في ذكرى ميلاده.. الشيخ عبدالحليم محمود الثائر الذي بشر بنصر أكتوبر
محمود الصادق محطة مصرالشيخ عبدالحليم محمود، ترك وراءه مشوار علمي ودعوي عظيم، كما كان له دور كبير في حفظ الأزهر لهيبته وتطويره واستمرار مسيرته.
نشأته
اقرأ أيضاً
- الطيب يهدي الرئيس السيسي مصحف الأزهر الشريف كهدية تذكارية
- رسائل شيخ الأزهر خلال احتفال المولد النبوي.. قيم وأخلاق وسماحة الرسول الأبرز
- دوري المظاليم .. اتحاد المنزلة يضم خالد السادات جناح ميت سلسيل موسم واحد
- وزير الداخلية يهنئ شيخ الأزهر بذكرى المولد النبوي
- فى ذكرى توليه الحكم .. حسني مبارك الرئيس الذي أبكى الملايين بخطابه الأخير
- وكيل تعليم بورسعيد يشهد احتفالية مدارس النيل المصرية لإحياء ذكرى نصر أكتوبر
- خطاب الحرب في ملحمة العبور
- شيخ الأزهر يطالب باتخاذ جميع الإجراءات لضمان حقوق الفتيات
- شيخ الأزهر: حقوق المرأة في الإسلام مصونة بسياج رباني وتتفق مع الفطرة
- جامعة عين شمس تهنئ إدارة التربية العسكرية بالجامعة في الذكرى الـ 48 لحرب أكتوبر المجيدة
- دفعة السادات وعبد الناصر.. أحمد مظهر قائد مدرسة الفروسية الذي بكى في عهد مبارك
- طابور الصباح والحصة الأولى بالمعاهد الأزهرية الأحد المقبل للحديث عن نصر أكتوبر
ولد الشيخ عبدالحليم محمود، الذي ينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين رضى الله عنه، في قرية أبو أحمد بمدينة بلبيس في محافظة الشرقية في 12 مايو 1910، والتي نسبت إلى جده، حتى تغير اسمها الآن لقرية السلام، وفيها المسجد الذي أنشأه شيخ الأزهر الأسبق قبل وفاته وأوصى بأن يدفن فيه، والآن يستقر به ضريحه الذى صمم ليكون منفصلاً عن المسجد.
تعليمه
التحق الشيخ عبدالحليم محمود، بالأزهر سنة 1923، وحصل على شهادة الثانوية الأزهرية عام 1928، واستكمل دراسته العليا ليحصل على العالمية سنة 1937، ثم حصل على الليسانس في تاريخ الأديان والفلسفة من جامعة السوربون، حتى نال الدكتوراة عن موضوعه "أستاذ الثائرين الحارث بن أسد المحاسبي" فى 8 يونيو 1940، بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى وطبعتها الجامعة باللغة الفرنسية.
مؤلفاته
بلغت مؤلفات شيخ الأزهر الأسبق، نحو 100 كتاب سواء في التأليف أو التحقيق أو الترجمة، أما عن أول كتبه فقصة ترجمها عن الفرنسية من تأليف أندريه موروا عام 1946، وهى رواية "وازن الأرواح" من روايات الخيال العلمي، بعد ذلك توالت مؤلفاته التي كان التصوف محورها الرئيسي، وله أيضًا عدة مؤلفات في الفلسفة الإسلامية وفي الفلسفة اليونانية والأخلاق، وكتب كذلك عدة مؤلفات في السيرة النبوية.
توليه مشيخة الأزهر
في 27 مارس 1973 صدر قرار تعيينه شيخاً للأزهر الشريف، وكانت الحاجة وقتها ملحة لإقامة قاعدة عريضة من المعاهد الدينية التي تقلص عددها وعجزت عن إمداد جامعة الأزهر بكلياتها العشرين بأعداد كافية من الطلاب، وهو الأمر الذي جعل جامعة الأزهر تستقبل أعداداً كبيرة من حملة الثانوية العامة بالمدارس، وهم لا يتزودون بثقافة دينية وعربية تؤهلهم أن يكونوا حماة الإسلام.
أدرك وقتها الشيخ عبدالحليم محمود، خطورة هذا الموقف فجاب القرى والمدن يدعو الناس للتبرع لإنشاء المعاهد الدينية، فلبى الناس دعوته وأقبلوا عليه متبرعين.
رؤيته لنصر أكتوبر
قبل نصر أكتوبر المجيد، رأى شيخ الأزهر الأسبق النبي صلى الله عليه وسلم، في منامه وهو يعبر قناة السويس ومعه عدد من العلماء المسلمين وخلفه القوات المسلحة، وأخبر الرئيس الراحل أنور السادات بهذه البشارة العظيمة.
ألقابه
أطلق على الشيخ عبدالحليم محمود، عدة ألقاب جميعها لها علاقة بالتصوف لما كان يوصف به من الزهد والإيمان بالله، فكان مثلاً للصوفية المتمسكة بكتاب الله، البعيدة عن الإفراط والتفريط، وأطلق عليه غزالي مصر، وأبو المتصوفين.
كانت كتاباته الصوفية لها الحظ الأوفر من مؤلفاته، فكتب "قضية التصوف: المنقذ من الضلال"، والذي عرض فيه لنشأة التصوف، وعلاقته بالمعرفة وبالشريعة، وتعرض بالشرح والتحليل لمنهج الإمام الغزالي في التصوف، كما ترجم لعشرات الأعلام الصوفيين، مثل "سفيان الثوري، وأبي الحسن الشاذلي، وأبي مدين الغوث"، وغيرهم الكثير.
صدامه مع السادات
دخل الشيخ عبدالحليم محمود، في صدامات كبيرة مع السلطة خلال فترة توليه المشيخة، فبعد عام واحد من توليه منصبه قدم استقالته إلى الرئيس الراحل محمد أنور السادات بسبب تقليص صلاحيات شيخ الأزهر لصالح وزير الأوقاف، ونتيجة لعدم رد الرئيس الراحل قدم عبدالحليم طلب بتسوية معاشه الأمر الذي أثار ضجة كبيرة.
اشترط الشيخ عبدالحليم محمود للعودة لمشيخة الأزهر، أن يكون شيخ الأزهر بدرجة نائب رئيس جمهورية، وعقب ذلك دعاه الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى ميت أبوالكوم وقال له "لك ما طلبت"، وبالفعل صار شيخ الأزهر بدرجة رئيس وزراء.
موقفه من "التكفير والهجرة"
وخلال توليه المشيخة، تعرض الأزهر لانتقاد من قبل المحكمة العسكرية التي تصدت للحكم في قضية جماعة "التكفير والهجرة"، بعد استعانتها بعدد من علمائه لإبداء الرأي في فكر الجماعة، وأصدر الشيخ عبدالحليم محمود بيانًا رفضت الصحف نشره باستثناء صحيفة الأحرار، قال فيه: "المحكمة لم تمكن علماء الأزهر من الاطلاع على آراء هذا التنظيم أو الاستماع إلى شرح من أصحابه، والاطلاع على جميع الظروف التي أدت بهم إلى هذا الفكر، واكتفت بأن عرضت عليهم المحضر الذي سجلته النيابة من أقوال ومناقشات، وهذا لا يرقى أن يكون مصدرًا كافيًا يقوم عليه بحث العلماء".
تصديه لقانون الأحوال الشخصية
كما تصدى العارف بالله، لقانون الأحوال الشخصية الذي حاولت الحكومة آنذاك إصداره دون الرجوع إلى الأزهر، وحرصت على إقراره من مجلس الشعب على وجه السرعة، وكان هذا القانون قد تضمن قيوداً على حقوق الزوج على خلاف ما قررته الشريعة الإسلامية.
ولما علم الإمام الأكبر، بهذا القانون أصدر بياناً قوياً حذر فيه من الخروج على تعاليم الإسلام، وأرسله إلى جميع المسؤولين وأعضاء مجلس الشعب وإلى الصحف، ولم ينتظر صدور القانون بل وقف في وجهه قبل أن يرى النور، لكن بيان الشيخ تآمرت عليه قوى الظلام فصدرت التعليمات إلى الصحف بالامتناع عن نشره، واجتمعت الحكومة للنظر في بيان الشيخ عبد الحليم محمود، ولم تجد مفراً من الإعلان عن أنه ليس هناك تفكير على الإطلاق في تعديل قانون الأحوال الشخصية، وبذلك نجح الإمام في قتل القانون في مهده.