مانديلا السجين رقم ”46664...كيف غير العالم من محبسه؟

"كنت مجرد رقم في السجن" قالها مانديلا واصفا ببلاغة شديدة فترة محبسه في زنزانته ذات الـ5 امتار الواقعة في جزيرة روبن.

 لكن مانديلا السجين رقم" 46664 "لم يكن مجرد رقم بالنسبة لمناضلى و احرار العالم الذين ابصروا في السنوات التي قضاها مانديلا داخل محبسه أنها واحدة من أبسل صور النضال و الثبات على المبدأ طول سنوات الحركة العالمية المنادية بنيل حقوق الانسان على اختلاف فصائلهم و قضاياهم.

في ذكرى اطلاق سراح مانديلا موقع "محطة مصر" يستعرض لمحات من دهاء المناضل الاشهر في القرن العشرين من اجل الدفاع عن حقوق شعبه ،و كيف كانت سنوات حبسه باعثا للنضال العالمي من اجل نيل حريته مع حقوق شعبه.

دهاء مانديلا طويل الامد:

-شهدت السنوات التي قضاها مانديلا خارج السجن تخفيا مستمرا من السطات في جنوب افريقيا، حتى لقب بـ "بمبرنيل الاسمر" اقتباسا من بطل الرواية بارع التخفي الذي كتبتها جين اوستن، فغالبا ما تخفى مانديلا في ازياء مختلفة منها زي طاهي و بستاني و حتى تخفى في زي سائق ،وغالبا ما كان يتحرك بهوية سرية تجنبا لقبض السلطات عليه.

ظل مانديلا يتحرك متخفيا عدة سنوات حتى القت السلطات القبض عليه عام 1962 بتهمة التحريض على اثارة الاضطرابات في البلاد بينما كان متنكرا بزي طاهي .

-قضى مانديلا 27 عاما من عمره متنقلا بين سجون مختلفة، كان اولها عام 85 عندما اعقب مظاهرة عارمة في جنوب افريقيا اتجاه نظام الفصل العنصري في البلاد للقبض على 8000 شخص منهم مانديلا الذي حكم عليه،

في الوقت الذي رفض فيه زملائه في السجن تعلم اللغة الافريكانية كان مانديلا دائما ما يحثهم على دراستها و التبحر فيها قائلا"ان معرفة ثقافتهم يمكن مانديلا من معرفة مايدور في اذهان جنرالات السلطة العنصرية و استيعاب تحركاتهم السياسية في نهاية المطاف".

-ظهر دهاء مانديلا مقترن بشجاعته مرة اخرى عندما رفض تماما اطلاق سراحة عدة مرات مقابل مساومات غالبا ما عرضتها سلطات الفصل العنصري عليه، كان اولها عام 1985 عندما عرضت عليه السلطة اطلاق سراحه هو ورفقائه مقابل اعلان وقف المقاومة ضد السلطات لكنه رفض كليا مختارا ان يكمل نضالة السلمي و المسلح ضد السلطات، تكرر الامر عدة مرات كان اخرها عندما عرض رئيس جنوب إفريقيا بيتر بوتا اطلاق سراحة من السجن مقابل وقف مشاركاته في الحياة السياسية، فجاء رد مانديلا بالرفض القاطع متعللا بأن التفاوض مع سلطات الفصل العنصري سيضفي عليها شرعية لم يكن مانديلا مقتنعا بها.

 

حر في محبسه:

فبينما كان نيسلون مانديلا خلف القضبان، كان العالم بأكمله ينظر له كواحد من ابرز ايقونات الكفاح ضد العنصرية والمدافعة عن حقوق شعبه في العالم، اذ كان نضاله هو ما جذب انظار العالم للتركيز على قضية الفصل العنصري في جنوب افريقيا، حتى توالت دعاوى التضامن عالميا ليس فقط مع مانديلا السجين المناضل الاشهر لكن ايضا مع قضايا شعبه المضطهد في مسيرة استجلاب حريته.

اذ كانت الـ 27 عاما التي قضاها مانديلا في محبسة من ابرز محركات الوعي العالم تجاه قضايا المجتمعات الافريقية، حتى بدأ اصحاب الروئ عالميا في استثمار منابرهم المختلفة لدعم نضال مانديلا من اجل حقوق الانسان.

-فبعدما انتهت محكمة ريفونيا التي حكم فيها على مانديلا و رفقائه من اعضاء المئتمر الوطني الافريقي بالاعدام ، توالت الضغوطات العامية على سلطات جنوب افريقيا حتى تراجعت عن تطبيق الحكم مكتفية بعقوبة السجن مدى الحياة.

-كانت فرقة The Special AKA الفنية من اهم صور الدفاع العالمي عن مانديلا، اذ اصبحت اغنيتهم الشهيرة Mandela" Free Nelson" نشيدا عالميا انتشر على نطاق واسع في اغلب دول العالم.

-كما شهدت حقبة الثمانينات في جنوب افريقيا اطلاق حملات متعددة للدعوة لتحرير مانديلا، منها حملة اطلقتها صحيفة "صنداي بوست"، كما نال مانديلا تكريما اجتاح اغلب دول العالم و كانت صورته الاوضح في بريطانيا، اذ اتخذت 9 مقاطعات مانديلا رمزا لمدينتهم، كما اطلق اسيمعه على العديد من الشوارع و الحدائق.

-الا ان التأثير الاهم كان في توقيع رئيس اكثر من 2000 رئيس بلدية في مختلف قارات العالم اعلانا للدعوة لاطلاق سراح مانديلا من خلال الضغط على سلطات الفصل العنصري في جنوب افريقيا.

- في عام 1988أطلقت حملة عالمية ركزت بصورة اساسية على مناهضة الفصل العنصرية عالميا انطلاقا من قضايا شعب جنوب افريقيا بعنوان "Nelson Mandela: Freedom at 70" في حفل موسيقي، لقت الحفلة اهتماما عالمية اذ نقلتها BBC الى أكثر من 60 دولة، واعقب هذا الحفل تجمعات من اجل الدعوة لإطلاق سراح مانديلا منها تجمع في حديقة "هايد بارك" ضم ربع مليون شخص يدعون السلطات للافراج عن المناضل الاشهر.

- كما جذبت رمزية مانديلا المناضل العالمي انظار صناع السينما لتكون قصة سجنه و نضاله من اجل حرية شعبه المحتوي الاساسي الذي ضغطت به السينما على سلطات جنوب افريقيا، فأفلام مثل Goodbye Bafana Mandelaو Invictus وMandela And De Clerk كانت من ابرز ما دفع حركات التحرر و المنظمات العالمية للالتفات بصورة اكثر الى قضايا الفصل العنصرية التي تقوم بها سلطات جنوب افريقيا، تمهيدا للضغط عليه بصورة عالمية من اجل استجلاب الحرية و العدالة لشعب جنوب افريقيا.

وأمام تزايد الضغط الدولي، اطلق سراح مانديلا عام 1990 بعدما واجهت سلطات جنوب افريقيا دعاوى دولية و ضغوطات قوية لتحرير مانديلا الذي اصبح رمزا عالميا للمقاومة، بحيث اصبح نيله لحريته بداية لحقبة جديدة في النضال لإستجلاب حقوق شعب جنوب افريقيا.