المتحدة الأمريكية 82%.
وكانت المستشفى مجرد حلم حققه الشعب المصري بمختلف فئاته وكل توجهاته، ويعتبر بناؤها هو أول عمل حقيقي للمجتمع المدني نراه على أرض الواقع، مما أدى إلى بث الروح بين مؤسسات المجتمع المدني وجعلهم يتحركون في مجالات كثيرة.
وبدأت قصة المستشفى التي تعتبر الآن أيقونة مصرية وعربية نفخر بها جميعًا من اليأس، حيث لم يكن هناك مكان مخصص لسرطان الأطفال في مصر غير غرفتين في معهد الأورام مكونين من 8 أسرة متهالكين جدًا وفي حالة سيئة، ولم يكن هناك حتى زجاج يقيهم من حر الصيف أو من برد الشتاء.
وكانت هناك معاناة رهيبة، حيث لم يتوافر لديهم المستلزمات الطبية اللازمة ولم يكن لدى الناس الوعى الكافي بوجود ما يسمى بسرطان الأطفال، وفي يوم من الأيام حدث شيء مأساوي للدكتور شريف أبو النجا، الأستاذ في معهد الأورام والرئيس التنفيذي لمستشفى 57357، حيث توفى أمامه 13 طفل في ساعتين.
الدكتور شريف أبو النجا
وخرج الدكتور شريف يبكي، وقرر عدم ممارسة الطب مرة أخرى والابتعاد عن المجال تمامًا وأخذ موقف خاص من المهنة حتى كاد أن يمزق البالطو الخاص به، وخرج من معهد الأورام في القصر العيني، وتوجه إلى الشيخ الشعراوي الذي كان يجلس مع مجموعة من أصدقائه.
وقال الدكتور للشيخ الشعراوي: "أنا كنت بمارس طب، ومش همارس الطب تاني"، فتعجب منه الشيخ وسأله عن السبب، فأوضح له الدكتور أنه مات منه 13 طفل في ساعتين بسبب أنه ليس هناك مستلزمات وإمكانيات طبية تدعم الأطفال هناك دعمًا ملموسًا.
فقد وصل الإهمال الطبي هناك إلى أن الأطفال يستعملون نفس السرنجة، وإذا كانت أم الطفل لديها القليل من الوعي تقوم بغلي السرنجة قبل الاستعمال، وطلب الدكتور من الشيخ الشعراوي أن يساعده في عمل شيء يحد به من هذا الإهمال، فتكاتفوا جميعًا وجمعوا 10 مليون جنيه من 10 رجال الأعمال.
وذهب الدكتور شريف لعمل دراسات جدوى معينة وقرر البدء من حيث انتهى الآخرون، واستطاع استكمال المبلغ من أطفال مصر الذين تبرعوا لمساعدة الأطفال الآخرين المصابين بالسرطان.
فقد حقق أول إعلان نجاحًا كبيرًا، حيث استطاع جمع حوالي 28 مليون جنيه من أطفال مصر، وكانت قطعة الأرض المخصصة لبناء المشروع في ذلك الوقت صغيرة وليست بالمساحة الموجودة حاليًا.
ولم يتوقع أحد هذا النجاح الذي تم تحقيقه، فكل من آمنوا بالفكرة وساعدوا فيها هم شركاء نجاح، وخصوصًا الناس الطيبة البسيطة الذين تضامنوا معًا واتحدوا لتحقيق هذا الحلم.
وكبرت الفكرة وكبر الحلم الذي بدأ بالمحبة، حتى أصبحت الآن ليست مجرد مستشفى للعلاج بل أصبح لها دور اجتماعي ووطني في مجالات مختلفة ومترابطة، فأصبح بها مسجد وكنيسة ومدرسة دولية، وأصبح هناك بها بحث علمي متطور جدًا حتى أن جامعة هارفرد أصبحت تشاركها في الزمالة.
كما أن المؤسسة تهتم بالتعليم الحقيقي، فالأطفال يدخلون المدرسة حتى بعد شفائهم وعودتهم إلى بيوتهم، وتخرج المدرسة سنويًا حوالي 30 أو 40 طالب ثانوية عامة ويتم تنظيم مؤتمر لهم تحضره جامعات عالمية، وتختار كل جامعة عددًا من الطلبة.
وتعتبر بذلك مستشفى 57357 بالفعل رحلة علم هدفها الحياة، وتتحقق بداخلها العدالة الاجتماعية الحقيقية، ولا يوجد بها وسائط أو مجاملات بل هي بأولوية الحضور، ولا تعتمد على شهادة فقر أو ثراء.