يوم أسلم الفاروق.. وبه أعز الله الإسلام
فاطمة هشام محطة مصرهو الفاروق عمر بن الخطاب الذي فرق بين الحق والباطل، ثاني الخلفاء الراشدين، والذي قيل عنه مات العدل يوم مات عمر وذلك لشدة عدله وإنصافه للمظلوم.
نسب عمر بن الخطاب:
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العدوي القرشي.
اقرأ أيضاً
يجتمع نسبه مع الرسول محمد في كعب بن لؤي بن غالب.
مولد عمر بن الخطاب ونشأته:
ولد عمر بن الخطاب بعد عام الفيل، أي بعد ميلاد الرسول محمد بثلاث عشرة سنة.
عمل عمر بن الخطاب راعيًا للإبل وهو صغير، حيث كان يرعى إبل والده ويرعى لخالات له من بني مخزوم، وكان والده يعامله بغلظة.
تعلم عمر ابن الخطاب المصارعة وركوب الخيل والفروسية، والشعر.
كان عمر ابن الخطاب سفيرًا لقريش، فقد كانت قريش تبعثه في حالة وقوع الحرب بين قريش وبين غيرها من القبائل.
كان عمر ابن الخطاب مغرمًا بالخمر والنساء، كما نشأ في بيئة الجاهلية الوثنية.
معادته للإسلام:
منذ بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوة التوحيد، عاداه عمر بن الخطاب، فقد كان عمر ابن الخطاب من أشد ألد أعداء الإسلام، وكان يؤذي المسلمين بشدة وكان غليظ القلب عليهم.
يروى عنه أنه كان يعذِّب جارية له عندما علم بإسلامها من أول النهار حتى آخره، ثم يتركها نهاية الأمر ويقول: "والله ما تركتك إلا ملالةً".
كان عمر بن الخطاب يتبع رسول الله محمدًا ليخيف أي أحد يدعوه الرسول للإسلام.
إسلام عمر بن الخطاب:
كان عمر بن الخطاب رغم قسوته الشديدة إلا أنه كان يتمتع برقة خفية نادرة.
تروي عن رقة عمر ابن الخطاب زوجة عامر بن ربيعة حليف بني عدي، وذلك حينما رآها عمر وهي تعد نفسها للهجرة إلى الحبشة، فقال لها كلمة شعرت من خلالها برقة عذبة في داخله، وأحست بقلبها أنه من الممكن أن يسلم عمر، وذلك أنه قال لها: "صحبكم الله".
ولم تتوان زوجة عامر بن ربيعة في أن تخبر زوجها بما رأت من عمر، فرد عليها بقوله: "أطمعت في إسلامه؟" قالت: "نعم".
ولأن الانطباعات الأولى ما زالت محفورة في نفسه، رد عليها زوجها بقوله: "فلا يسلم الذي رأيتِ حتى يسلم حمار الخطاب".
عاش عمر بن الخطاب صراعًا كبيرًا بداخله بعد رؤيته لمدى ثبات المسملين على إسلامهم وتضحيتهم في سبيله بأنفسهم وأموالهم وأولادهم، وكيف أنه خير من يعلم أن من هو محمد الصادق الأمين.
في هذه الفترة كان عمر بن الخطاب يعيش صراعًا نفسيًا حادًا، فقد حدثه قلبه بأن هؤلاء الناس قد يكونون على صواب، ورأى أن ثباتهم عجيب جدًّا فيما يتعرضون له، وهم يقرؤون كلامًا غريبًا لم تسمع قريش بمثله من قبل، هذا إضافةً إلى أن رئيسهم محمدًا ليس عليه من الشبهات شيء، فهو الصادق الأمين باعتراف أعدائه من القرشيين. وفي الوقت نفسه حدثه عقله بأنه سفير قريش، وقائد من قادتها، والإسلام سيضيّع كل هذا، فذلك الدين قسم مكة إلى نصفين، نصف يؤمن به ونصف يحاربه، فمنذ ست سنوات والقرشيون يعانون المتاعب والمشاكل بسببه، ويدخلون في مناظرات ومحاورات. وفي غمار هذا الصراع الداخلي ولأن من طبعه الحسم وعدم التردد، فقد قرر أن ينتهي من كل ما يؤرقه، وأراد أن يخلص نفسه ويخلص مكة كلها ممن أحدث فيها هذه البدع وتلك المشاكل، فقرر أن يقوم بما فكر فيه كثير من مشركي قريش قبل ذلك، لكنهم لم يفلحوا فيه، ألا وهو قتل محمد.
أسلم عمر بن الخطاب في شهر ذي الحجة من السنة الخامسة من البعثة، وذلك بعد إسلام حمزة بن عبد المطلب بثلاثة أيام، واختلفت الروايات حول عمره عند إسلامه فمنهم من قالأن كان يبلغ من العمر ما يقارب الثلاثين سنة، ومنهم من قال أنه يبلغ بضعًا وعشرين سنة.
وكان إسلام عمر بن الخطاب استجابة لدعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ قال: «اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين، عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام. قال: "وكان أحبهما إليه عمر"».
كان عمر بن الخطاب هو المتمم للأربعين من المسلمين فقد سبقه إلى الإسلام تسعة وثلاثون صحابيًا، فعن ابن عباس أنه قال: «أسلم مع رسول الله ﷺ تسعة وثلاثون رجلاً، ثم إن عمر أسلم، فصاروا أربعين، فنزل جبريل عليه السلام بقوله كلمة تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
جاهر عمر بن الخطاب بالإسلام ولم يخشى أحدًا، فلم يرضَ مثلًا عن أداء المسلمين للصلاة في شعاب مكة بعيدين عن أذى قريش، بل فضل مواجهة القوم بكل عزم، فقام وقال للنبي: "يا رسول الله ألسنا على الحق؟"، فأجابه: "نعم"، قال عمر: "أليسوا على الباطل؟"، فأجابه: "نعم"، فقال عمر بن الخطاب: "ففيمَ الخفية؟"، قال النبي: "فما ترى يا عمر؟"، قال عمر: "نخرج فنطوف بالكعبة"، فقال له النبي: "نعم يا عمر"، فخرج المسلمون لأول مرة يكبرون ويهللون في صفين، صف على رأسه عمر بن الخطاب وصف على رأسه حمزة بن عبد المطلب وبينهما النبي محمد، حتى دخلوا وصلّوا عند الكعبة. ومن بعيدٍ نظرت قريش إلى عمر وإلى حمزة وهما يتقدمان المسلمين، فَعَلتْ وجوهَهُم كآبة شديدة، يقول عمر: «فسماني رسول الله ﷺ الفاروق يومئذٍ».